حجم النص
بقلم: سليم الحسني أخذ ترامب ما يريد من السعودية مقابل بيعهم وهماً يرضيهم. كانت مهمته بسيطة جداً، وسريعة جداً، وقد بدا واضحاً أن السعوديين صاروا سخرية العالم في وسائل الإعلام الدولية بهذه الصفقة. عند هذه النقطة، كان لابد أن تحدث أزمة داخلية في الجو الخليجي، لينشغل بها السعوديون، ويضطرون الى اللجوء الى ترامب، لينقذهم من التآمر القطري. وحين يجري إتهام قطر بالتآمر، فانها تشعر بالزهو وتعيش أياماً جميلة، لأن ما يهم قطر أن تظهر أمام العالم بأنها دولة الأدوار المؤثرة، فهي من خلال هذا العنوان استطاعت أن تكتسب أهميتها الدولية، وثقلها الإقليمي، وهي من دون هذا العنوان ستكون مجرد خزان غاز وحقل بترول. تبرير الحكومة القطرية باختراق موقع وكالة انبائها، وتلفيق اقوال لشيخها تميم بن حمد، تبرير غير مقنع، وقد تعللت به قطر عن قصد، فهي أرادته ان يبدو ضعيفاً يصعب تصديقه. إنها تريد افتعال أزمة وقد نجحت، وكانت تحتاج الى تبرير هش وقد فعلت. فما الذي دفعها الى ذلك؟ من المعروف أن قطر هي أكثر الحكومات الخليجية ذكاءً، وهي أقربها الى إسرائيل وأميركا. وقد اثبتت لهما أنها تفهم ما تريد واشنطن وتل أبيب، وأنها مخلصة في تنفيذ ما تريدان، وليس بعد هذا من ينافسها على مكانة القرب منهما. وعندما توضع قطر والسعودية في ميزان المقارنة، فأن الأولى تبدو بوضوح بأنها ذات علاقات خارجية مرنة، بينما تبدو السعودية متكلسة في علاقاتها. وينظر العالم الى قطر على أنها المتحكمة بالجماعات الإرهابية، بينما ينظر الى السعودية بانها تصنع الإرهاب بهوس عدواني طائش. وقطر ليست لديها مشاكل داخلية وليست متورطة في أزمات خارجية كبيرة، بينما السعودية قلقة من الداخل، ومتشابكة مع جهات عديدة أبرزها حربها في اليمن وعداؤها المكشوف مع إيران وسوريا. والأهم من ذلك أن قطر تعرف جيداً أن الولايات المتحدة لا تريد نظاماً إقليمياً منسجماً في أي منطقة من العالم، لذلك أظهرت نفسها بمظهر المشاغب الوديع، وهذه صفة محبوبة بالنسبة لأميركا في أهم منطقة تهم مصالحها. أدت قطر الدور بحرفية عالية، فقد كانت تصريحات حاكم قطر قد صيغت بدقة، فهو من جانب بعث رسالة تهدئة الى إيران وروسيا وسوريا وحزب الله، وهذا ما تريده اميركا، لكي لا تتحسس هذه الأطراف وخصوصاً إيران وروسيا من القمة السعودية الاميركية. ومن جانب آخر استفزت التصريحات السعودية الى أبعد الحدود وبذلك صارت بحاجة أكثر الى التوسل بترامب، ومن جانب ثالث فانها حققت للإدارة الأميركية ما كانت تريده من إفتعال أزمة خليجية داخلية بعد انتهاء استعراض الرياض السياسي. بهذه الأزمة، اثبتت قطر أنها دولة تجيد صناعة الأزمات، وبذلك سيزداد رصيدها عند الولايات المتحدة وإسرائيل، في المقابل أظهرت السعودية بأنها حكومة مرتبكة مأزومة تعاني الضعف وتهتز أمام التصريح، فكيف يمكن الاعتماد عليها في المواقف الصعبة؟
أقرأ ايضاً
- اعلام السعودية... متى تغيرون لهجتكم؟
- السعودية بين الدولار الأمريكي واليوان الصيني !!
- ماالذي بين ايران والسعودية؟