حجم النص
بقلم: ضياء الاسدي حينما التقيته وجدته يرتجف من شدة الفرح وهو يقول الحمدلله الذي رزقني زيارة ابن بنت رسول الله الامام الحسين (عليه السلام) وحدثني قائلاً لم احلم يوما ان ازور مرقدا من مراقد اهل البيت (عليهم السلام)؛ لكن التوفيق الالهي وضعني في تماس مع خط الائمة (عليهم السلام) وذلك عن طريق صديق يثق بمقدرتي ومهارتي على صناعة الابواب الخشبية عالية، فحدثني ذات يوم عن عمل ابواب لحسينية مكلف بتعميرها في ناحية عون التابعة لمحافظة كربلاء المقدسة، ودون تردد وافقت واتفقت لإنجاز الابواب فحرصت على تقديم الافضل والاحسن، واستوحيت من كلمة (حسينية)، ووجدت النفس شغوفة في صناعاتها سابحةً في فضاءات أملٍ يهدف تقديم الاجمل، ومستلهمة من نسيج خيالٍ يطمح الوصول بالصناعة لصورٍ تزدان بها "الحسينية" بهاءً ورفعةً.. ولم يزل يحدثني عن حرصه ودأبه في العمل الذي واشج روحه، واخذ يجري في دمه، حتى اوصلني الى مديات بعيدة في حب العمل، واستكشفت حبه فضولا لأستطلع دوافعه، فوجدته صافيا يغتنمه من منجم حبه للحسين (عليه السلام) وهو ما زاده ألقاً ومهارة في الصنعة، واخلاصا للكلمة. "سامر سامي الياس"، البغدادي مسيحي الديانة سيرياني ارثولوكسي، كما وتحدث قائلا: "انه يجتمع وأهله سنويا في ليلة العاشر من محرم لطبخ الطعام وتوزيعه على الفقراء والمحتاجين ولكل من يزحف الى كربلاء من المناطق الشمالية سنويا". ليعود مرة اخرى ليتحدث عن مهنته كنجار، وهو مبتهج وتخالط بهجته لألئ قطرات أذرفتها مقلتيه فرحا بوجوده وسط زائري الحسين (عليه السلام)، فيقول: "حين انتهيت من تركيب الابواب في الحسينية سألت الله تعالى بحق الحسين الشهيد ان يجعل مدينة كربلاء امنة بأهلها وان ينصر حشدها الشعبي البطل على شراذم المنافقين والمتخلفين، والا يقطع رجائي في ان اكون حسيني الروح وعراقي الدم". وكأنه بدعائه هذا أشار الى ثنائية ديناميكية متلازمه كالجسد الواحد هي: "العراق والحسين"، ولم يزل يحدثني عن هواجسه ومشاعره في المقام الذي حل فيه زائرا يلفت الاخرين الى تعجبه وهو يقول "يا الله انا فعلا على ارض الكرامات والشهداء والأنبياء والأولياء والصالحين في كربلاء الحسين (عليه السلام)، التي يحمل اهلها حملين ثقيلين: مقاتلة عصابات (داعش) الارهابية، وإيواء النازحين من مناطق العراق الساخنة"، ومع نشوة فرحه بأنه في كربلاء؛ تشهده يتألم من فراق السفر ومغادرة المكان القدسي، مبينا أن "رغبته جامحة دوما في زيارة امير المؤمنين والإمام الحسين وأبنه الإمام موسى الكاظم (عليهم السلام)". وأستطرد حديثه عن يقينه بالسيد المسيح (عليه السلام) الذي صلبه وعذبه اليهود، بأن الإمام الحسين (عليه السلام) لاقى ما لاقى من عطشٍ وغربةٍ وظلمٍ وذبحٍ لفلذات كبده امام عينيه، علاوةً على ذبحه بكل قسوة وتجرأ على الله جل علاه ليكون شهيدا، إلا لتخلد الامة ما بقية الحياة ولتستمر حياة الدين الاسلامي بعظمة هذه الشخصية، كالسيد المسيح (عليه السلام) الذي سعى هاديا في البرية لتنوير البشرية". ولفت انتباهي قوله لشخص يهاتفه، "انا في بيتي الثاني، انا وأهلي في كربلاء عند سيدنا الحسين (عليه السلام) وحالما افرغ سأكلمك". وهو يشير كمسيحي انه في بيته الثاني تجده يعبر عن الخليط العرمرم الذي يتجه سنويا الى كربلاء قاصدا ذبيحها (عليه السلام) الذي وحد العالم تحت مبدأ الانسانية وعرّفهُ بالقيم السامية والنبيلة.
أقرأ ايضاً
- العتبة الحسينية توزع ادوية ومساعدات على النازحين في برج ابي حيدر في لبنان (فيديو)
- شوارع فارغة وقوات أمنية تحرس المدينة.. مشاهد من مدينة الحلة في آخر يوم من التعداد (تقرير مصور)
- الفنان جواد الشكرجي: احيي العتبة الحسينية المقدسة على مجهودها وإنجازاتها (صور)