- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المعلم ليس ملاكا والمتعلم ليس شيطانا
حجم النص
لطيف القصاب تقول كتب التربية إن المشاعر السلبية التي تنتاب الناس بعضهم ضد بعضهم الآخر وتدعوهم لاحتقار بعضهم بعضا واستعداء بعضهم بعضا ليست هي من قبيل المشاعر التي يتوارثها الخلف عن السلف جينيا إنما هي نتيجة طبيعية للطرق التربوية المذلة التي يتلقونها لاسيما في مرحلة الطفولة سواء في نطاق الأسرة أو المدرسة. وبحسب قانون السبب والنتيجة فإن شخصية الإنسان العراقي المأزومة نفسيا والتي تؤدي به إلى الإصابة المبكرة بالعوق الاجتماعي إذا جاز الوصف لا تعدو عن كونها نتاجا طبيعيا لمنظومة تربوية متخلفة ترى فيه حيوانا يحتاج إلى الترويض والتأديب أكثر من حاجته إلى المحبة والاحترام. وأظهر معالم هذه المنظومة وأشدها تأثيرا بعد مؤسسة الأسرة يتجلى في المكان الذي من المفترض به أن يكون الموضع الأكثر تحصينا ضد شيوع المشاعر السلبية بين الناس الا وهي المدرسة. ليس كل التلاميذ والطلبة القاصرين معدودين في خانة البراءة فهناك من هؤلاء من ليس بريئا من التجاوز وارتكاب الأخطاء بحق نفسه وزميله وأستاذه أيضا لكن هذا لا ينفي وجود عشرات القصص الواقعية التي يمارس فيها بعض المعلمين والمدرسين جميع وسائل القسوة والاحتقار ضد طلبتهم وتلاميذهم لتغدو صورة المعلم في تلك القصص الكثيرة مثالا للخوف والرعب بدلا من الألفة والمحبة. نستطيع أن نتلمس هذا الخوف من شخصية المعلم حتى في أكثر القصص ميلا للدبلوماسية أو الواردة في سياق احترام شخصية المعلم وتبجيله عن كل عيب ونقص واعتباره أبا رحيما ومربيا فاضلا وشبيها بالأنبياء أيضا.. إن حقيقة شيوع بعض الأساليب التربوية القاسية التي ما يزال يصر على إبقائها رهن الاستخدام بعض المعلمين والمدرسين يدفع باتجاه الإيمان بوجود انتهاكات صارخة ومستمرة في مدارس البلاد تُمارس ضد التلاميذ والطلبة على مدار العام الدراسي وبعضها ناتج عن التعسف في استعمال الحق الذي توفره نصوص بعض لوائح وأنظمة التعليم الابتدائي والثانوي الموروثة من النظام السابق والتي تلجأ إليها أحيانا مع الأسف الشديد بعض الهيئات الإدارية في مدارسنا الابتدائية والثانوية للانتقام من تلاميذ وطلبة كثيرين، ومن ثم تتسبب في تردي العلاقة بين أولياء الأمور من جهة والهيئات التربوية والتعليمية من جهة أخرى، لتزيد من معدلات العوق الاجتماعي لدينا وكراهية بعضنا للبعض الآخر.