نبهني زميل لي في نفس (الكار) إلى مشكلة كانت قد حدثت قبل مدة في الأقسام الداخلية التي تقع بالقرب من جامعة الإمام الصادق (جامعة البكر سابقا) والتي تضم أعدادا من طلبة الجامعة المستنصرية وهم في الغالب من المحافظات الأخرى..
المشكلة التي حدثت إن جهة ما طلبت من الطلبة الخروج من هذه الأبنية والبحث عن أماكن اخرى تؤويهم وذلك لغرض تحويل الانتفاع من هذه الأبنية لغرض آخر. توقيت هذا الحدث كان محرجا جدا بالنسبة للطلبة وهو ما يصادف متزامنا مع أيام امتحانات الثاني، وهذا ما تأكدت منه في حينها حيث قام بعض الطلبة في قسمنا (الاقتصاد) بمراجعة سكرتارية القسم لغرض الحصول على تأييد يؤكد أنهم طلبة مكملون وبصدد تأديتهم امتحانات الدور الثاني، ويبدو ان الجهة صاحبة القرار قد (رأفت) بحال هؤلاء الطلبة وسمحت لهم بالبقاء بالأقسام الداخلية لما بعد إنهاء الامتحانات.
تصوروا حجم الإرباك الذي قد يصيب طلبة (المحافظات) أثناء تلك الأيام وهم بعيدون عن أهلهم وفي غربة بغداد وكل ظروفها المادية والنفسية المعقدة... وتصوروا مدى تأثير ذلك على المستوى العلمي الذي قد ينجزه هؤلاء.. وذلك إذا ما استثنينا حجم انخفاض المستوى العلمي الذي يمر به طلبتنا خلال السنوات الأخيرة في الأصل.
ليست هذه المشكلة عابرة في تاريخ حياة الأقسام الداخلية لطلبة الجامعات العراقية.. فمشاكل هذه الأقسام تمتد إلى مديات مخيفة تنطلق من التخريب الذي تتعرض له هذه الأقسام سنويا من قبل الطلبة تحت قاعدة (مال بلاش) حيث تسرق حنفيات المياه ويترك الماء سائلا وحيث تسرق (سويجات) الإضاءة .. وقواعد (الشموع) بل والشموع ذاتها .. وحيث العبث بالأجهزة الكهربائية الذي وصل كما سمعت إلى الحد الذي يجلس فيه الطلبة في الثلاجة تخلصا من حرارة الصيف نتيجة سرقة (البنكات) وعطل أجهزة التبريد.
ولا تنتهي مشاكل الأقسام الى هذا الحد فهي تمتد إلى حجم الفساد الهائل الذي يمارس من قبل لجان المشتريات والتكرار السنوي لتأثيث هذه الأقسام وسرقتها وتلفها من جديد..
الحل قد يأتي بتشديد الرقابة وإحكام قبضة السيطرة والمنع ومكافحة الفساد بالطرق التقليدية، بيد ان واحدا من الحلول التي لا بد من التفكير بها جديا هو اللجوء إلى القطاع الخاص.
لا ادعي أن هذا القطاع لديه حلول سحرية لمعالجة تلك المشكلات بل انه وبحكم طبيعته القائمة على مبدأ تدنية التكاليف وتعظيم الأرباح قادر على إنجاح قطاع الإسكان الطلابي الذي عجزت وستعجز الحكومة عن القيام به.
القطاع الخاص يمكن أن يسهم في توجيه جزء من نشاطه نحو بناء وحدات سكنية مخصصة لغرض الإسكان الجامعي.. وبمواصفات خاصة.. كأن تبنى شقق أو غرف بملحقاتها تتلاءم مع حاجة هذا المجال.. ومن ثم يصار إلى تأجير هذه الشقق أو الغرف إلى الطلبة الذين يدرسون في جامعات هي خارج محافظاتهم.. كما يمكن أن تقوم الدولة بتوزيع مبالغ معينة كبدلات إيجار لطلبة المحافظات..
أنا متأكد ، مثلما زميلي الذي حدثتكم عنه، أن هذا الحل سيوفر على الدولة الكثير من المبالغ التي تنفقها بشكل سنوي ولا عقلاني على الأقسام الداخلية.. وان القطاع الخاص سيكون قادرا على المحافظة على اثاثه وعدم سرقته أو تلفه.
أقرأ ايضاً
- تأثيرات العوامل الداخلية و الخارجية لازمة المياه
- الجناة الحقيقيون هم رئيس الوزراء ووزيري الدفاع والداخلية ومستشار الأمن الوطني ..
- المفتش العام في وزارة الداخلية تحت دائرة الشبهة