- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الارهاب في العراق... تعدد اجندة ووحدة هدف
شهد العراق إبّان سقوط النظام الحاكم في بغداد توافد الالاف من العرب المقاتلين جاؤوا من مختلف البلدان العربية على رأسها المملكة العربية السعودية ثم بلاد المغرب العربي.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما الذي دفع هؤلاء للمجيئ الى العراق هل أن العراقيين قاصرون عن القيام بمهمة الدفاع عن أنفسهم أم تنقصهم الكوادر المخابراتية التي أجادت فن الاغتيالات طوال خمسة وثلاثين عاما أم يفتقرون الى الخبرات الامنية التي فاقت الكثير من الدول حيث تفننت في أساليبها في كيفية تغييب الناس.
فهل كانت هذه الاجهزة تعلم بحكم خبرتها الطويلة ومن خلال قراءة المعطيات على الساحة بأن نظام حزب البعث الحاكم في طريقه الى الزوال، فلا بد من تخريب كل شيئ في العراق.
وان هؤلاء المقاتلين هم الوسيلة الافضل في القضاء على ما تبقى من البنية التحتية للبلد باعتبار ان اجسادهم هي افضل مفخخات متحركة تصلح للوصول الى أي هدف يرغب حزب البعث في تدميره ولا سيما ان هذه النماذج مستعدة للجود بنفسها تحت أي ذريعة يرونها مناسبة.
ثم إذا لم يكن هؤلاء هم الذين استقدموهم الى العراق؛ اذا من الذي ارسل رسالة الى هؤلاء العرب للمجيئ الى هذا البلد المدمر شعبا و ارضا. فهل تم ارسالهم لمساعدة اهله أم انهم جاؤوا لانقاذ ما تبقى، فقضوا بفضل عقلهم الجهادي!! على كل ما تبقى.
هل هنالك انظمة دولية واقليمية قد اجتمعت اجندتها على انتاج تلك المجاميع وزجها باتجاه هذا البلد الذي خرج لتوه من فك حزب عملت قيادته على التفنن في كيفية اذاقة شعبها الوان العذاب؟ هل واقعا لم يعلم هؤلاء المقاتلون بما كان يجري للشعب العراقي على ايدي قيادة بعثية.. يتزعمها ميشيل عفلق.
ثم إذ كان هدف هؤلاء هو محاربة اسرائيل كما تزعم قياداتهم فلماذا لم يتم توجيهم باتجاهها؟! فهؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم اسم المجاهدين يعرفون جيدا إن أكثر من دولة عربية لها حدود مشتركة مع الدولة العبرية ابتداءً من مصر ثم الاردن وسوريا ولبنان فلماذا لم يتوجهوا من خلال هذه الدول.. لماذا يتم شحنهم دينيا ومذهبيا وتوجيههم نحوالعراق؟ اليس من الحكمة ان يسألوا انفسهم او ان يتوجهوا بذات السؤال الى من ارسلهم الى العراق بدل اسرائيل..
لم نعرف ان احدا من هؤلاء السعوديين او الجزائريين كان الغرض من مجيئه هو استهداف إسرائيل؛ إذ لم يصرح أي احد منهم ولا من قياداتهم بذلك.
لم نسمع منهم غير انهم جاؤوا لمحاربة القوات الامريكية في العراق، وهم يعلمون جيدا ان قواعدها الرئيسية في الدوحة والظهران، التي انطلقت منهما الطائرات الامريكية لغزو العراق.
ومن المفارقة العجيبة انهم يرون بأم اعينهم كيف يتم تقليد بوش الاب الاوسمة ثم بوش الابن القلائد وتهدى لهم السيوف من قبل رؤساء وملوك الدول العربية التي جاء منها هؤلاء المقاتلون.
فيتم غض النظر عن كل ذلك من قبل هؤلاء المجاهدين!! ليبقى هدفهم الوحيد هو العراق. لماذا؟؟!!! ويكون جهادهم منصبا لمحاربة العراقيين قبل غيرهم!! لماذا؟؟ فقد جاءت الحصيلة لهذا لجهاد المقدس!! والذي من خلاله سوف تموت اسرئيل فزعا وتختفي.
ان استهداف الجندي الامريكي الواحد يقابله قتل ثلاثة الاف عراقي. هل يعلم هؤلاء المجاهدون!! انهم لو اتيحت لهم الفرصة لعشرة اعوام قادمة لغرض إكمال مشروعهم الجهادي!! فسوف يقضون على جميع الشعب العراقي مقابل قتل عشرة الاف جندي امريكى فقط!!
وهم يعلمون جيدا ان هذا العدد من الامريكين يموت سنويا اضعافه بحوادث اطلاق نار طائش او حوادث سير في امريكا وهي لا تحرك شعرة واحدة من شعرات رأس جورج بوش.
كما ان اغلب هؤلاء الجنود هم طلاب جنسية جاؤوا من السلفادور وامريكا اللاتينية والوسطى، كما ان اغلب قيادتهم هي من هذه البلدان كالجنرال شافييز.
اما امهات هؤلاء الجنود فسوف يصرف لهن وللعائلة جميعا راتب تقاعدي لم يحلموا به ابدا طوال حياتهم وبطبيعة الحال جنسية امريكية للجميع.
إذاًً ما هي الحقيقة.... هل هي غائبة ام ان شيئا وراء المستور قد خفي؟
احاول الاجابة قدر الامكان على هذه الاسئلة في مقتضب بقدر ما يسمح به المقام إذ ليس من المستحسن الدخول في تفاصيل طويلة ربما يشعر القارئ الكريم منها ببعض الملل.
في بداية دخول القوات الامريكية وزحفها باتجاه البصرة تصدى لها بعض اهالى الفاو فمنعوها من التقدم قرابة السبعة عشرة يوما مما سمح للرفاق الاشاوس!! ان يولّوا القوات الامريكية الدبر حيث الهزيمة على مهل حاملين معهم كل ما صادفهم في طريقهم من ما خف وزنه وغلا ثمنه بعد عقد صفقة مع الامريكيين لم يُفصح عن تفاصيلها حتى الآن.
تاركين اهالى الفاو في الدفاع عنها بعد ان اطلقت ماكنة الحزب الاعلامية تسمية المعركة باسم معركة الامة ومعركة تقرير المصير سعيا منها لإشراك اكبر عدد من أفراد هذه الامة التي صدقت ذلك فتوجه بعضهم صوب الهدف المطلوب لعله ينال الشهادة التي انتظرها طويلا غير مكترث بماهية الجهة الداعية لها فليس هذا بالمهم وان كان ذلك تحت قيادة عفالقة حزب البعث.
اما ما حدث للرفاق بعد عام من صفقتهم مع الامريكين، فهو يأسهم في عدم حصولهم على أي منصب وعدوا به فقد نكث الامريكان ولم يفوا بأي شئ.. هنا استذكر الرفاق اخوانهم العرب المجاهدين فاعلنوا حي على ألجهاد... الجهاد على كل شئ.
ساعدهم على ذلك بعض الصور التي سربها الامريكيون عنوة و بثت من قبل قناة الجزيرة لمعتقلين عرب وعراقين تم تعذيبهم على يد القوات الامريكية في سجن ابي غريب، حيث تم بعدها وصول الالاف من هؤلاء بزعامة الزرقاوي وهو احد سجناء الاجرام الذي تم اطلاق سراحه في حينها من سجون المملكة الاردنية. فاخد على عاتقه قيادة هذه المجاميع بتوجيه وتعاون مباشر من قيادة حزب البعث فلم تسلم منه أي نقطة في العراق، حيت شرع في عملية تدمير مبرمجة لكل البنية التحتية والبشرية في العراق. حتى انتهى مفعوله، حيث قضت عليه القوات الامريكية في قصف استهدفه في احدى اطراف مدينة ديالى.
ولكن سيل هؤلاء المقاتلين لم ينقطع في توجههم نحو العراق فقد عملت السلطات السورية التي هي الاخرى لها اجندتها الخاصة بها في هذا المضمار إذ ان الكل يغني على ليلاه، فهي تخشى من التمدد الامريكى اتجاهها، فعملت على تسهيل عبور الالاف من هؤلاء المقاتلين عبر حدودها ساعدهم في ذلك عدم وجود أي مخفر عراقي على الحدود فقد امر الحاكم الامريكي بريمر بتهديمها جميعا مما سهل مهمة عبور هؤلاء نحو الاراضي العراقية.
اما العربية السعودية صاحبة السهم الاكبر في هذه الطبخة البشرية فهي غضت النظر عن تجنيد رعاياها وتعبئتهم من قبل مشايخ اشتهر عنهم عدم ورعهم في تكفير المسلمين خصوصا الشيعة منهم والذين يشكلون زهاء الثلاتة ارباع التركيبة السكانية للعراق فلم يحاسب المسؤلون السعوديون أيا من هؤلاء المشايخ. إذ لم نسمع باعتقال أيا منهم.
كما ان المملكة ذاقت ذرعا بهؤلاء الشباب فهي تريد ان تتخلص من هذه الاعداد التي بدات تشكل عبئا ثقيلا عليها له تداعيات كثيرة يهدد أمنها فلا بد من امتصاص إندفاعهم فكان الحل هو في السماح لهم بالتوجه نحو العراق فسواء قُتلوا او قتلوأ فليس هذا هو المهم فأيا يموت فلا إكتراث ما دامت المملكة بخير!!... بعيدة.. وفي مأمن عن ما يجري خارجها.
لي وقفة قصيرة هنا في هذا الشأن، فقد سأل احد هؤلاء المجاهدون شيخا من فقهاء المملكة من انه رأى مجموعة من العراقيين على الحدود فامطرهم بالرصاص فقتلهم جميعا.
فهل يجوز ذلك فرد عليه الشيخ هؤلاء ان كانوا من اهل السنة فهم اما بعثيون او شيوعيون.
فلا عليك باس وان كانوا شيعة فقد قتلت كفارا فقد دخلت الجنة بعملك هذا فلا تبتأس.
بهذه العقلية المتنورة!! التي يمتلكها هذا الشيخ الفقيه!! جاء هؤلاء الشباب للجهاد!! في العراق.
الامر ذاته يسري على من توجه من الجزائر والمغرب نحو العراق، فاما من جاء الى العراق من هذه الدول فلا تختلف الصورة ابدا بما عليه في الحالة السابقة بل زيادة على ذلك حسب ما رشح من معلومات أن من يقوم بعمليات قطع الرؤوس اكثرهم من الجزائريين إذ لهم ممارسة تمتد الى سنوات طويلة في هذا المضمار فقد كنا نسمع في نشرات الاخبار بين الفينة والاخرى باخبار قتل عديدة تم فيها جز راس الضحية.
اما من جاء من المغرب فلا اعرف كيف وضع كل مظاهر الفساد والرذيلة التي تعج بها المملكة وتغافلها متوجها نحو العراق لإجل تلبية فريضة الجهاد، اليس جهاد الفساد في بيته بأولى؟ يبدو ان المشايخ الذي عبّأوه ليذهب الى العراق لم تلفت نظرهم تلك المناظر الخلابة!!
اما القوميين الايرانين فقد دخلوا على خط التخريب في العراق من خلال البوابة الشيعية فاستخدموا الكثير من ضعفاء النفوس بعد شحنهم عاطفيا لمصالحهم السياسية فقام هؤلاء بحمل السلاح بوجه الامريكان غير مكترثين لما يحدث من تخريب لمناطقهم الفقيرة ما دامت الجمهورية الاسلامية تدفع بالعملة الصعبة فكل شيء في العراق فداء لها!!!!
واخيرا تعددت اجندة الجميع فلا من ادعى الديمقراطية والتحرر كان له شعار الحرية والديمقراطيه مانعا، ولا من ادعى الدين والتدين كان له دينه ناهيا ولا من تغنى بالعروبة والاخوة العربية كانت له اخوته رادعا، فالجميع اعلنوا وحدة هدفهم، فقد اجتمعت كلمتهم على تدمير هذا البلد واهله. فهل تنبه العراقيون لذلك.
أقرأ ايضاً
- في العراق.. تتعدد الأزمات والمأزق واحد
- محمد توفيق علاوي:يستهدفوني بعد عشر سنوات
- الاتفاق السعودي الإيراني خطوة على طريق التعددية القطبية وحل القضية الفلسطينية