يدخل مشروع ميناء الفاو الكبير في مرحلة تُعد الأسوأ ضمن ملفات الفساد الكبرى في تاريخ العراق الحديث، من حيث يعتبر هذا المشروع الحيوي الأهم من الناحية الاقتصادية للعراق، كونه البديل الاستراتيجي لموارد الدولة بعد انتهاء عصر النفط، بحكم موقعه الجغرافي الذي يؤهله ليكون خط الترانزيت الأساسي ضمن البرنامج العالمي للتنمية الاقتصادية الذي اطلقته الصين، والذي يعرف باسم (مشروع الحزام والطريق).
فبعد مرور 14 عاماً على وضع الحجر الأساس لإنشائه، مازالت الصراعات السياسية وتقاطع المصالح الداخلية والخارجية فضلاً عن عوامل الفساد تحول دون إستكماله، حيث دعا الحراك الشعبي من أجل الحزام والطريق، اليوم السبت، إلى التظاهر في محيط المنطقة الخضراء، لكشف ملفات الفساد المالي والإداري في ميناء الفاو الكبير.
ويُمثل مشروع الفاو الكبير هدفاً اقتصادياً وسياسياً مُهماً، نظرا لكلفته المالية الكبيرة وأهميته السياسية والاجتماعية حيث يسعى العديد من الفاعلين السياسيين والجماعات المُسلّحة إلى السيطرة عليه أو تقويضه لتحقيق مكاسب شخصية وأهداف سياسية.
وقال رئيس الهيئة التنظيمية حسين علي الكرعاوي، إن "التظاهرة ستكون امام مجلس النواب من اجل الضغط لتشكيل تنظر بالملفات المتعلقة بفساد ميناء الفاو الكبير".
وشدد على ضرورة "ملاحقة كل من يثبت تورطه بتعطيل إنجاز ميناء الفاو أبتداءً من عملية الإحالة وصولا إلى نسب الانجاز المتدنية، والوقوف بالضد من انضمام العراق لمبادرة الحزام والطريق".
وأشار إلى أن "البرلمان مطالب بإجراءات إصلاحية ومحاربة الفساد وتقويم مسار عمل الحكومة والمطالبة بفتح تحقيق في الأموال التي صرفت في ميناء الفاو وأوجه صرفها".
واعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في 16 كانون الثاني الماضي، أن الحكومة العراقية صادقت على توصيات بإنشاء وتشغيل منصة ثابتة للغاز المستورد في ميناء الفاو الكبير، واصفًا المنصة بأنها ستكون "الأولى من نوعها في القطاع الوطني".
ومن المقرر ان يتم التشغيل بحلول عام 2028، وحسب خبراء الملاحة الدولية سيغير الميناء خارطة النقل البحري العالمية، وسيتم نقل البضائع من الصين واليابان وجنوب شرق آسيا إلى أوروبا عبر العراق وبالعكس، وسيكون منافسا قويا لقناة السويس على البحر الأحمر، بالإضافة إلى أنه سيكون قادراً على نقل النفط والغاز والمواد الكيميائية، وجميع منتجات التجارة العالمية الأخرى، ما يعني أن هذا الطريق سيعمل على تقليل الوقت اللازم للنقل بين أوروبا وآسيا 11 يوماً.
ويضم ميناء الفاو 99 رصيفا وسيكون أكبر ميناء في غرب آسيا، متجاوزاً بذلك ميناء جبل علي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيضفي الميناء أهمية إستراتيجية على العراق وسيحقق عوائد مالية ضخمة من خلال عمليات نقل البضائع والمنتجات النفطية وبشكل أسرع من قبل.
وكان متخصصون بالنقل الدولي والاقتصاد، كشفوا في تقرير سابق، أن الربط السككي مع إيران والسعودية، يشكل خطرا كبيرا على ميناء الفاو، خاصة وأنها تأتي في ظل سعي تركيا لمد خط سكك حديد بينها وبين السعودية عبر العراق لإيصال بضائعها، ما يحول البلاد إلى ترانزيت فقط، لاسيما وأنه يفتقر إلى الصناعة ليستخدم هذه الطرق ويصدر بضائعه.
وبدأ مشروع الربط السككي بين البصرة وإيران، يأخذ صداه في العام 2014، خلال تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية، حيث طرحت طهران مشروع ربط سككي بين البصرة وميناء الإمام الخميني جنوبي إيران على الخليج العربي، وتضمن المشروع في وقته ربط ميناء الإمام الخميني بمنفذ الشلامجة والبصرة، وصولا الى ميناء اللاذقية في سوريا، ويبلغ طول الربط السككي من البصرة الى منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران 32.5 كليومتر فقط، ومن المفترض أن تستخدم هذه السكة لنقل المسافرين والبضائع.
إلى ذلك، يبين عضو لجنة النقل النيابية، وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار، أن "قضية الربط السككي مع إيران والسعودية ستكون لها نتائج سلبية على مشروع ميناء الفاو الكبير وطريق التنمية".
وتتواصل عمليات تأهيل ميناء الفاو اقصى جنوب العراق باعتباره المحطة الأساسية لاستلام البضائع قبل نقلها براً، ويهدف المشروع إلى بناء 15 محطة قطار لنقل الركاب والبضائع على خط سكك حديدي بسرعة تبلغ 140 كيلومترًا في الساعة، تنطلق من البصرة جنوبا مرورا ببغداد وصولا إلى حدود تركيا.
يذكر أن المدة الزمنية البحرية للسفن المحملة بالبضائع من ميناء شنغهاي الصيني إلى ميناء روتردام الهولندي تستغرق نحو 33 يوما، في حين أنها ستستغرق 15 يوما فقط عندما تنتقل البضائع من شنغهاي إلى ميناء جوادر الباكستاني ثم إلى ميناء الفاو الكبير، ومنه عبر القناة الجافة العراقية إلى موانئ البحر المتوسط في تركيا، ومنها إلى ميناء روتردام الهولندي، بما يعني تقليص زمن الرحلة إلى أكثر من 50 بالمئة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- مع تصاعد التوترات.. البرلمان يعقد "جلسة طارئة" لمناقشة التهديدات الإسرائيلية
- البرلمان يستأنف جلساته الاثنين المقبل.. إجماع على تمرير قانونين وخلاف حول ثالث
- توقعات بزيادة عدد مقاعد أعضاء البرلمان العراقي لـ(430) مقعداً في الدورة المقبلة