لم يعد التغيير المناخي سبباً رئيساً لشح المياه وتضرر الزراعة، بل بات الاستخدام الجائر لبحيرات الأسماك "غير المجازة" يلقي بظلاله على الواقع المائي، الأمر الذي انعكس سلبا على الأنهر وحصص المحافظات المائية.
ورغم الإجراءات الحكومية بشأن ردم بحيرات الأسماك لسد النقص في المياه، إلا انها مازالت مستمرة، حيث شهدت الثروة السمكية في العراق تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة بعد أن كان إنتاجها وفيرا، حيث بلغت نسبة مساهمتها في خزينة الدولة نحو 25% من الناتج المحلي وفقا لبيانات رسمية.
التراجع الكبير في انتاج الأسماك بات يهدد هذه الثروة بـ"التلاشي"، حيث كشفت الحكومة عن خطوة جديدة للحد من إستنزاف الخزين المائي الإستراتيجي للبلاد.
وتعد المحافظات الجنوبية، هي الأكثر تضررا من هذه البحيرات لكونها تقع في نهايات الأنهر، ما أثر سلبا على الحصص المائية للمحافظات، والتي هي في الأساس قليلة.
اذ ذكرت وزارة الموارد في بيان، اليوم السبت، تلقته وكالة نون الخبرية، أن "وزيري الموارد المائية عون ذياب عبد الله، والزراعة عباس العلياوي، وصلا إلى محافظة النجف الأشرف، والتقيا مع محافظها ماجد الوائلي".
وأضاف البيان، أن "الزيارة جاءت بناء على توجيه مباشر من رئيس مجلس الوزراء، للوقوف ميدانياً على أراضي المتجاوزين على المياه من أصحاب بحيرات تربية الأسماك وإغلاقها، كونهم يستنزفون الخزين المائي الاستراتيجي للبلد".
يشار إلى أن بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، كشفت بأن إجمالي مزارع الأسماك في العراق المجازة بلغ 5295 فيما بلغت المنتجة منها هو 3794 وغير المنتجة 1489، وتعتمد هذه المزارع على مصادر مياه مختلفة منها 55 بالمئة على مياه الأنهر و40 بالمئة على مياه البزل والمتبقي على مياه الآبار، فيما كانت محافظتا البصرة وذي قار تعتمد بحيراتها السمكية على مياه الأنهر.
والجدير بالذكر، أن المتحدث باسم وزارة الموار المائية خالد شمال أكد، في أيار الماضي، أن عدد بحيرات الأسماك المتجاوزة بلغ أكثر من 2500 بحيرة، وأن مساحتها الكلية بلغت 271 ألفا و719 دونما.
وتنتشر في مياه العراق أنواع عدة من الأسماك، أبرزها الكارب والكراف والسلفر والكطان والبني والشبوط وغيرها، وتتراوح أسعارها بين 5000 دينار و17000 ديناراً للكيلوغرام الواحد.
ويعد أكل السمك من الوجبات المفضلة لدى العراقيين وعلى رأس قوائم موائدهم، وتحديدا أكلة "المسكوف" الشهيرة، ولا سيما عند سكان المحافظات الجنوبية.
وأشارت تقارير إلى تراجع حصة الفرد العراقي من لحوم الأسماك المنتجة محليا لتتراوح بين 0.9 و2.4 كيلوغرام في السنة مع ارتفاع الأسعار، في حين تؤكد معايير لمنظمة الصحة العالمية حاجة الفرد من لحوم الأسماك بما لا يقل عن 6.5 كيلوغرامات سنويا.
وكانت إيران قد غيرت مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في ايران، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة، كما قطعت إيران كافة الأنهر الواصلة لمحافظة ديالى، ما أدى إلى فقدانها الزراعة بشكل شبه تام.
كما أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.
أقرأ ايضاً
- السجن المؤبد بحق تاجر مخدرات في النجف
- تجاوزات المياه "ترهق" ذي قار.. ومناشدات محلية بتدخل "السوداني"
- إسرائيل تجدد غاراتها على الضاحية.. الصحة اللبنانية تعلن استشهاد 40 شخصاً (فيديو)