- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
اليهودية والمواءمة مع الشيطان
بقلم: علي الراضي الخفاجي
أخذت قصص المنحرفين من بني إسرائيل مساحة كبيرة من الآيات القرآنية، ذلك من أجل أن لاتحذو أمة الإسلام حذوهم، وللتحذير من سننهم التي درجوا عليها في حياكة المؤامرات، وكان أبشعها قتل الأنبياء واتهامهم بأفضع التهم، إضافة إلى تجاوزهم على الذات الإلهية، وقد قال تعالى كاشفاً عن ما يغلب على طباعهم وهي الخيانة، حيث يقول تعالى((ولاتزالُ تطَّلعُ على خائنةٍ منهم إلا قليلاً منهم)) المائدة/13، حيث أجمل سبحانه قوله بحذف الموصوف وإثبات الصفة(خائنة)ليتأمل القارئ ما تشتمل عليه من مصاديق الخيانة في النية والنظرة والتفكير والفعل إنْ كان قتلاً أو تجسساً أو تآمراً، وهكذا جُبِلَ اليهود على هذه الصفة الخطيرة التي جعلتهم آفة تنخر في المجتمع البشري، حتى في مواقفهم من خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله ومن المسلمين رغم معاملتهم لهم بالحسنى، لكن ديدنهم كان بث الشكوك في عقائد الإسلام والتجسس على المسلمين.
كما أنَّ هذه الصفة جعلتهم ذوي خبرة في المواقف والتحديات فإذا ما شعروا بأنهم ضعفاء تذللوا واستدرُّوا العواطف وأضمروا المكائد، وإذا استعادوا قوتهم وتمكنوا تجبروا ورفعوا شعار أنهم شعب الله المختار، أو يدفعهم ذلك للحصول على المال بأي وسيلة من أجل تحقيق مآربهم((سمَّاعون للكذب أكّالون للسحت))المائدة/42، أو يدفعهم إلى التلاعب بالنصوص الدينية لتبرير أفعالهم((يُحرِّفونَ الكَلِمَ من بعدِ مواضعه))المائدة/41، حتى حاولوا استمالة النبي صلى الله عليه وآله بشتى الخدع لأجل الاعتراف بهم((واحذرهُم أن يفتنوكَ عن بعض ما أُنزل إليك)) المائدة/49، كلُّ ذلك جعلهم يتفننون في إثارة الفتن وتزيين الحرام وإثارة الوساوس في النفوس بالشكل الذي يوائم الدور الذي يقوم به الشيطان تجاه الإنسان.
ونتج عن هذه التجربة الطويلة أنْ أصبحت اليهودية منظمة عالمية ذات خبرة في السيطرة على الشعوب عن طريق مصادرة إرادتها وخلق حالة الاتكالية عندها من خلال فقدان القدرة على التخطيط والتحرك لأجل البناء وأخذ الدور من خلال الترويج للترف وعرض مغريات الحياة الغربية، وتصوير من يسير في طريقهم ويهادنهم أنه يعيش حياة رغيدة، مما خلق ذلك حالة من التراجع خصوصاً عند المسلمين.
كما أصبحوا يسيطرون على أهم ثلاثة من مقومات الحياة، ألا وهي المال(عالم الاقتصاد)والسلاح(الخبيث والمتطور)والجنس(باتجاه الرذيلة)كإشاعة العري في الأفلام والصور والمجلات وفي الدعايات للوصول إلى التحلل من القيم والنواميس ثم تقديس هذا الشذوذ والدعوة إلى وضع قانون يحميه، أو إشاعة شرب الخمر الذي هو أم الكبائر، وقد ساهمت السينما المصرية بإشاعته بالشكل الذي تصوره جزءاً من الممارسات العادية اليومية، وإشاعة ثقافة العلاقات غير الشرعية داخل الأسرة وفي التجمعات الطلابية وغيرها، وما نراه اليوم من دعاوى الاعتراف بالمثلية وإشاعة ثقافة الجندرة إلا نتائج صناعتهم المتطورة التي يستطيعون بها - في حال غياب الوعي والحذر- تغيير مجتمعات بل دول.
يقول هتلر في كتابه(كفاحي) ص/146:(فمنذ أن وضع اليهود والبلاشفة نصب أعينهم تقويض صرح الدولة الألمانية رأينا الرذيلة تنصب شراكها في طريق الشبيبة الألمانية كيفما اتجهت وأنى وجدت، ورأينا عرش الإباحية والخلاعة ينتصب في دور العرض السينمائي والمرابع والحانات وحتى في الساحات العامة، وكيف يرجى من شبيبة هذا شأنها أن تهبَّ للذود عن الوطن وأن تستميت في الدفاع عن مؤسساته وتقاليده).
واليهودية المنحرفة موجودة قبل تكوين دولة إسرائيل التي أصبحت مركز كيانهم القومي والديني المبني على آثار عقدة العظمة والغرور بأفضليتهم على البشر التي يعانون منها قديماً وحديثاً، وأمانيهم بمغفرة الله لهم، حتى سوَّل لهم الشيطان أنْ قالوا((لنْ تمسَّنا النَّارُ إلا أياماً معدودة))البقرة/80، وهي الأيام التي عبدوا فيها العجل، كما قالوا((نحنُ أبناءُ الله وأحباؤه))المائدة/18، أي: منَّا عزير وعيسى، فلايعذبنا الله لأجل أسلافنا لأنَّ منَّا الأولياء والأنبياء.
وكان فيهم من يدَّعي بأنَّ ثواب الدار الآخرة يختصُّ بهم، وقد طلب منهم الله تعالى في القرآن الكريم الدليل على صدق ادعائهم، فقال((قُلْ إنْ كانتْ لكمُ الدَّارُ الآخرةُ عندَ اللهِ خالصةً مِنْ دونِ النَّاسِ فتمنَّوا الموتَ إنْ كنتُمْ صادقين. ولن يتمنَّوهُ أبداً بما قدَّمتْ أيديهم واللهُ عليمٌ بالظالمين)) البقرة/ 94-95، فعلَّل المانع لهم من تمني الموت بأنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أنهم عاصون منبوذون ومقترفون للذنوب، وكلُّ هذا أدى بهم عزلهم عن المجتمعات وجعلهم السبب الرئيس لأكثر مشاكل العالم.
وقد جُبِلَ اليهود على الجبن والبخل، وهي صفة تودي بالإنسان إلى الغدر والخيانة لتعويض نقصه وتحقيق مآربه بأي ثمن، يقول تعالى((ضُربتْ عليهمُ الذلةُ أينما ثُقفوا))آل عمران/112، قال صاحب المنار في تفسير قوله تعالى((وقالتِ اليهودُ يدُ الله مغلولة غُلَّتْ أيديهم ولُعنوا بما قالوا))المائدة/64، هو دعاء من الله تعالى عليهم بالبخل، ومازالوا أبخل الأمم، فلا يكاد أحد منهم يبذل شيئاً إلا إذا درَّ عليه ربحاً.
لذا عُرف عنهم الحرص، يقول سبحانه وتعالى((ولتجدنَّهم أحرصَ النَّاسِ على حياة..))البقرة/96، وقد ذُكرت(حياة)مُنكَّرة لتدلل على أي حياة، حتى لو كانت تافهة يعيشون فيها لأجل الدنيا وحسب، يقول(ول ديورانت): (إنَّ اليهود قلَّما كانوا يشيرون إلى حياة أخرى بعد الموت، ولم يرد في دينهم شيء من الخلود، وكان ثوابهم وعقابهم مقصورين على الحياة الدنيا). قصة الحضارة ج/2 ص/345، وهذا ماجعل الغرب يشيعون أنَّ العلم والعقل يكفيان بدون الإيمان، مع أنَّ الإنسان لا يرتفع إلا بالإيمان الذي يستوعب فلسفة الكون والحياة، وهو الكفيل بأن يصنع إنساناً واعياً ومؤهلاً لأخذ الدور وقيادة الآخرين.
كما عُرفوا بمزاولتهم للسحر قديماً وحديثاً حتى كان أكثر السحرة منهم، فهم يزعمون أنَّ علمهم بالسحر يعود إلى بابل((واتَّبعوا ماتتلوا الشياطينُ على مُلكِ سليمانَ وماكفرَ سليمانُ ولكنَّ الشياطينَ كفروا يُعلِّمونَ الناسَ السِّحرَ وما أنزل على الملكين ببابلَ هاروتَ وماروتَ ومايُعلِّمانِ من أحدٍ حتى يقولا إنَّما نحنُ فتنةٌ فلا تكفرْ فيتعلَّمونَ منهما مايُفرِّقونَ بهِ بينَ المرءِ وزَوجه))))البقرة/102، معللين أنَّ ماحصل عليه النبي سليمان عليه السلام من ملك وقوة كان عن طريق السحر والشعوذة، فلم يكن نبياً، ووصفهم تعالى في الآية بالشياطين لأنهم يفعلون فعلهم ويتبعون خطواتهم، فهم والشياطين نسبوا ذلك إلى النبي سليمان.
والمتتبع لما نقل من كتبهم كالعهد القديم يرى قلة ذكر الشيطان، وأنَّ ماذكر في التلمود كان حول علاقات آدم ونسله مع نساء الشياطين بالشكل الذي تأباه الفطرة والناموس، وبحسب التلمود يولد من بني آدم كل يوم جملة من الشياطين.
لقد كانت العقيدة اليهودية المنحرفة على مر التاريخ لعبة للشيطان، ومعظم عقائدها كانت تلبيساً منه ووهماً، لذلك كانت هناك مواءمة كبيرة بينهم وبينه في السيرة والأخلاق والممارسات، ففي الوقت الذي صرحوا معتقدين بأنهم شعب الله المختار وأنهم أفضل من بقية البشر سبقهم كبير الشياطين إبليس باعتراضه على رب العزة والجلالة((قال أنا خيرٌ منهُ خلقتني من نارٍ وخلقتهُ من طين))الأعراف/12، ثم أردف ذلك بالتجرِّي على الله عز وجلَّ((قال أرَأيتكَ هذا الذي كرَّمتَ عليَّ))الإسراء/62، أي: أخبرني لِمَ كرَّمتَ آدم عليَّ؟
كلُّ ما في صفات الشيطان تمثل في اليهود المنحرفين، فالله تعالى وصفه بأنه الوسواس الخناس والغرور والرجيم، أي المنبوذ من المجتمع البشري والمطرود من رحمته تعالى((قالَ فاخرجْ منها فإنَّكَ رجيمٌ.وإنَّ عليكَ لعنتي إلى يومِ الدِّين))ص/77-78.
وفي القرون الوسطى علت الأصوات في المجتمع الأوربي وهي تدعو الكنيسة إلى عبادة الشيطان ومزاولة السحر، يقول الكاتب الفرنسي المعروف فولتير:(كان اليهود هم الذين يلتجأ إليهم عادة في تأدية الشؤون السحرية، وهذا الوهم القديم يرجع إلى أسرار الكابالا التي يزعم اليهود أنهم وحدهم يملكون أسرارها). والكابالا: قوانين دينية وتعاليم روحية أو صوفية تعني(تلقي)أو(استقبال)أو(استلام)تفسر ما يتعلق بالكون والدين والحياة تفسيراً باطنياً.
وإن كانت الجذور التاريخية لعبادة الشيطان موغلة في القدم، فإنَّ هذه الظاهرة وإنْ اختلفت الأديان والمجتمعات في توصيف أو تقديس الشيطان إلا إنَّ السحرة وتبعهم اليهود أكثر من روجوا لها؛ خصوصاً المنظمة الماسونية العالمية التي هي صناعة يهودية، فقد اجتهدت في نشر معابد الشيطان في أوربا وهي تتخذ من الإلحاد ونشر الرذيلة والفتنة في المجتمع البشري هدفاً تدفع من أجل تحقيقه المال، وتستقطب مشاهير العالم لتوظيف ما يمهرون به في مجال الفن والإعلام لتحقيق أهدافهم، كما تستهدف عقول العلماء الذين تخشى استفادة الشعوب والأنظمة منهم؛ خصوصاً في مجال الطاقة فتقوم بتصفيتهم وقتلهم.