بدأت رحلتهم برجل واحد خرج من داره من الكويت قاصدا زيارة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) سيرا على الاقدام، دون معرفته بالطرق او الخدمات او الاتجاهات متأثر بخطيب منبر عراقي زرع القضية الحسينية في احداق عيونهم، عقد النية وتوكل على الله، فكان له ماراد، والتحقت به الجموع ليتعدى عدد افراد قافلته المئة وخمسون زائرا، وتزايدت حتى اصبح موكبا يسير سنويا من الكويت الى كربلاء الشهادة قاطعا مئات الكيلومترات.
فرد اصبح موكبا
يقول صاحب الموكب مهدي ابو عباس لوكالة نون ان" موكب قمر بني هاشم من دولة الكويت تولدت فكرته من حوالي (12) عاما، وغالبية مؤسسي الموكب من الشباب وهم من رواد مجالس حطيب المنبر الحسيني السيد جاسم الطوريجاوي، الي اثر في انفسنا وكان كأنما ابا لنا، ولم تقتصر لقائتنا به بحضور المجالس الحسينية، كان يعلمنا اصول القضية الحسينية ومبادئها الانسانية، ومنها بدأت مسيرتي الى كربلاء المقدسة عام (2012) اول مرة بمفردي التي وافقت ان تكون فيها مناسبتين للزيارة الاربعينية احداهما في شهر كانون الثاني والاخرى في شهر كانون الاول، وخرجت وليس لدي اي فكرة عن المسير ولا اعرف ان اهالي البصرة يسيرون الى كربلاء المقدسة، ولا علم لي بالاتجاهات او الطرق التي تأخذني الى مدينة كربلاء المقدسة، وليس لي اي فكرة عن مواكب الخدمة او امكنة المبيت، واتذكر اني اصلي الفجر واسير في اجواء باردة الى صلاة المغرب دون توقف، وتعجبت كثيرا من حجم الخدمة التي يقدمها اهل العراق في مواكبهم وبيوتهم، واصبحت عاجزا عن وصف ما يقدمون لمن يسألني، ويوم وصلت الى كربلاء وصارت قبة الحسين امامي تملكني شعور غريب لا استطيع وصفه، ودخلت من باب الرجاء، وجلست على الارض على يمين الباب من الداخل وتملكتني نوبة بكاء قوية، وحضر خدام الحسين يكفكفون دموعي وبعد ساعات من البكاء دخلت للزيارة".
ربعي لم يصدقوني
وعندما نقلت ما رأيت الى معارفي و(ربعي) من الكويتيين ممن لقيتهم في العراق لم يصدقوني لانهم كانوا يعتبرون مسيرتهم من مدينة النجف الاشرف الى كربلاء المقدسة متعبة ومضنية فكيف بمن قطع (650) كيلومترا، ولم يكن حينها موجود توثيقا لمسيرتي، وبعدها بدأ عشاق الحسين الكويتيون بالالتحاق بمسيرتنا حتى وصل عددنا الآن الى اكثر من (150) زائرا، ونسير في داخل الاراضي الكويتية لمدة اربعة ايام نبات خلالها في الجهراء والصحراء والعبدلي، وفي العراق عندنا (16) محطة استراحة بعد ان تعرفت على خط سير الزائرين والمواكب والمناطق والطرق، ومنهم حصل التعارف مع اشخاص واصبح لدي معارف في كل مكان على طريق الزائرين واصبحنا اخوة، وفي قضية الامام الحسين (عليه السلام) على قدر فهمي لا يرد الله فيها محتاجا وقد شاهدنا الكثير من العطايا والكرامات لعشاق الحسين في مسيرتنا، ومن المواقف التي ابكتني وهي كثيرة هو موقف في اول سنة عندما اصر شخص على استضافتي واعتذرت منه بشدة، فأمر ولده الذي يبلغ من العمر (15) عاما بمرافقتي حرصا علي وعلى راحتي، وقد اكون شاهدت اعلى درجات الكرم لكن ان يضحي الاب بابنه لاجل زائر حسيني فتلك مسألة يصعب فهما".
من البيوت الى كربلاء
اوقفنا الزائر الكويتي احمد عبد الله ابو حمد بعد منتصف الليل وجبينه وجسده يتصببان عرقا من ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، فقال لوكالة نون الخبرية انهم " باشرت بالمشي مع المجموعة من العام (2019) وهم يسيرون من بيوتهم بعد ان يتجمعون الى مرقد ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، والمسافة داخل الكويت تصل الى (150) كيلومترا، وتزايد العدد من شخص واحد الى عشرة ثم عشرين الى ما وصل اليه الان، والموكب مكون من المعارف والاصدقاء وابناء العم، والمسافة تصل من بيوتهم الى كربلاء المقدسة الى (700) كيلومتر، واصبحت لدينا علاقات طيبة مع اشخاص عراقيين نبيت في بيوتهم ويتكفلون بخدمتنا، ونمشي (4) ايام في الكويت ونبيت ليلتنا اما في مضيف احد الوجهاء وبعدها نبيت في شاليه بمنطقة الاحمدي او في مزرعة احد المستضيفين لنا في العبدلي، وفي العراق الكرم الحسيني والضيافة لا يوصف بل يخجلنا، وكذلك الحال في جميع المحافظات التي نمر بها، وهذا الموسم وبسبب شدة الحرارة نسير ليلا ونرتاح نهارا، ونقطع يوميا من (30 ــ 35) كيلومتر، ويرافقنا معالجين طبيين متدربين على الاسعافات الاولية ومعهم معدات ومستلزمات العلاج، وفي كربلاء ندخل دخولا واحدا ونشارك مع مواكب بقية اهالي الكويت في الشعائر داخل مدينة كربلاء المقدسة".
تغيرت حياتي
فيما يشير الزائر الكويتي علي الحواج ويعمل في صيانة المدارس من منطقة حطين لوكالة نون الخبرية انه" التحق بالموكب سابقا في عامي (2017 ــ 2018) من مدينة السماوة لما لديه من التزامات، وهذا العام مسيره هو الاول من الكويت، وكان اخيه واولاد عمه قد سبقوه بالالتحاق بالمسير، ولتلك المسيرة اجواء روحانية مهيبة في نفسه، لا تجعلك تشعر بالتعب، واكثر موقف ابكاه هو عند خروجهم من سفوان واصحاب السيارات يستقبلونهم في الليل ويقدمون الطعام لهم، وتذكرت حينها عطش وجوع وتعب وضرب السيدة زينب والعيال والنساء والسجاد، والمناسبة هي عودة السبايا، ونقل تلك الصورة شجع الكثير للانضمام الى المسيرة"، مبينا ان "الشباب الصغار الذين تراهم في الموكب تأثروا باهلهم وهم يرافقونهم في رحلتنا هذه، ويسيرون حسب طاقة تحملهم وترافقنا سيارات اذا شعروا بالتعب يستقلونها، ويؤكد انه لا انسى ابدا اول مرة وصل الى ضريح الحسين (عليه السلام) وتملكه شعور غريب بالفرح والحزن واثر كثيرا في شخصيته وعلمه الصبر وتنظيم الوقت في الحياة وتبدلت حياته كليا".
قاسم الحلفي ــ البصرة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- نذر نفسه لمساعدة الناس: ام " الشهيد احمد" ..ولدي توسل بالحسين لنيل الشهادة ممزقا فكان له ما اراد
- يجريها فريق طبي عالمي مكون من (24) متخصص.. قلب الطفل "ايمن" من كركوك يعالج في مستشفى زين العابدين الجراحي
- لرعاية النازحين :العتبة الحسينية تفتتح مركز رعاية صحية في مستوصف الرسول الاكرم في لبنان(فيديو)