- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لمحة من التراث الحسيني الكربلائي (4 )
بقلم:حسن كاظم الفتال
الشيخ عبد الزهراء الكعبي ليس خطيبا فحسب بل فلكيا
لعل ما هو خافٍ على بعضنا أن معظم خطباء المنبر الحسيني في الزمن الماضي لم يكونوا مجرد أناس عاديين اكتسبوا علما من الدراسة التقليدية ولم تقتصر مسيرة حياتهم على الوقوف في محطة علمية معينة واحدة بل هم تجاوزوا ذلك فكانوا يبادرون وبسعي حثيث للإطلاع المتواصل على خفايا العلوم واسرارها ليكونوا ملمين بجوانب علمية متعددة مضافة إلى المواظبة على دراسة العلوم الدينية وهنالك الكثير من الشواهد لا سبيل لذكرها الآن . ولكن ذات ليلة ربيعية هادئة وبينما كان الخطيب الحسيني البارع المرحوم الشيخ عبد الزهراء الكعبي قاصدا الذهاب إلى منزله في منطقة العباسية وإذا به يتوقف وسط أحدى تفرعات شارع العباس عليه السلام وبالضبط أمام الباب الخلفي لبلدية كربلاء المقدسة ويرفع راسه إلى السماء يتطلع وكأنه يترقب شيئاً ما ولوقت طويل . وقد كان على بعد مسافة معينة يتجمع بعض الشبان اليافعين وبعض الصبية آنذاك من المتابعين للشيخ رحم الله من مضى منهم وأطال الله بأعمار من بقي منهم فهم اليوم من الوجهاء الحسينيين كانوا يتحدثون فيما بينهم وإذا بهم يشاهدون الشيخ يطيل النظر نحو السماء فاقتربوا منه وراحوا يتابعون النظر معه إلى السماء أيضا وإذا بالسماء صافية كل الصفاء جميلة والنجوم مشرقة ومضيئة وثمة نسيم طيب . فسالوا المرحوم الشيخ الكعبي قائلين : ( خيراً شيخنا ) فقال لهم رحمه الله : ( الذي بيته بعيد خل يروح للبيت بسرعة ) فمنهم من لم يفهم شيئا من هذه العبارة ومنهم من لم يذهب لقرب بيته داخل الفرع ولكن شخص واحد فقط وكان بيته خلف ( الطولة ) في المنطقة التي هي أمام مديرية السفر والجنسية لمحافظة كربلاء المقدسة حاليا . هذا هو الذي اسرع بالذهاب إلى بيته وكان من جملة الشبان الذين لم يذهبوا حينها الأستاذ الفاضل المحامي البارع الحاج ( عزيز النصراوي ) أطال الله في عمره شقيق الشاعر الحسيني المرحوم محمد علي النصراوي رحمه الله. لذا فهو يذكر ويقول ما أن مر وقت قصير أو ربما نصف ساعة وإذا بسحابة سوداء ادلهمت بها السماء وراحت تحجب النور . وإذا بها بعدد دقائق تهيل مطرا غزيرا فاضت به الشوارع . وجاء بعضهم في اليوم الثاني وسألوا الشيخ المرحوم : ( شيخنا . كيف عرفت ذلك ) ؟ فأجابهم : (آني دارس فلك ). أية مدرسة تلك مدرسة الإمام الحسين عليه السلام التي خرجت وتخرج هكذا تلامذة بارعين رحم الله الشيخ الكعبي وكل من مضى من العلماء والخطباء والشعراء والمنشدين الحسينيين والتابعين لهم والمشاركين وحفظ الله الباقين جميعا
أقرأ ايضاً
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2