- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مزارع المحاصيل المصرية ومزارع الفساد العراقية
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
هناك شعوبٌ و دُوَل، تأكُلُ ممّا تُنتِج، وتقوم بتصدير فائض إنتاجها إلى شعوبٍ ودولٍ أخرى.. وهناك "دولٌ" و"شعوب" تستورِدُ ما تأكلهُ من الآخرين، ولا تُنتِجُ شيئاً سوى النفطِ واللغوِ والبؤسِ والكراهية.
مصر (أنموذجاً):
110 مليون نسمة، ونهرٌ واحد.
- تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في مصر حالياً (2021)، 9.4 مليون فدّان، من بينها 6.1 مليون فدان أراضي قديمة، و3.3 مليون فدّان أراضي جديدة (تمت إضافتها من خلال مشروعات التنمية الزراعية في سيناء والدلتا الجديدة).
- تُخطّط مصر لإضافة أكثر من 3 مليون فدان إلى المساحات الزراعية الحاليّة خلال السنوات المقبلة، ليتجاوز إجمالي المساحات المزروعة 12 مليون فدّان.
- أدّت مساهمة الإستثمارات الحكومية في القطاع الزراعي إلى التوسّع في الإنتاج الزراعي والحيواني (أُفقيّاً وعموديّاً)، وتحقيق درجة عالية من الإكتفاء الذاتي في الغذاء.
- خلال الموسم الزراعي 2021-2022، زرعت مصر أكبر مساحة من القمح في تاريخها، حيث وصل إجمالي المساحات المزروعة بالقمح في مصر إلى 3.6 مليون فدّان، بزيادة 200 ألف فدّان عن الموسم الماضي.
- تُقدّر الإنتاجية المتوقعّة من تلك المساحة بـ 10 مليون طن، وهي تُشكِّل ما يقرب من 62% من الإحتياجات الكليّة لمصر من القمح.
- صُنّفَت مصر في عام 2020 كأكبر مُصَدِّر للحمضيات (الموالح) في العالم، وحافظت على هذه المكانة حتّى الآن (رغم ظروف خفض الأنتاج والتصدير نتيجة جائحة كورونا)، حيث بلغت صادرات مصر ما يقرب من 2 مليون طن من الحمضيات، بقيمة 850 مليون دولار. وتُعد الصين واليابان ونيوزيلندا والسعودية من أكثر الدول استيراداً لـ "الموالح" المصرية، من أصل 66 دولة أوروبية وآسيوية.
- تتمتّع صادرات مصر من الحمضيّات بميزتين نسبيّتين: الأولى هي انخفاض سعر الجنيه المصري، مما يُشجِّع على الإستثمار المحليّ والتصدير، والثانية هي الظروف المناخيّة، وطبيعة التربة، التي تمنح المنتجات ميزة الجودة في النوع والمذاق.
- تتصدّر مدينة "النوبرية" في محافظة "البِحيرة" قائمة المزارع المُنتِجة للحمضيات في مصر (تبلغ مساحة إحدى مزارعها 32 كيلومتر مربّع)، تليها محافظات الشرقيّة والقليوبيّة والإسماعيليّة.
- يبلغ إجمالي المساحة المزروعة بالبرتقال فقط في مصر 300 ألف فدّان، تمّ التخطيط لزيادتها مستقبلاً.
أمّا إجمالي مساحة المزارع المخصّصة لإنتاج جميع أنواع "الموالح -الحمضيّات" في مصر فيَصِل إلى 450 ألف فدّان. وتُعَد معظم هذه المزارع من المزارع متوسّطة الإنتاجيّة (9-10 طن متوسّط إنتاج الفدّان الواحد).. في حين تمكّنت بعض المزارع الكبيرة من الوصول إلى متوسّط إنتاجيّة بلغَ 30 طن للفدّان الواحد.
- حتّى تحافظ مصر على صدارتها في تصدير"الموالح -الحمضيات"، فقد قامت بوضع معايير دقيقة، وتطبيق إجراءات صارمة للزراعة والجَمع والتعبئة والتغليف، لكي تتوافق مواصفات منتجاتها مع المعايير العالمية، وبالذات مع تلك المعايير المُعتَمَدة في الدول المُستورِدة.. مع مراعاة الإجراءات الإحترازيّة لجائحة كورونا.
ويتم إخضاع جميع المنتجات المخصصة للتصدير لـ "الحَجر الصحيّ"، بهدف التحقّق من مطابقة المنتجات المصرية للشروط والمواصفات المعتمدة دوليّاً.
- تُصدّر مصر 50% فقط من إنتاجها من البرتقال، وتستهلِك الـ 50% المتبقيّة منها في السوق المحلية.
- تُخطّط مصر للتوسّع في تصدير محاصيل زراعية أخرى كالبطاطس والرز، وأن تصل في إنتاجها إلى مراتب متقدمة عالمياً.
مُقارنةً بذلك.. العراق (أنموذجاً) :
40 مليون نسمة.. و نهران كبيران.
- مساحة العراق 434.128 ألف كم مربّع (2020).
- إجمالي مساحة الأراضي الزراعية في العراق 92.500 ألف كم مربّع (2018).
- نسبة إجمالي الأراضي الزراعية إلى إجمالي مساحة العراق 21.3% (2018).
- نسبة مساحة الأرض الصالحة للزراعة من إجمالي مساحة العراق 11.5% فقط (2018).
- نسبة مساحة الغابات من اجمالي مساحة العراق 1.9% فقط (2020).
- اندثرت مدن وبساتين الحمضيات (التي يعتقد العراقيّون أنّ لا مثيل لمذاقها في العالم كُلّه، مع أنّهم يجب أن يقوموا بالإنتاج لأغراض التصديرعلى وفق مذاقات الدول المُستورِدة لمنتجاتهم، وليس وفقاً لمذاقهم الخاص).
- أندثرت مدن (بل ومحافظات) زراعية بأكملها، وتمّ "اجتثاث" نخلها وبساتينها على نحو جائر (لأسباب عديدة مثل شحّة المياه والتصحّر والملوحة و زحف المباني السكنية، وتحويل صنف الأراضي الزراعية إلى تجارية، والهجرة "المُنفَلِتة" من الريف إلى المدينة.. وأيضاً كنتيجة للصراعات الطائفية والعِرقية، و العمليات الإرهابية، والعمليات العسكرية).
- لم تقم الدولة بدورها في مواجهة ذلك .. ولم تُحرّك "الدولة" ساكناً لمواجهة تبعات ذلك، وقبلها لم تضع "الدولة" الخطط الكفيلة لتلافي حدوث ذلك.
- تخلّت "الدولة" تماماً عن دورها في دعم القطاع الزراعي، وأسهمَ فساد "مؤسّساتها"، وما تنتجهُ "مزارع" فسادها "النموذجية"من إجراءات وسياسات (في جميع المجالات)، في القضاء على أبسط الإمكانات "المحليّة" الكفيلة بالنهوض بالقطاع الزراعي في العراق، وبما يسمح له بتأمين جزء ولو يسير من إحتياجات العراق الأساسية من السلع الغذائية.. ناهيك عن أحلامنا المستحيلة بقيامه بالتصدير، أو بصيانة الأمن الغذائي الوطنّي، ضمن الحدود الدنيا المطلوبة لضمان توفير و "بسط" هذا الأمن، و في حدود العراق "السياديّة" على الأقلّ.
(لمن يود المقارنة بين العراق ومصر، بوحدة قياس مساحة متماثلة، فإنّ 1 كم مربّع = 247.11 فدّان ، والفدّان = 4.2 دونم).
أقرأ ايضاً
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- حماية الاموال العراقية قبل الانهيار