"بلغوا سلامي الى مرجعي السيد السيستاني وقولوا له ان يدعوا لي بالجنة فانا الان اقدم دمي قربانا للعراق وعسى ان اكون قد كفيت ووفيت وخلي يبري ذمتي ويدعيلي يم جده امير المؤمنين عليه السلام" تلك آخر وصية اوصى بها الشهيد مرتضى عباس حسن مهدي نائب الضابط في الجيش العراقي عبر اتصال هاتفي مع اخيه قبل دقائق معدودة من استشهاده بعدما حاصر الارهابيون مقر سريتهم في ناحية العظيم بمحافظة ديالى من كل الجوانب وقاتلوا لآخر طلقة ونفس.
البطل مرتضى مواليد 1989 من منطقة الجرية بمحافظة كربلاء المقدسة لديه ولدان "سيف وعلي" تربى في بساتينها ونفحات دواوينها وتقاليد عشائرها الاصيلة وجمع كل الصفات الطيبة منذ صباه فهو يحمل قلبا حنونا كقلب الامهات وعنده غيره تميز بها على اقرانه واقربائه واصدقائه فتراه سباقا لفعل الخير ومساعدة المحتاجين ولديه من الشجاعة والشهامة ما جعله يتميز بين زملائه في وحدته العسكرية، ولم يعرف اهله واصدقائه مساعدته للمحتاجين الا في ايام نصب سردق العزاء اذ شهد له الكثير بالاعمال الخيرية، لكن ما فاجئ اهله هو كثرة الناس الذين شهدوا له بمساعدتهم، واغربها آخر مبادرة طيبة منه كانت قبل يومين من استشهاده اذ ساهم بمبلغ مالي لمساعدة مريض من قضاء تلعفر كان يرقد في مستشفى زين العابدين اجريت له عملية ناجحة وجاء ذويه لتقديم الشكر لمرتضى لكنهم وجدوا سردق عزائه منصوبا بعد ان نال الشهادة، وظهر انه متفق مع احد اقربائه الذي يعمل في المستشفى على تبليغه بمثل هذه الحالات ليساعدها، وشهد له ايضا احد اصحاب المحال الغذائية بأن لده حساب جاري يجهز عدد من العائلات المتعففة بالاغذية ومرتضى هو من يسدد ثمنها، وهو حسيني ولديه موكب يحيي معه الشعائر الحسينية كل عام.
فاكهة الوحدة العسكرية
يقول اخوه حيدر عباس حسن في حديث لوكالة نون الخبرية، كان "يحب الحياة العسكرية وتطوع في الجيش العراقي في العام 2007 وشارك بمعارك كثيرة ضد عصابات القاعدة الارهابية وبعدها ضد داعش الارهابي في مناطق الفلوجة والرمادي والبوفراج والكرمة وجرح خلال احدى المعارك في ساقه، ورفض الاخلاء واستمر بالقتال وكان يخفي اصابته عن والدته المريضة بالقلب خشية تدهور صحته ويخفي المخاطر الكبيرة في مقاتلة عصابات داعش الارهابية خشية منعه من قبله اهله عن الالتحاق مرة اخرى، ويصفه رفاقه في الجيش بفاكهة الوحدة العسكرية، لانه خدوما وودودا ويخفف عن رفاقه المصاعب بل ويساعدهم في كثير من الاحيان ماديا ومعنويا".
مواصفات القائد
يشير زميله في الوحدة العسكرية علي لوكالة نون الخبرية ان "مرتضى يملك مواصفات القائد الميداني وبالرغم من انه نائب ضابط الا انه يشغل منصب رئيس عرفاء وحدة ويعتمد عليه الضباط في قيادة الفوج والسرية في حال تمتعهم باجازة او ذهابهم بأي واجب ليدير الامور بدلهم، وفي معركة الكرمة كان يقود قاطع كامل ونجح في فك حصار عن زملائه، وكان تحت امرته دبابتين وبطرية هاون ومسؤولية سرية اسناد فوج الثالث في لواء 53 بالفرقة 14 بما يعادل مسؤولية آمر فوج، لكن من الامور الغريبة في حادث استشهادهم ان مقر السرية مساحته تبلغ بحدود الف متر ولا يمكن لاحد عشر جنديا ان يحموها، ولا توجد فيها تحصينات او ابراج تحمي الموجودين ولا تتوفر اليات مدرعة يمكنهم المقاومة فيها او الانسحاب".
خبر الاستشهاد
وعن كيفية تلقيهم خبر استشهاده "افاد اخيه العسكري بالجيش ايضا والذي يتواصل معه عبر الاتصالات الهاتفية ليلتها، وكانت وحدته العسكرية قد تحركت من محافظة المثنى الى محافظة ميسان ولا يتوفر عنده شبكة الانترنيت فوجد رسالة من الهاتف من مرتضى يوصيه بها باولاده وامه وكانت هذه العبارة يرسلها دائما مع كل تعرض على مقر سريته لان هذا المكان كان يتعرض لهجمات الارهابيين باستمرار وكان مرتضى ورفاقه يقضون الليل كله بالدفاع عن مقرهم، لاسيما ان التعرض كان يتم بقناصات كاتمة للصوت وتحمل نواظير ليلية، وما ان استقرت وحدة اخوه العسكرية في ميسان وحصل على خدمة الانترنيت حتى اطلع على رسالة مرتضى في الواتساب تقول " اخي الحبيب الامور عندنا خطرة جدا وانا سأنال الشهادة اهتم باولادي"، وبعد ساعات اتصل عليهم شخص من سريتهم واخبرهم بانه مصاب "ليخفف وطئة الخبر عنهم" وابلغهم انه في مطار المثنى، فعرف اخوه ان مرتضى نال الشهادة بالفعل".
طلب الشهادة
حسنين محمود صديقه المقرب يشير لمراسل وكالتنا الى انه" تربى هو ومرتضى منذ الطفولة وهم اقرباء واصدقاء، وكان يوم مجيئ مرتضى عيدا لنا فنجتمع نحن اصدقائه الخمسة ولا نفارقه وكان لا يتحدث عما يجري في العسكرية خشية ان تسمع امه وتمنعه من الذهاب، وكان يكرر عبارة القناص ورمي القناص وكاتم القناص حيث كانت تحصل عليهم تعرضات بالقناصين يوميا وكنا نطلب منه الاحتماء او الاختباء وكان يرد علينا "شتخافون اموت يعني اصير شهيد هيه وينهه الشهادة"، ويضيف انه اتصل بمرتضى في الساعة الرابعة فجرا في يوم الخميس قبل استشهاده بيوم واخبرني انه سيأتي الى كربلاء يوم السبت لانه موعد اجازته، فنحب ونزلت دموعه عندما قال فجعت بخبر استشهاده في يوم الجمعة، وغيابه شكل فراغ روحي لنا نحن اصدقائه المقربين".
الساعات الاخيرة
علي هاتف عباس صديق مرتضى منذ الطفولة يصفه "بالبطل والمعين للكل، ويلخص محبة مرتضى ببكاء كل اهالي منطقة الجرية نساء ورجالا شيبا وشبابا على فقده، لانه كان بطلا بمعنى الكلمة، وفي ناحية العظيم كان يخبرنا انهم يتعرضون يوميا الى رمي القناصين ولا ينامون ليلا ابدا لان القناص يحاول استهداف الكاميرات الحرارية التي تكشفهم وكانوا ينزلوها ليلا ثم يرفعوها حتى لا يستهدفها القناص، واخبرنا انه في يوم الاستشهاد حاصر الارهابيون مقر السرية من ثلاث جهات وكانوا يرشقون المقر بوابل من الرصاص بمختلف الاسلحة وكان يرافقهم ثلاث قناصين برشاشات كاتمة للصوت، وطلبوا الدعم من مرجعياتهم العسكرية العليا لكن الدعم تأخر عليهم كثيرا ونفذ العتاد الذي بحوزتهم ولا يملكون الا سلاح خفيف ولا توجد سيارات مدرعة في المقر حتى يستطيعون المواجهة او الانسحاب فوصل الارهابيون الى باب السرية وقتلوا جميع الجنود والضابط ".
قاسم الحلفي - كربلاء
تصوير: عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- نذر نفسه لمساعدة الناس: ام " الشهيد احمد" ..ولدي توسل بالحسين لنيل الشهادة ممزقا فكان له ما اراد
- لرعاية النازحين :العتبة الحسينية تفتتح مركز رعاية صحية في مستوصف الرسول الاكرم في لبنان(فيديو)
- توجيه للسوداني قد يجد لها حلا :مناطق البستنة في كربلاء يعجز الجميع عن بناء مدارس لابنائها الطلبة فيها