- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تنظيم الأسرة ومواجهة خطر الزيادة السكانيَّة
حجم النص
بقلم: د.عدنان صبيح
مع العصر الحديث بدأت المشكلات الانسانية تتزايد بشكل كبير، قلة الموارد واجهها انفتاح الانسان على الصناعة والتجارة، وجاء اكتشاف الثروات ليعلن توجه العالم نحو زيادة موارده، الا أن المجتمعات أخذت تكتشف بالتدريج بأن تلك الحلول لم تكن دائمة، فلا ثروة مستمرة من دون نضوب، تقابلها الزيادة السكانية التي تقضي على كل محاولات ايجاد طرق كفيلة بالموازنة بين الموارد والسكان، ولذلك توجهت النظريات والحكومات والمنظمات الى قضايا من شأنها ايجاد ذلك التوازن بين السكان والموارد، اكثرها تطرفا لرجل الدين والباحث الاقتصادي ثيوس مالتوس.
حيث يرى مالتوس أن زيادة الثروات أدت الى زيادة السكان مما اثرت بشكل مباشر في الثروات، مبينا أن النمو السكاني يزيد على شكل متوالية هندسية، بينما تزداد الثروات وفق متوالية حسابية.
فاذا كانت المتوالية الحسابية للثروات (6 - 9 - 12 - 15 - 18 - 21) فان المتوالية الهندسية للسكان (6 - 18 - 54 - 162)، ما يجعل هناك عدم توازن بين المتواليتين السكانية والطبيعية، تلك النظرية تبرر الموازنة عن طريق الحروب والامراض والكوارث الطبيعية التي تقلل نسبة الزيادة السكانية، بينما عملت كثير من الدول برامج اقتصادية وسكانية لمواجهة عدم التوازن.
تلك المقدمة سببها اعلان وزارة التخطيط العراقية في اخر إحصائية لها ان نسبة السكان في العراق تزداد سنويا مليون نسمة. مقابل 41 مليون تعداد حالي. الا ان ذلك لم يكن موضع اهتمام المختصين الحكوميين والأكاديميين بشكل كبير، او الذي سيخلفه من كارثة هذه الزيادة الكبيرة، رغم الفجوات الاقتصادية التي نعيشها بالاعتماد على النفط بنسبة 90 %.
نسبة الزيادة السكانية في الدول النامية تصل الى 2 % بينما متوسط الزيادة في الدول الصناعية0.5 %. والمعادلة الديموغرافية تقول ان معدلات النمو إذا كانت 1 %، فان ضعف عدد السكان سيحصل خلال 70 عاما بينما إذا كانت النسبة 2 % فان الضعف يتحقق في 30 عاما فقط. والنسبة في العراق تجاوزت 2 % من خلال اعلان وزارة التخطيط بان معدلات النمو السكاني هي زيادة مليون شخص كل عام. يعني بان العدد السكاني في العراق سيصبح ضعفا بعد اقل من ثلاثين سنة.
على مستوى الثروات نحن بلد بالوقت الحالي لا ننتج الا النفط، والذي يقتصر عيشه على النفط يعيش الكسل وقدماه تضربهما الشمس وهو نائم، بالمقابل هناك شعوب مستيقظة نحو الزراعة والصناعة، اي انهم يصحون على وسادة الارض فيبحثون عن نتاجها، ونحن ننام على وسادة النفط،نستيقظ عندما تسلخ اقدامنا الشمس ونجد أنفسنا قد اطلنا النوم وتكاسلت اجسادنا وبارت ارضنا وتكلست مصانعنا.
تقابل ذلك ازمات نعيشها حاليا في الزراعة والنفط، ومشكلات في الصناعة والتجارة، ولذلك التفكير الجدي في ايجاد حلول لتقليل الزيادة السكانية، كما فعلت كل المجتمعات بعد اشارات الى الزيادة الكبيرة كأن تكون من خلال التوعية الدينية والاجتماعية.
او التوعية الاقتصادية وكذلك رسم خطط سياساتية تتلاءم مع التنبؤ بالنسب العالية ولتجارب المجتمعات أسوة جيدة، فقد واجهت الدول الزيادة السكانية بمكافئة محدودي النسل، والتخفيف من القيود المادية والغاء الضرائب عن عقاقير منع الحمل، والغاء منافع الانجاب، لتكون بوابة اولية لتقليل النسل. كما هي الإجراءات التي حدثت في الصين مثلا تقديم امتيازات معينة كالمعالجات الطبية والتعليم المجانيين لأسرة الطفل الواحد، بينما تقل في الطفل الثاني لتواجه الأسرة مشكلة اقتطاع الاجر الشهري عند ولادة الطفل الثالث.
وفي إيران مثلا فان الدولة واجهت الزيادة السكانية بعدد من الإجراءات لتحديد النسل، ورفعت شعارا خطابيا أسهمت فيه المؤسسات الدينية والاجتماعية بعنوان انتشر في كل مكان وهو (طفل واحد يكفي)، يقابل ذلك زيادة الدعم على العقاقير الطبية التي تساعد من تحديد النسل وأصبحت متوفرة ومجانية بصورة كبيرة. وفعلا حصل هناك تقدم لفترة من الزمن.
نحتاج الى حملة تقودها الدولة بكل مفاصلها تساعدها فيها المؤسسات الدينية والاجتماعية، حملة تتجاوز الاكتفاء بوصف الخطر، الى حملات توعية وخطاب موحد نرفع من خلالها شعار، (إضافة طفل يعني زيادة في الفقر)، مع فرض ضرائب صحية على غير الملتزمين بقانون الطفل الواحد، فضلا عن الامتيازات التي يحصل عليها الملتزمون بالقانون.
بالمقابل العمل على تنويع المصادر وعمل خطط لتطوير الزراعة، والصناعة لتكون الموارد موازية للارتفاع المرتقب في عدد السكان.
وعلى الجماعات الدينية والقرابية أن تكون جزءا من المشروع الوطني لتقليل الزيادة الديموغرافية. حفاظا على اجيالنا من مصائب تخلفها قلة الموارد وعدم قدرتها مواجهة الكثافة السكانية. والتي يعدها علماء الاجتماع مرافقة للازمات الحادة المتكونة من الكثافة السكانية وزيادة الهجرة الداخلية والخارجية سعيا للعمل، فضلا عن الضغوطات الكبيرة للمؤسسات والبنى التحتية، وتصاعد الجريمة والسكن العشوائي.