- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العدالة الانتقالية.. منهج ومسار
بقلم: أ.د عامر حسن فياض
العدالة الانتقالية منهجية لا تفسر واقع الحال بقدر ما تكون طريقا لمعالجة الحال، كما انها منهجية للمستقبل تقوم على تعزيز ثقافة نبذ الانتقام والثأر ومعاقبة قضائية غير عابرة ولا تقوم على أساس عفا الله عما سلف من جهة، ولا تقوم على اساس الانتقام والثأر من جهة اخرى، لأن منهجية العدالة الانتقالية تدخل ضمن فلسفة الحق وعندما تقوم منهجية العدالة الانتقالية على فلسفة الحق،فإن الحق لا بد ان يضمن بالدستور (دسترة الحق) وينظم بالقانون (قوننة الحق) ويمكن بالمؤسسات (مأسسة الحق).
ومنهجية العدالة الانتقالية في استخدامها تعزيز وتفعيل لسيادة القانون، لانها تعتمد الاجراءات والتدابير القضائية في محاسبة ومعاقبة الجناة وجبر الضرر وتعويض الضحايا، وهكذا فأن العدالة الانتقالية هي مسار وليس قرارا، انها مسار ذو ابعاد تتصل بالماضي لمغادرة ويلاته وبالحاضر، لتسهيل انتقاله للاحسن والافضل وتلافي تدهوره وبالمستقبل لتعزيز ثقافة نبذ الانتقام والتفرغ للبناء والتقدم.
وتتوزع مقومات العدالة الانتقالية على مضامين للعناصر الاتية:
كشف الحقيقة/ المحاكمات/ المقاضاة/ جبر الضرر وتعويض الضحايا/ الاصلاح المؤسسي وصولا الى اهداف العدالة الانتقالية المتمثلة بـ ( الاندماج المجتمعي – بناء السلام – المصالحة الوطنية ) وهنا فإن العدالة الانتقالية تتضمن ( عدالة جنائية – عدالة اجتماعية – عدالة اقتصادية ) ولابد ان تحصل العدالة الانتقالية لماذا؟
لغلق ملفات الماضي .
لمنع تكرار فواجع الماضي .
لمعرفة الحقائق المتعلقة بهذه الفواجع .
لمحاسبة مرتكبي هذه الفواجع (الجناة ) .
لتعويض الضحايا.
لإعادة بناء الوطن على اساس المصالحة الوطنية والسلام الدائم .
والعدالة الانتفالية مفهوم جديد اضيف الى مصطلحات السياسة والعلاقات الدولية ذات صلة بـ:
حقوق الانسان .
انظمة تسلطية ودكتاتورية .
احتلال عسكري .
مجتمعات انتقالية متحولة .
وهذه المنهجية نتوقف عند عناوين متشعبة في العلوم السياسية وابرزها :
إن العدالة الانتقالية تؤدي الى نبذ الانتقام بتدابير سياسية وقضائية .
حفظ الذاكرة الوطنية ومنع تكرار الانتهاكات لحقوق الانسان .
القصاص العادل من الجلاد وانصاف الضحية وتخليد ذكرى الشهداء .
وقبل ان تمارس منهجية العدالة الانتقالية في العراق فأنها مرت على التوالي بالمراحل الاتية:
المرحلة الاولى: مرحلة الحرب العالمية الثانية وهنا تميزت العدالة الانتقالية بالتجريم والمحاكمات لمنتهكي حقوق الانسان (محاكمات نورنبرغ في المانيا).
المرحلة الثانية: مرحلة ما بعد الحرب الباردة وتميزت العدالة الانتقالية بتطبيق اجراءات العدالة الاجتماعية للتعامل مع انتهاكات حقوق الانسان.
المرحلة الثالثة: مرحلة ما بعد انشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة في يوغسلافيا سابقا (1993) وفي راوندا (1994) وجنوب افريقيا منتصف عام (1995) لتعزيز الديمقراطية الوليدة ومغادرة سياسة التمييز العنصري، اما في العراق فقد بدأت العدالة الانتقالية بعد عام (2003) على شكل تشريعات ومؤسسات مثل وزارة حقوق الانسان /وزارة الهجرة والمهجرين/ المحكمة الجنائية العليا/ الهيئة الوطنية للمسألة والعدالة/ الهيئة العليا للمصالحة الوطنية/ مؤسسة السجناء/ مؤسسة الشهداء/ هيئة دعاوى الملكية/ قانون اعادة المفصولين السياسيين/ قانون تعويض المتضررين .