تعد اندونيسيا رابع بلدً في العالم من حيث السكان ويبلغ تعدادها (230) مليون نسمة تقريباً والمسلمون هم الغالبية فيها ويحتل الشيعة موقعاً جيداً فيها، وقد زار مدينة كربلاء المقدسة وفداً رفيع المستوى من علماء ومثقفي اندونيسيا بناءً على دعوة وجهت لهم من قبل الأمانة العامة للعتبة لحسينية المقدسة لزيارة العتبات المقدسة والاطلاع عن كثب على واقع الثقافة القرآنية في العراق.
وللوقوف على مجريات الزيارة وما تحقق خلالها من اتفاقيات تصب في خدمة الإسلام والمسلمين ، وكذلك للتعرف على أهم ما يواجهه الإسلام من تحديات في اندونيسيا،وماهو حال الدعوات التبليغية والتعليم لديهم، جميعها أسئلة ومحاور طرحها موقع نون على رئيس الوفد الزائر الدكتور(محي الدين جنيدي) أستاذ العلوم السياسية والاجتماعية،ورئيس مجلس العلماء الاندونيسي ورئيس مكتب العلاقات الخارجية والدعم الدولي في الجمعية المحمدية المركزية باندونيسيا.
نون* هل لك ان تخبرنا عن طبيعة الزيارة التي قدمتم بها الى كربلاء وانتم ترأسون وفداً رفيع المستوى من علماء إسلاميين ومثقفين، ومن ثم لقاءكم برجال دين ومسؤولين في العتبة الحسينية المقدسة ، وهل هذه هي الزيارة الاولى ؟
- ان هذه الزيارة هي الثانية بالنسبة لي وان الأولى كانت قبل عشرين عاماً وحينها لم تتح لي الفرصة لزيارة كربلاء،آذ لاحظنا ان أهل العراق يمتلكون ما هو كاف من الاستقرار والرفاهية وهذا خلاف ما عرفناه من الاعلام الدولي حيث وصٌف العراق بانه يعاني من حروبً وصراعات داخلية، ولكن بعد لقاءنا بالعلماء والقادة رأينا ان الصورة مختلفة كثيرة ونحن على يقين بانه سيكون هناك تعاوناً كبيراً وملموساً كون هذه الزيارة جاءت بدعوة رسمية من العتبة الحسينية المقدسة، وان جميع ماكان يردنا من أخبار عن العراق هي اخبار غير دقيقة وان وضع العراق جيد وأمن.
نون* كيف تصف مشاعرك وانت تقف بجوار ضريح الامام الحسين(عليه السلام) وتؤدي مراسيم زيارة امام عظيم وخالد في قلوب محبيه ؟
- حقيقةً لقد استغربت واندهشت عند دخولي هذه المدينة ومشاهدتي العدد الكبير من الزائرين ولم اكن اتصور من قبل ان هذه المدينة يقصدها هذا العدد الكبير من الزائرين وقد ظهر اني على خطأ بشأن هذا التصور لا سيما بعد زيارة المراقد المطهرة والمراكز الاسلامية وان هذا يدل على انجازات واسعة وعملاقة قد تحققت في العراق وخاصة في المجالات الدينية، بالأضافة لذلك كانً هناك اتفاق مع العتبة الحسينية المقدسة ومجلس علماء اندونيسيا من اجل التعاون في المجال الثقافي والاجتماعي وبالاخص في مجال القران الكريم ودراسة علوم القران عبر ارسال مجموعة من حفظة القران وقراءه للمشاركة في اندونيسيا خلال اقامة المسابقات والدروس التي من شأنها ان تطور البلدين وان تساهم في دعم العلاقات بين المسلمين .
[img]pictures/2011/02_11/more1298026237_1.jpg[/img][br]
نون * برأيك ما هي السبل الكفيلة لتعزيز العلاقات بين الشعبين المسلمين اللذين يشتركان بأخوة الاسلام والتي هي قبل الاخوة الثقافية التي سنشهدها عبر الاتفاقات؟
- نحن على علمُ انه ليس هناك مشكلة بين بالمذاهب الاسلامية او غيرها ونحن نعلم انه لا فرق بين احد وآخر الا انه هناك حملات دعائية من اعداء الاسلام وهم يريدون تشويه صورة الاسلام ويضايقون فرقة اسلامية معينة دون غيرها وهذا سيكون صعباً عليهم ما دام هناك رغبة في تعزيز العلاقات وتطويرها ولا سيما انه سيتم تنفيذ التعاون بمجال القران وعلومه في وقت قريب لاننا نرغب بمساعدة اخواننا في العراق لازالة الاتهامات والافتراءات الكاذبة بحقه، والبسبب ان العالم الإسلامي لا يمتلك أعلام دولي متطور وان جميع ما موجود هو محلي وغير قادر على مواجهة الاتهامات والافتراءات اما فيما يتعلق بنا فنحن مستعدون لتوفير كافة التسهيلات لتحسين العلاقات ولتطبيق الاتفاقيات مع العتبة الحسينية المقدسة.
نون * بصفتك رئيس مجلس علماء اندونيسيا وهو من المنظمات الناشطة ما هي طبيعة أعمالكم وهل هو مختص باندونيسيا فقط ام هو على مستوى العالم اجمع؟
- ان مجلس علماء اندونيسيا تأسس عام(1975) ومنذ تاسيسه ولحد الان لعب دوراً كبيرا في مجال التوعية الإسلامية للشعب الاندونيسي ولديه فروع في كافة أقاليم اندونيسيا في(33) محافظة ويضم اكثر من(76) منظمة وجمعية أسلامية،ويمتلك برامج أسلامية مكثفة خاصة ونحن نعمل في مجال الدعوة الإسلامية والاجتماعية رغم ان جميع سكان اندونيسيا مسلمين ولكن هناك(9.6%) من سكانها غير مسلمين وهي تمتاز بدستور مختلف عن ماليزيا وبريطانيا من ناحية اعتناءها بجميع الأديان سواء السماوية أو الأرضية، اما ماليزيا وبريطانيا فهي تعتمد ديانة رسمية لدولتها وشعبها وان الاديان الموجودة في اندونيسيا تتمتع بكافة حقوقها وممارسة تقاليدها وطقوسها وعاداتها ولا نستطيع ان نحد من هذه الأنشطة.
نون * هل تعتقد ان الحرية الدينية المتاحة في اندونيسيا والتي كفلها الدستور كافية تماماً امام المسلمين لممارسة فعاليتهم ونشاطاتهم الدينية ؟
- هناك بعض المعوّقات المتعلقة في تنفيذ المواد الدستورية والقوانين المعنية بالتسامح الديني بين المسلمين في اندونيسيا رغم ان المسلمين يمثلون الأغلبية ولكن بعض الديانات الأخرى تطالب ما هو أكثر من اللازم والمتعلقة بمبادئ الحرية في التدين ومنهم المسيحيون(البروستاتيون) وهم يمثلون نسبة (6.3 %)بينما البقية هم الهندوس، رغم أنهم حصلوا على الحكم الذاتي من قِبلنا ولكنهم ما زالوا يبالغون في طلباتهم المتعلقة بعدم تنفيذ أي عمل في يوم عيدهم(عيد الهندوس) متسببين بتعطيل المطارات والإعمال الأخرى من اجل ان يكون الكل خاضعاً لقراراتهم بينما نحن المسلمين رغم كثرة مناسباتنا لا نقوم بأي عمل مشابه لما يقوم به الهندوس وهذا بسبب معرفتهم اننا نقيم مبادئ ديننا بأفضل وجه رغم اننا أغلبية في اندونيسيا وهذا هو الشيء المزعج بالنسبة لهم علماً ان المسلمين قد تسامحوا مع الاقليات وعندما كنا أقلية اضطهدنا وظلمنا إضافة الى ذلك فان الاقتصاد بيد المستثمر الاجنبي الذي يراد منه الاظرار بالإسلام و المسلمين.
نون * ما الدور الذي قدمتموه كعلماء مسلمين في اندونيسيا إزاء هذه المواقف المعادية للمسلمين ؟
- لقد طالبنا الحكومة المركزية ووزير الشؤون الدينية ووزيري الشؤون الداخلية والخارجية بان يصدروا قراراً يتفق عليه من كافة الأطراف يلزمهم بتطبيق ما ينص عليه الدستور والقانون وقد صدر القرار ولكنهم لم يلتزموا به ولم ينفذوا منه شيئاً وقد حدثت بعض حالات العنف وهناك النصارى الذين بنوا كنائس في وسط المنازل والاحياء رغم وجود قرارات تنص على عدم بناء الكنائس في وسط السكان كونهم يعملون على الحركات التبشيرية لتنصير المسلمين وهم يستلمون المساعدات المالية من مختلف اطراف العالم وخاصة مجلس الكنائس الدولي وهذا في اندونيسيا الشرقية التي هي ذات اغلبية غير مسلمة، لذلك تجد المنصرون والمبشرون يفدون اليها وهم يمتلكون مطارات صغيرة وطائرات خاصة تتيح لهم الحركة والعمل لنقل الدعم المالي الخاص لتنفيذ مشاريعهم التبشيرية.
نون ماذا عن طبيعة العلاقات بين المسلمين انفسهم وغير المسلمين وهل هناك حالات عنف حدثت ؟
- حدثت حالات من العنف لان غير المسلمين قد خالفوا النظام والدستور وانهم قاموا بابراز مقدراتهم المالية لارضاء المسلمين رغم ان المسلمين متسامحين ومتحابين فقد اصبح هؤلاء مصدراً للعنف في اندونيسيا كما وانهم يستغلون الحوادث للحصول على الاموال والمساعدات بحجة انهم مستهدفين من قبل المسلمين وهو على خلاف ما يحصل ، اما ما يخص المسلمين فلديهم تعايش سلمي وموحد ومتواصل بين الجمعيات والمنظمات المسلمة في اندونيسيا وهي كلها تابعة لمجلس علماء اندونيسيا ونحن نتعاون من اجل الاسلام والمسلمين ولكن المشكلة ان هناك عدد من المسلمين لم يتمتعوا بالتربية الجيدة وهم يعيشون تحت خط الفقر اضافة الى ظلم الحكام وهي تحديات تواجه المسلمين في اندونيسيا وكذلك الرشاوي المنتشرة هي الاخرى التي تعطل من انتشار الدعوة الاسلامية وهناك العلماء والمثقفين الذين لا يقولون الحق كي لا يفقدوا مراكزهم وايضاً الاعداء الذين هم متفوقين في صناعة الاتهامات والافتراءات وهناك الاعلام المخادع والموجه من قبل المسلمين العلمانيين وهم ليسوا مسلمين حقيقيين لانهم يتاثرون بالمصالح الخاصة فقط ولا يهمهم مصلحة الاسلام والمسلمين.
نون *ما هي اهم الاساليب والوسائل التي يجب اتباعها من قبل علماء الدين لانقاذ اوضاع المسلمين في اندونيسيا او غيرها من البلدان ليؤدوا ادوارهم كأغلبية مسلمة ؟
- تم الحصول على الكثير من الاتفاقات التي تسمح بالحصول على حقوق المسلمين وهذا عبر مؤتمرات وندوات عقدت في اندونيسيا وغايتها نشر التوعية الاسلامية وتحسين القطاع الاقتصادي للامة الاسلامية في اندونيسيا ولكن عندما فتحت الابواب على مصراعيها للاستثمار ودخول المستثمر الاجنبي الذي هو غير مسلم ويتأمر على المسلمين ويميزونهم في العمل والتوظيف حيث لا يحظى المسلم بعمل مصرفي او كموظف في أي من المشاريع الاستثمارية وهو على عكس ما كان متوقعاً.
نون *الجمعية المحمدية المركزية ما هو نشاطها وأهدافها وهل هناك من خطط مستقبلية لكم فيها ؟
- في اندونيسيا توجد جمعيتان كبيرتان ولديهما اكثر من(80)مليون عضواً اولها الجمعية المحمدية والثانية (جمعية نهضة العلماء)، الجمعية المحمدية تأسست في عام (1912) ولديها (178) جامعة ومعهد واكثر من(17) الف مدرسة في كافة المستويات وعدد اتباعها اكثر من( 40)مليون نسمة وهدفها هو تحسين المستوى التربوي في اندونيسيا لانه لا يمكن تحسين العقائدية والرفاهية الا من خلال تحسين المستوى التربوي لان مشكلتنا منذ القدم هي التربية والسبب أن المستعمرين قد جاءوا بنظام تربوي مستقل وقد ألغوا الدراسات الاسلامية وقدموا العلمية عليها والتي هي لحد الان تحت الهيمنة وبالأخص الجامعات والمعاهد الحكومية لذلك نحن نرى ضرورة وجود المدارس الاسلامية ولكنها لا تمتلك العلوم العلمية في دروسها وهذا يؤدي الى عدم حصول المتخرجين منها على فرص عمل بعد تخرجهم من المدارس الاسلامية .
* برأيك كيف هو الاقبال على الاسلام مع وجود الحركات التبشيرية في اندونيسيا ؟
- ان عدد المهتدين يزداد بين عام واخر وبشكل هائل رغم وجود مجلس الكنائس الدولي الذي يمتلك مخططات لتنصير اندونيسيا وقد انفقوا اموالاً طائلة لهذا الشيء لكنهم فشلوا بسبب تضامننا في مجال الدعوة الاسلامية وهناك عمل مشترك في مجال الدعوات الاسلامية بكل المدن والقرى ونحن متفائلون فيما يحققه الإسلام والمسلمون من انتشار واسع في العالم.
حاوره /صفاء السعدي
موقع نون خاص
أقرأ ايضاً
- بدعم كامل من العتبة الحسينية المقدسة اجراء (1701) عملية جراحية خاصة ضمن برنامج الاستقدام والاخلاء الطبي
- عشيرة قدمت (100) شهيد :عائلة لبنانية تروي قصة استشهاد ولدها "محـمد" المتميز منذ طفولته
- مكتب السيستاني بدمشق :يد العون العراقية تمتد الى (7) الاف عائلة لبنانية في منطقة السيدة زينب