- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
إيقاف مدد الطعن في الاحكام والقرارات / دراسة على ضوء بيان مجلس القضاء الاعلى المرقم 41/ق/ أ في 6/4/2020
القاضي صباح رومي عناد العكيلي / عضو محكمة التمييز الاتحادية
مدة الطعن هي الفترة الزمنية التي بانقضائها يمتنع على المحكوم عليه ان يطعن في الحكم، ويترتب على فوات المدد القانونية للطعن، سقوط الحق في الطعن وهذه المدد حتمية، وتعد من النظام العام، وتقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها برد عريضة الطعن اذا حصل بعد انقضاء المدد القانونية، والعلة في تحديد مدد الطعن هي منع استمرار الطعن الى ما لا نهاية ويجعله سيفا مسلطاً على المحكوم له، ويؤدي الى تراكم القضايا امام المحكمة وتأخير انجازها ويؤدي الى عدم استقرار المعاملات والمراكز القانونية لذا حدد المشرع مدداً للطعون وجعلها من النظام العام لا يجوز زيادتها أوانقاصها، حيث نصت المادة (171) من قانون المرافعات المدنية النافذ على انه "المدد المعينة لمراجعة طرق الطعن في القرارات حتمية يترتب على عدم مراعاتها وتجاوزها سقوط الحق في الطعن وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها برد عريضة الطعن اذا حصل بعد انقضاء المدد القانونية".
ولما كانت مدد الطعن من مدد السقوط وليست من مدد تقادم الحق اذ بانقضائها يسقط الحق في الطعن بحكم القانون ولا يسمح اي عذر لقطع هذه المدة أو قطعها الا في الحالات الواردة في المادة (174) من قانون المرافعات المدنية والتي نصت على انه:
((1ـ تقف المدد القانونية اذا توفي المحكوم عليه أو فقد أهليته للتقاضي او زالت صفة من كان يباشر الخصومة عنه بعد تبلغه بالحكم وقبل انقضاء المدد القانونية للطعن.
2ـ لا يزول وقت المدة الا بعد تبليغ الحكم الى الورثة أو احدهم في آخر موطن كان للمورث أو موطن من يقوم مقام من فقد أهليته للتقاضي أو صاحب الصفة الجديدة.
3ـ تجدد المدد بالنسبة لمن ذكروا في الفقرة السابقة بعد تبليغ الحكم المذكور على الوجه المتقدم)).
لذا فان المشرع العراقي قد أجاز وقف هذه المدد بقوة القانون عند توفر الظرف القهري لوقفها والتي لا تكون للخصوم يد فيها، لان وجود هذه الظروف يؤدي الى منع الخصم المحكوم عليه من ممارسة حقه في الطعن وهذه الحالات كما اشارت اليها المادة المشار اليها وهي؛ 1) وفاة المحكوم عليه، 2) فقدانه لأهلية التقاضي، 3) زوال صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عن المحكوم عليه، ويستمر وقف مدد الطعن الى ان يتم اعلان الحكم الى من يقوم مقام المحكوم عليه وذلك بتبليغ الحكم الى من يقوم مقام الخصم الذي توفي أو فقد اهليته أو أزيلت صفته الاجرائية ويلزم التبليغ في تلك الحالات دائماً لسريان مدد الطعن حتى لو كان الحكم قد سبق تبليغه الى الخصم الذي توفي أو فقد أهليته أو زالت صفته الاجرائية، الا ان الفقه والقضاء قد استقر الى حالات تقف معها سير مدد الطعن ومنها الحادث القهري الذي يحول دون امكان رفع الطعن كحالة انقطاع المواصلات بسبب الحرب أو ثورة داخلية أو كوارث طبيعية أو اضراب عام تعد بمثابة قوة قاهرة تؤدي الى وقف سريان هذه المدد وتخضع تقدير ما اذا كانت الواقعة المدعى بها قوة قاهرة الى محكمة الموضوع الخاصة بالنظر في الطعن ويجب ان تكون قد حصلت خلال سريان مدد الطعن.
وفي ظل انتشار جائحة وباء كورونا فان مجلس القضاء الاعلى الموقر قد حسم الموضوع في اعتبار مدد حظر التجوال وتعطيل الدوام الرسمي في البلاد تلك المدد هي وقف سريان مدد الطعن في البيان الصادر عنه بالعدد 41/ق/ أ في 6/4/2020 والذي نص على انه ((بالنظر للظروف الذي يمر به البلد بسبب انتشار فايروس كورونا وتعطيل الدوام الرسمي تقرر ايقاف سريان المدد القانونية الخاصة بالطعون في الاحكام والقرارات طيلة فترة تعطيل الدوام الرسمي ابتداء من تاريخ 18/3/2020 بسبب انتشار فايروس كورونا على ان يستأنف سريانها في يوم بدء الدوام الرسمي بعد زوار الحظر...)). وقد سار القضاء التونسي بنفس الاتجاه فقد اصدر المجلس الاعلى للقضاء بالمذكرة الصادرة في 15 مارس 2020 المتضمن بأن الوضع الصحي الاستثنائي الذي تمر به البلاد نتيجة مرض الكورونا يدعو الى اتخاذ بعض التدابير وكان أولها بالمذكرة ((اعتبار الوضع الصحي العام الذي تمر به البلاد من قبيل القوة القاهرة)) وكذلك بيان الهيئة الوطنية للمحامين في تونس يوم 15/مارس/2020.
اما القضاء المصري فان محكمة النقض المصرية وعند النظر في الطعن رقم 12079 لسنة 1981 قضائية جلسة 513/2012 الذي تضمن ((...اذا كان البين من الكتاب الدوري رقم 5 لسنة 2011 الصادر عن وزارة العدل ان هناك قوة قاهرة منعت المتقاضين من الطعن في الاحكام في المدة في 26/11/2011 حتى 7/2/2011 مما لازمه وقف سريان المواعيد الاجرائية المتعلقة بالطعن على الاحكام ومؤدى وقف سريان ميعاد الاستئناف خلال تلك المدة المشار اليها عدم احتسابها ضمن ميعاد الاستئناف الذي سرى من صدور الحكم المستأنف في 28/12/2010 وكذلك الطعن المرقم 5527 لسنة 1981 قضائية جلسة 17/4/2018 الدائرة المدنية الذي تضمن بانه اذا كانت الظروف الاستثنائية الذي مرت بها البلاد بسبب ثورة 25 يناير ومالابسها من مخاطر لم تكن متوقعة الحدوث ولا قبل الخصم بدفعها او التحرز منها من شأنها ان تعد من حالات القوة القاهرة التي يترتب عليها وقف ميعاد الطعن في الاحكام....، وما أخذت به المحكمة العليا في سلطنة عمان في الاخذ بتعطيل الدوام الرسمي بالاستناد الى احكام المادة (41) من النظام الاساسي للدولة وبناءاً على قرار اللجنة العليا المشكلة بناءاً على الاوامر السامية من جلالة سلطان عمان أدت الى وقف سريان كافة مواعيد الطعون أو الاجراءات بمعياد زمني بالقرار 111 في الطعنين 160/2020/ 161م وكذلك نص المادة (19) من قانون الاجراءات المدنية والتجارية.
لذا فان الحاجة قائمة لتعديل نص المادة (174) من قانون المرافعات المدنية المشار اليها سابقا لتتضمن الحادث القهري دون التقيد بالحالات الثلاثة الواردة في النص المذكور وتضع حداً للاجتهاد الفقهي والقضائي.