بقلم: سالم مشكور
القصف الصهيوني لمواقع إيرانية فجر السبت الماضي بدّد قلق الإدارة الأميركية الحريصة على منع توسع الحرب، إذا ما كانت الضربة الصهيونية قوية وتجبر إيران على الانخراط مباشرة في الحرب بكل ثقلها.
الديمقراطيون لا يريدون توسيع الحرب، خوفاً من تأثيرها على نتائج الانتخابات التي تجري في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، وهم لا يريدونها لأنهم قلقون على مصير الكيان. هم يتحدثون عن خطر جنون نتنياهو على "إسرائيل" التي قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يجاهر بصهيونيته، إن وجودها ضروري جدا للمصالح الإيرانية، ولو لم تكن موجودة لكان على بلاده ايجادها.
لكن هذا الربيب المحظي يتمرد على سيده ويزدري طلباته وتوسلاته، بل أن جوقة نتنياهو أبدت انزعاجها الشديد من مهلة الثلاثين يوما المضحكة، التي أعطاها بايدن لنتياهو للتخفيف من استهداف المدنيين. استكبروا حتى هذه الخطوة المسرحية التي لا قيمة لها. ردة الفعل تؤكد ما يقوله محللون أميركيون بان الولايات المتحدة باتت محتلة من قبل إسرائيل.
هيمنة الكيان الصهيوني على مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة باتت مشهودة. اللوبي الصهيوني في أميركا هو الذي يدير مؤسسات المال والسياسة، وهو الذي يقدم الدعم المالي للمرشحين ليصلوا إلى الكونغرس، والبيت الأبيض، وعندها سيكون مضطراً لأن يقوم بما يجب لدعم "إسرائيل".
هكذا أصبح الدعم الأميركي اللامحدود للكيان الصهيوني عنصر قوته شبه الوحيد، يدعمه حالياً، ليس التخاذل العربي، بل الدعم العربي الذي تقدمه أكثر الأنظمة العربية إلى الكيان.
لا يختلف الحزبان الديمقراطي والجمهوري في تبني دعم "إسرائيل"، بل إن هذا الأمر يصبح مادة مزايدة بين الحزبين قبيل كل انتخابات رئاسية أميركية، لكن الحزب الديمقراطي يواجه حرجا داخليا في الإفصاح عن هذا الدعم، بسبب موقف الجالية العربية والمسلمة، التي تشكل أكثرية في ولاية ميشيغان التي تلعب دورا كبيرا في تحديد الفائز باعتبارها من الولايات، التي تلقب بـ"المتأرجحة" أي غير المحسوم ولاؤها.
عادة ما كان المسلمون والعرب يعطون أصواتهم إلى الديمقراطيين، باعتبارهم يدافعون عن الأقليات ويعطون التسهيلات للمهاجرين، لكن هذا الموقف تغيّر خلال العامين الأخيرين لسببين، الأول: تمادي الحزب الديمقراطي في دعم عمليات التحول الجنسي، ودعم وشرعنة المثلية والذي وصل إلى أطفال المدارس ورغما عن والديهم، والثاني: موقف الإدارة الديمقراطية الداعم سياسيا وعسكريا ومالياً، لعمليات الإبادة والتدمير التي تمارسها القوات "الإسرائيلية" في غزّة منذ أكثر من عام ليضاف اليها القصف والقتل والتدمير في جنوب لبنان وبيروت منذ حوالي الشهر.
ولم تخفف من الغضب العربي – الإسلامي الأميركي من إدارة بايدن بعض التصريحات والخطوات باتجاه نتنياهو وحكومته للتخفيف من حجم الوحشية المتبعة.
الحزب الجمهوري ليس أفضل حال من سابقه في هذا الملف، فمرشحه دونالد ترمب وثيق الصلة بالكيان، وصهره "الإسرائيلي" كوشنير هو الذي يضع الخطوط العريضة لتشكيلة الحكومة وبرنامجها في حال فوز ترمب ويتفاخر ترمب بأنه على اتصال يومي بنتنياهو الذي يدعم وصوله إلى الرئاسة الأميركية مرة أخرى.
ومع ذلك فان رؤساء بلديات بعض المدن في ولاية مشيغان من العرب أعلنوا تأييدهم لترمب ربما ليس إعجابا به بل نكاية بالإدارة الديمقراطية الحالية، فيما لا يزال ثلث العرب والمسلمين الاميركيين يقولون انهم لن يصوتوا لأي من المرشحَين.
لا يخفي ترمب دعمه لنتنياهو ووحشيته في غزة ولبنان، لكنه يشترك مع بايدن في عدم الرغبة بتوسيع نطاق الحرب لتشمل إيران. سأله مراسل محطة إيرانية معارضة عما إذا كان سيعمل على تغيير النظام في إيران في حال وصوله إلى البيت الأبيض، فكان جوابه صادما للمراسل: "لا أنوي الإطاحة بالنظام الإيراني ولا نريد حرباً ضد إيران، بل نريد منع طهران من امتلاك السلاح النووي وحسب".
حالياً، وبعيدا عن الدعاية النفسية التي تصور "إسرائيل" متفوقة ولاجمة لإيران بعد الضربة الأخيرة، فإن مؤشرات أخرى بعضها معطيات على الأرض تؤشر على تراجع متوقع في الاندفاعة "الإسرائيلية" لصالح إيجاد حل بوقف القتال بعد تفاقم الوضع الداخلي الإسرائيلي وتفاقم عمليات المقاومة اللبنانية التي أثبتت أن اغتيال قادتها لم يؤثر في قدراتها القتالية.
أقرأ ايضاً
- منْ الذي يُلجمُ نتنياهو ؟
- أيهما أقل ضرراً: ترامب أم بايدن؟
- عن الذي لا يحتاجُ “عيد الغدير” كي يُحب الأمير