- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
اسواق النفط: نحو اعادة ترتيب قواعد اللعبة والنفوذ العالمية
بقلم : د. مظهر محمد صالح
بلغت سوق النفط النقطة القاتلة في حرب الاسعار oil price war بعد ان هبطت العمليات الانتاجية في اشد بقاع العالم الى نقاط التعادل النفطية break even points حيث تعادلت كلف الانتاج النفطي للبرميل الواحد مع مردودات البيع دون ان تترك للبلدان المنتجة للنفط وغيرها اية فوائض ريعية وعلى وفق تقاليد اسواق النفط .
فمؤشرات النمو السنوية للعام ٢٠٢٠ لمجموعة الاوبك هبطت من ٤،٥-٥٪ في الناتج المحلي الاجمالي فانها تتراجع وفق احدث التقديرات الى اقل من ١٪ ، في حين تتعرض اقتصاداتها إلى أزمة ثنائية twin crise في الحساب الجاري لموازين مدفوعاتها والموازنات العامة تخطت نسبتها الى الناتج المحلي الإجمالي المرتبتين العشريتين و للعديد من دولها .
فالاستراتيجية الجديدة لسوق النفط واللاعبين المستحدثين فيها تعتمد مايسمى بلعبة المجموعة السالبة negative sum game التي أخذت - [ ] قوى نفطية عريضة بممارسة الاغراق المفرط dumping وتضخيم العرض النفطي وجر الجميع الى نقطة مجهولة لتلمس قاع السعر في اسواق الطاقة.
ان طرفي اللعبة وخصومها هم التحول من مايسمى { اوبك +} ودخول الاتحاد الروسي كلاعب في تحريك الكارتل النفطي الى ولادة لاعب جديد هو مايسمى { اوبك -} وذلك بخروج لاعبين تقليدين في منظمة اوبك الى خارج الكارتل التقليدي نفسه وهي المملكة السعودية وتكوين قوة انتاج جديدة تعادل قوة أوبك وتفوقها .
اذ تحارب المملكة السعودية والمجموعة الخليجية بنطاق انتاج واسعار خارج العقلانية الاقتصادية وسعي المملكة الى تخطي حاجز ١٣ مليون برميل لتشكل مع انتاج الولايات المتحدة وكندا ودول الخليج تكتل نفطي جديد يعزز منطقة النفوذ الامريكي في قيادة سوق الطاقة في العالم منفرداً.
وتقوم الآلية المستحدثة للعبة المجموعة السالبة المشار اليها انفاً بجعل مجموعة { اوبك+} في ظل حرب اسعار النفط الراهنة مجرد متلقية للسعر oil price taker والخوض في منافسة تفكك تنظيم اوبك التقليدي تدريجياً { اوبك +} لامحالة ولمصلحة الكارتل المحتكر الجديد ليكون هو الصانع للسعر oil price maker .
ان فلسفة تبديل مناطق النفوذ النفطي قد اعتمدت فكرة العلاج بالصدمة النفطية oil shock therapy وهي العملية السعرية الجراحية بتحويل منظمة البلدان المصدرة للنفط من { اوبك+} الى { اوبك-} قد اعتمدت ادوات ومبادئ مدرسة المحافظين الجدد في الاقتصاد او سلوك المدرسة الليبرالية الجديدة التي تستخدم العلاجات الجراحية في تسيير قواعد لعبتها واعادة بناء الاقتصاد العالمي والهيمنة علية متروبولياً من خلال احياء فكرة القومية المركزية للنظام الرأسمالي.. انها القطبية الاحادية في ادارة شؤون الطاقة في العالم والتحكم بمدخلاتها ومخرجاتها المالية والسعرية والاستراتيجية .
فأسواق النفط ينبغي ان تدخل سوق المستقبليات وعموم الاقتصاد الرمزي token economy وهي خالية من الفوائض العالية. انها معادلة الصراع بين تحصيل الريع النفطي وتحصيل عوائد الفائدة في معركة يقودها الاقتصاد الرمزي النفطي صانع السعر oil price maker مع الاقتصاد الحقيقي النفطي oil price maker. انه عصر الماركنتالية المالية في استحواذ الفائض النفطي وتدويره إلى المركز المتروبولي الام .
أقرأ ايضاً
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي
- فلسطين والجامعات العالمية والصدام الكبير
- السياسة تتدحرج نحو الهاوية.. ومصير العراق على المحك !