طالب الظاهر
مثلَما كان وسيبقى هو تأييد المرجعية العليا الداعم للمظاهرات والاحتجاجات بالأسلوب السلمي، والمساند لاستعادة الحقوق الشعبية المضيّعة، وكذلك موقفها المعروف ووقوفها الدائم في صفّ الحراك الشعبي المشروع، وتأكيدها على مواصلة الجماهير لمسيرة حركته الإصلاحية، وقرارها على المضيّ قدماً في هذا السبيل، واصرارها عليه ومهما كانت التضحيات، حتى تحقيق النصر الكامل لحركتهم، وبلوغ الهدف السامي وهو (الإصلاح).
ترهيب السلطة
رغم حكمتها وحِلمها جاء تأكيد المرجعية العليا مرة بعد أخرى.. بل تكرر تأكيدها على إدانة الاعتداءات المستمرة على المتظاهرين السلميين، أو محاولة ترهيبهم.. ومطالبتها بمحاسبة الجناة الفاعلين وتقديمهم للعدالة، ومهما تكن مناصبهم وانتماءاتهم، كون هذا التظاهر جزءا من حق المواطنين في التعبير عن رأيهم، وقناعتهم بإدارة السلطة الحاكمة في البلاد، وبذات الوقت تجديد المطالبة بتقديم من تلطخت أياديهم بالدماء أو التخريب – دون مماطلة أو تسويف- الى القضاء لمحاسبتهم، وانزال القصاص العادل بحقهم.. ليكونوا عبرة لمن تسوّل له نفسه في الاعتداء والإجرام من الأفراد الآخرين.. سواء أكانوا من منتسبي القوات الأمنية، أو كانوا من المحتجين.
فقدان الشرعية
في الأنظمة الديمقراطية يكون الشعب هو الجهة الوحيدة من تملك الحق بمنح الشرعية.. ضمن مدة الدورة الانتخابية، وهو كذلك الوحيد صاحب الحق على سحب مثل هذه الشرعية الممنوحة في حال انحراف الحكومة عن برنامجها الانتخابي الخدمي التي تم انتخابها من أجل تنفيذه، حينئذ تصبح هذه الحكومة فاقدة الشرعية من الناحية الاعتبارية وليست القانونية، وإن استمرارها يغدو أشبه ما يكون بتصريف للإعمال، حتى يعلن عن موعد اجراء انتخابات مبكرة أو في موعدها المحدد الاعتيادي كل أربع سنوات، من أجل انتخاب حكومة جديدة، كون هذه الحكومة لم تلبِّ طموحات الشعب المشروعة، بل كانت تعمل على مصالحها الحزبية والفئوية والطائفية، وفق مفهوم المحاصصة البغيض في تقاسم مغانم وثروات البلاد.
مطالب الإصلاح
من الواضح هو استمرار البطء والتلكؤ في استجابة القوى السياسية الحاكمة في تنفيذ المطالب المشروعة للمحتجين، حيث إن الأمور تشير الى عدم جدية تلك القوى، وتنبّه الى عدم قدرتها ربما على التلبية للمطالب، وعلى الأقل محاولة اعادة جسور الثقة المتزعزعة بينها وبين المواطنين.. نتيجة أجندة ارتباطاتها السياسية، وهذا مّما يثير المزيد من الشكوك حولها وحول جدية نواياها الإصلاحية.. حيث إنها بدل المسارعة في اجراء الإصلاحات الممكنة حتى ولو الشكلية منها، ومن ثم العمل على تقديم كبار الفاسدين الى العدالة، واستعادة الأموال المنهوبة منهم، والغاء الامتيازات الممنوحة دون وجه حق للفئات الخاصة على حساب سائر الشعب المحروم، تحقيقاً للعدالة الاجتماعية، أقول بدل كل ذلك يقابلون تداعيات الوضع المتأزم باللامبالاة، وربما بعدم التقدير للمخاطر الجمّة التي تحيق بالبلاد والعباد.
الوطن مغانم
مع الأسف الشديد إن القوى السياسية الحاكمة مازالت تنظر الى البلاد، رغم الدماء العزيزة، والأوضاع المأزومة على إنه مجموعة امتيازات وأرباح ومنافع شخصية وحزبية وفئوية، يتم توزيع مواردها حسب الثقل السياسي للكتلة والحزب والمنصب، على حساب شرائح واسعة من الشعب المحرومة.
والغريب بتلك القوى السياسية الحاكمة إنها مازالت تمنّي النفس بأماني عودة الأمور الى سابق عدها، قبل تفجّر الوضع بالمظاهرات والاحتجاجات.. حرصا منها على عدم خسارة تلك الامتيازات والأرباح والمنافع الشخصية والحزبية والفئوية، وما ذلك منهم إلا أحلام يقظة وحسب!.
تدخلات مقابلة
سيبقى أجمل ما في المظاهرات والاحتجاجات القائمة حالياً، هي إنها نابعة من حس وطني وديني أصيل في الجماهير، من أجل غاية نبيلة هي الإصلاح، فالحذر.. الحذر من اغراءات هذا الطرف أو ذاك من الأطراف الإقليمية والدولية، فهذه الأطراف كل يحاول أن يفرض أجندته ومصالحه على الآخر، لكن على حساب العراق.. ليحوّل البلد بالأخير الى ساحة مفتوحة للصراع من أجل فرض نفوذه، وبالتالي تصفية حساباته مع الطرف المقابل المناوئ له، والخطورة تكمن بأن تداعيات كل تلك التدخلات الخارجية إنما سيدفع ثمنها المواطن البسيط من دمه وثرواته.
أقرأ ايضاً
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر
- لماذا تصمت الحكومة أمام عقود أندية دوري "لاليغا" ؟
- الحكومة والامريكان وإدارة ملف الأموال العراقية