هشام الهاشمي
تحالفـات تتولـد من خـلال التفاعلات السياسـية في خضـم المنافسة للوصول إلى الرئاسة، بـين الأحـزاب والقـوى الإسـلامية من جهة، وبـين غيرها مـن الأحزاب الموجـودة في السـاحة، من ليبراليـين علمانيين، أو شـيوعيين، أو غيرهـم مـن جهـة أخـرى، عادة ما تشكل التحالفات السياسية بين قوى وأطراف حزبية وسياسية لمواجهه أخرى تختلف معها فكريا وسياسيا.
لقـد أصبـح الحديـث عـن الممارسـة الديمقراطيـة في العراق بعد عام ٢٠٠٥ يقـضي بالاعـتراف بالتعدديـة أولاً ثـم الاعـتراف بحـق الخصـم في المعارضـة وعـدم الإقصـاء. وقـد غـدا الاحتـكام لهـذه المبادئ هـو الفيصـل عنـد حـدوث التجاذبـات بـين القـوى الفاعلـة في الشـأن السـياسي، أمـا الخـروج عليهـا فهـو تهمة كـبرى لا يكاد يـبرأ منها فاعلهـا، وبلاء الحـركات الإسـلامية في هـذا المجـال بـلاء كبير.
فنجـد تحالف النجيفي في مواجهة الحلبوسي على زعامة البيت السني، وتحالف الخنجر في مواجهة الكربولي على قيادة سنة الانبار وصلاح الدين، هذه التحالفات التي تسعي ظاهرا الى وحدة قيادة البيت السياسي السني، لكنها لا تزال تعاني من عدم التماسك او التمركز حول قضية جامعة أساسـية التي تقوم عليها التحالفات العقلانية الديمقراطية، كما جرى في كثير من المجتمعات التعددية، وهناك دائما حاضرا قويا تحالفات علاوي والمطلك، ومركزية الحزب الإسلامي العراقي وفروعه وتفاهماته، في مواجهـة التحالفات الصاعدة نحو انتزاع زعامة البيت السياسي السني منهم، كما حدث ان فشلت تلك التحالفات الصاعدة من انتزاع الزعامة منهم في أعوام ٢٠١٠، ٢٠١٤، ٢٠١٨.
أحد معضلات التحالفات السياسية(السنية) أنها لا تعرف بالضـبط مـن تواجهـه أو بـالأحرى لا تعـرف بصـورة واضحة حجم خصمها الرئيسي أي التيار الاخر.
وعلى رأسها الحزب الإسلامي العراقي وحزب الوفاق وجبهة الحوار الوطني: هـل سيترشـحون كحزب وباسمهم الصريح في الانتخابات؟ وهل بشكل علني أو مستتر، وما هو وزنهم الحقيقي، وهـل سـيقدمون مرشـحين غـير معـروفين أو يتفاهمون مع أحزاب موجودة؟ كل هذه تساؤلات تجعل المنافس الحقيقي للحلبوسي والنجيفي والخنجر والكربولي غير ظاهر وهو ما يمثل أحد العوامل التي تساعد على عدم وجود تحالف قوي كبير وواضح بسبب عدم وجود هذا المنافس القوي الواضح.
صحيح أن البعض يعتـبر حـزب تقدم (بزعامة الحلبوسي) هـو المنافس القوي الواضـح، والواقـع يقـول إن الحزب الإسلامي وعلاوي والمطلك وسليم الجبوري لا يجدون غضاضة في أن تتحالف احزابهم وكياناتهم مع الحلبوسي، والبعض الآخر يجـده أقـرب له مـن النجيفي والخنجر والكربولي.
نفطة ارتكاز قد تنقسم على أساسها التحالفات الانتخابية السنية تتعلق بالموقف من عودة النازحين وملف المغيبين وملف الحشد الشعبي في المدن ذات الأغلبية السنية.
وهناك تحالف عطاء الذي يضم بشـكل أساسي أعضـاء معظمهـم انتمـى إلى الأحزاب السنية سـابقا، وتحالف البناء الذي يضم قوى وتيارات سنية فاعلة وليبرالية محسوبة بالكامـل عـلى العرب السنة والحقيقة أن هذه التحالفات "السنية الشيعية" عادة ما تنهار بعد اكتمال المحاصصة وتتقلص حتى تندثر.
المؤكد أن أزمة التحالفات السنية في نينوى وديالى والانبار كبيرة، ومشاكلها متعددة وهي جزء من مشاكل المجتمع السني، حتى أصبحت بعض هذه التحالفات جـزءا مـن حالة التجريف السياسي التي دمرت مدن العرب السنة.
ففي أي تجربة ديمقراطية هناك تحالفات تنهار وتتمزق، وتأتى أخرى حاملة لمشـاريع بديلـة، ولا يكـون هـذا الانهيار الا بسـبب تنازع القيادات على الرئاسة والثروة والسلطة، أو لأنهم كانوا راغبين في أن يصبحوا وزراء في الحكومـة وحـين تـم استبعادهم غادروا التحالف، وليس لأنهم بالأساس معارضين لتوجهات الموالاة الحكومية، او لديهم رؤيـة ومشروع سياسي آخـر يختلـف عـن مـن في الحكم.
التحالفات السياسية السنية لن تضم كل الأحزاب التي تراهن على الديموغرافيا السنية وربمـا سـيكون في صـالح العرب السنة أن يكون هنـاك تحالفان كبـيران يجمعان كل توجهات العرب السنة الليبرالية والقومية والإسلامية، ويترك للجمهور حرية الاختيار.
أقرأ ايضاً
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- التداعيات السياسية بعد قرار المحكمة الاتحادية
- العملية السياسية تستعيد عافيتها !!