بقلم: هادي جلو مرعي
قرر الأمين العام لمجلس النواب العراقي سيروان سيريني إلزام الصحفيين من مراسلين ومصورين بإرتداء الزي الموحد المتمثل ببذلة رسمية وربطة عنق عند الورود الى مبنى المجلس، وبخلاف ذلك يتم منعهم من الدخول، وقد رفضت الدائرة الإعلامية في المجلس القرار لكنها لم تستطع منعه، وهناك قرار ثان يجري الحديث عنه يتم بموجبه نقل الدائرة الإعلامية الى مبنى ثان خارج مبنى مجلس النواب العراقي، مايعني إبعاد الصحفيين عن العمل البرلماني بالتمام والكمال بعد أيام من تهديدات جنرال في الجيش بإعتقال كل صحفي يقوم بتغطية التظاهرات التي تشهدها مدينة البصرة المنكوبة في الجنوب العراقي.
في الدول التي تشهد تغيرات سياسية كبيرة تقلب النظام السياسي والعقائدي، وبنية الدولة الأساسية تمر المؤسسات التنفيذية والتشريعية بمخاضات عسيرة، ونشهد المزيد من التلكؤ والفساد، وغياب الرؤية والحلول للمشاكل، ويعم التخبط والفوضى ويجتهد الجميع، وتتناوش القوى السياسية والطائفية والقومية فيما بينها بحرب معلنة وسرية، وتتحول الدولة الى مجرد بيادق تتنقل من يد الطائفة الى يد القومية، ويعمل في تلك المؤسسات بشر كثر علماء وجهال مدركون وغير مدركين لمسؤوليتهم، فتتعدد الآراء والوجهات، وتضيع البوصلة، ولانعلم متى يحين حين الإهتداء الى جادة الصواب وطريق الهدى.
حين يتوعد مسؤول رفيع في البرلمان الصحفيين بإجراءات قاسية، ويطلب منهم أن يرتدوا الزي الموحد مثل طلاب المدارس والجامعات فإنه سلوك غريب ومثير للريبة في النوايا والتوقيت، وما إذا كان الأمر صدفة وإجتهادا، أم لغرض تعطيل عمل وسائل الإعلام والتضييق عليها، ومنعها من أداء واجبها الوطني والإنساني في الوصول الى المعلومة، وحينها يكون البرلمان وهو السلطة المسؤولة عن حرية الشعب وحرية التعبير سببا في تعطيل الحريات، ووأدها بالكامل بعد أن كان متوقعا منه حمايتها والسهر عليها.
الصحفيون ياسادة مراسلون ومصورون ومحررون يستهدفون الأحداث وتغطيتها، وهم لايستطيعون إرتداء الملابس الثقيلة، أوالبروتوكولية وتلك التي تمارس فيها الحياة الطبيعية في الندوات الخاصة والمؤتمرات والحفلات والسهرات، وعند حضور لقاءات عمل رسمية مع مسؤولين كبار، ولذلك يحتاج المراسل حين يتنقل من مكان الى آخر إرتداء بنطلونات وتيشيرتات خفيفة وأحذية رياضية لأنه يحمل أدوات ثقيلة، ويحتاج الى السهر والإنتقال عبر مناطق ريفية ووعرة وفي ميادين مواجهة، أو يركض خلف نائب بحثا عن تصريح، أو لتغطية مؤتمر صحفي، ولايجد سندويتشا يأكله على عجالة، ولذلك فعلى مجلس النواب أن يفهم طبيعة العمل الصحفي، فالصحفيون ليسوا طلاب مدارس ثانوية، ومهمتهم مختلفة.