- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
انهاء داعش... الكماشة ضرورة عسكرية
بقلم: مازن الزيدي
حاولت اميركا فرض خطة "حذوة الحصان" لتحرير مدينة الموصل وعموم محافظة نينوى.
كانت الرؤية التي سايرتها الحكومة السابقة تقضي ببدء العمليات العسكرية من شرق الموصل والاستمرار بالتقدم بشكل الطوق المفتوح للضغط على داعش مع ابقاء منفذ لانسحابه وتراجعه من مركز المحافظة ثم الى الاراضي السورية عبر منطقة الجزيرة.
جرى ذلك في وقت كانت قطعات الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والتدخل السريع وتشكيلات اخرى قد وصلت الى مطار الموصل من المحور الجنوبي.
ومن دون سابق انذار او توضيح قررت قيادة العمليات تجميد التقدم في المحور الجنوبي، رغم الاندفاعة والانجازات السريعة المتحققة، ونقلها الى المحورين الشرقي والشمالي لاسباب غير مجهولة لمن واكب تلك الايام.
كانت الخطة الامريكية لا تعير اهتماماً لخطورة ابقاء فلول داعش على حدود العراق مع سوريا، بقدر اهتمامها باحراج روسيا وايران واستنزافهما لاطول مدة ممكنة، بالاضافة الى محاولة قطع الاتصال بين العراق وسوريا باقليم تسيطر عليه داعش، وكان مهيئاً لكي يتحول الى عاصمة بديلة بعد تحرير الموصل.
لكن اندفاعة الحشد والشرطة الاتحادية باتجاه المحلبية صعودا الى تلعفر ثم القيروان والبعاج عند اقصى الحدود، حوّل الحذوة الى كماشة منعت انسحاب داعش وتشكيله حواضن في مناطق اخرى من جهة، كما ساعد من جهة اخرى على سرعة حسم المعركة ومنع اطالتها بقطع الامدادات والتعزيزات القادمة من الرقة ودير الزور.
كانت واضحة جداً العرقلة الامريكية لخطة الكماشة سواء في الداخل العراقي او على الجانب السوري، وكان واضحا ايضا ان الرؤية الامريكية تسعى لادارة ملف داعش في المنطقة وليس انهائه بشكل تام.
فالحرص الذي ابدته واشنطن لحماية بقايا داعش في شرق الفرات ومنع النظام السوري او حتى الطيران الروسي من استهداف هذه الغدة الداعشية المنتشرة على الشريط الحدودي بين البلدين، كان يهدف لتعزيز التواجد الامريكي في سوريا او العراق وشرعنة استمرار نشاط ما يسمى بالتحالف الدولي ضد داعش، وابقاء المنطقة في دائرة التهديد والتوتر الدائمين.
وإلا لو كانت اميركا جادة بالقضاء على داعش، لأكملت تسليم صفقة مقاتلات F16 التي ابرمها العراق منذ ٢٠١١، ولسمحت لبغداد بالحصول على منظومات دفاع جوي وانذار مبكر يحمي الاجواء والحدود العراقية من اي خرق او اي تسلل.
اليوم وبعد نحو عامين على بدء عمليات تحرير الموصل واعلان التحرير الكامل،
تتضح اهمية الكماشة العراقية / السورية كستراتيجية عسكرية لانهاء وجود داعش بشكل جذري.
وعلى ضوء خطة الانسحاب الامريكي من شرق الفرات، التي تقدر بمساحة ٨٠كم مربع، فإن الظروف باتت مؤاتية لتنسيق عراقي - سوري للاطباق على اخر معاقل الارهاب بين البلدين؛ بتنسيق اطراف التحالف الرباعي بقيادة روسيا واشراك تركيا في ذلك.
في هذا الاطار تتسرب انباء عن خطة مشتركة تم انضاجها بين بغداد ودمشق لاطلاق عمليات متزامنة قريبا على جانبي الحدود، قد تتضمن دخولاً محدوداً للقوات العراقية لمطاردة داعش في الجانب الاخر من الحدود.
وما يعزز التنسيق المتصاعد بين دمشق وبغداد في مواجهة داعش، الضوء الاخضر الذي حصل عليه العراق من سوريا، والذي سمح لسلاح الجو بتوجيه ضربات مكثفة على مواقع واوكار داعش في داخل الاراضي السورية.
هذا التنسيق اثبت جدواه خلال الفترة القليلة الماضية، ويجب ان يتم تطويره بشكل كبير لانهاء اي تهديد ارهابي يتخذ من المناطق الرخوة منطلقاً ضد كل من البلدين.
لان من شأن هذا التنسيق وتحوّله الى تكامل عسكري امني بين البلدين، ان ينهي الحاجة للتواجد العسكري الامريكي والغربي في العراق وسوريا وانهاء مبرراته. والذي سيعني ايضا بالضرورة عودة سيادة الدولتين على كامل اراضيهما وانهاء سيطرة التنظيمات الارهابية على بعض المناطق وتحويلها الى منطلق لزعزعة الامن والاستقرار.
فالانسحاب الامريكي من شرق سوريا بقرار ارتجالي متسرع يترك المنطقة تحت رحمة الفراغ الامني، يثبت بما لا يقبل الجدل ان انهاء الارهاب هو مسؤولية دول المنطقة، وان التدخل الامريكي طالما فاقم هذا التهديد وحوّله الى مسألة وجودية لشعوب المنطقة.
أقرأ ايضاً
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- الأهمية العسكرية للبحر الاحمر.. قراءة في البعد الجيوستراتيجي
- ضرورة المصارحة.. لتحقيق مصالحة شاملة