بقلم:واثق الجابري
الوطن لولا الإنسان المواطن؛ مجرد احجار ورمال وربما بدون أشجار، ولا يعتبر المواطن نفسه مواطناً، أن يك له في الوطن داراً وجاراً ومدينة وإدارة، ولن تكون بعين الوطن مواطناً، أن لم تدفع عنه الأخطار والأقدار وتزرع الأشجار وتنظم الأنهار، ومعنى الوطن لا يكمل بدون مواطن ولا المواطن بلا وطن.
مشكلة العراق من الأزل؛ شكوى مواطنيه من أزمة السكن، وضيق العيش والطبقية، وإستغلال مشاعر ومطالب المواطنين ومتاجرة النخب السياسية بهم.
عُرف العراق منذ سنوات تأسيسه، بيوت مواطنيه طيناً وأراضيه بوراً، لأنها للدولة وما المواطن إلا أجير فيها يُستدعى عند الملمات، وتنتفي حاجته بعد قضاء حاجة الوطن او جاء من يقبل أن يكون أقل منه سعراً، ويرى الأرض أمامه متروكه لا مزورعة ولا مستثمرة، وأمنيته الحصول على قطعة يسكن فيها مطمئناً، حتى وصل قيمة وأهمية السكن، للمساوة بالأصوات الإنتخابية مقابل وعود السكن.
المشكلة الأزلية؛ كَد المواطن طوال حياته للحصول على قطعة أرض، ليشعر أنه في وطن، وما أن يجمع ما شقاه في حياته، ويستدين فوقها كي يبدأ ببناء بيت، سرعان ما يتركه لورثته ثم يعودون بنفس القصة الشاقة، وهذا ما دفع بعض المواطنين الى البحث عن السكن، مستغلاُ إنفلات القانون وشعوره بالغبن ويرى الأراضي أما متروكة او تحت سيطرة أطراف متنفذة، ومع حاجة المواطن تحركت عصابات ومستثمرين وجهات سياسية، للإستيلاء على الأرض وبيعها للمواطن.
في بغداد لوحدها آلاف التجمعات السكانية العشوائية، وكذا الحال لبقية المدن والمحافظات، بمخالفة للتصاميم الأساسية، وتجاوز على المشاريع وتحويل المناطق الزراعية والخضراء المحيطة الى مجمعات سكنية، ومنهم من حصل على 50 وآخر 800 متر، بعضهم بيت صفيح او خيمة، وغيره بيت يكلف سعر حياً من أحياء الفقراء، وبين مهدد بالإزالة وهو مضطر، ومخالف بشكل صارخ محمي من جهات نافذة كمشروع إستثماري.
الأمثلة كثيرة ومتشابكة، ولكن تبني الحكومة والبرلمان لإعداد قانون لتميك سكان العشوائيات، مخالف للمنطق والقانون والعدالة، وسيسمح لمن إستغل ضعف تطبيق القانون الى التجاوز أكثر وإنتظار التمليك مستقبلاً، وطبيعة هذا التشريع يعني أن الحكومة والبرلمان، يسعيان لتلميع الواقع بمخالفة القانون وخداع المواطن، فيما تشير الفقرة الخامسة أنه يشمل فقط غير المخالف للقانون، بينما 90% من الساكنين مخالفين حسب تقارير أمانة العاصمة.
ليس من العدالة تمليك مواطناً 800 متر، بينما الآخر 50 متر، ولا من المساواة عيش المواطنين بمناطق متفاوتة الخدمات، وبعضها معدومة.
أزمة السكن بحاجة الى حلول إستراتيجية، والنظر بتوفير مليون وحدة سكنية سنوياً، لكي تتناسب مع عدد الولادات، وتُبنى بشكل حضاري بخدمات متكاملة من مدارس ومستشفيات وبنى تحتية، وما قيمة المواطنة في الوطن أن لم يجد المواطن سقفاً يحميه من حرارة الصيف وبرد الشتاء، ولكن هذه القضية الجوهرية، خضعت للمزايدات السياسية ومساومة المواطن على صوته الإنتخابي، ومثل هكذا أغراءات قبيل الإنتخابات، تزوير لإرادة الناخب، وإبعاده عن الإختيار الصحيح، بفعل من أبشع وسائل التزوير والإبتزاز، وتغيب إرادة الناخب عن خيارات يمكن له إختيار مشاريع سياسية قادرة على تحقيق أبسط مقومات المواطنة.
أقرأ ايضاً
- أسطورة الشعب المختار والوطن الموعود
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- القتل الرحيم للشركات النفطية الوطنية