- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المحسوبية والمنسوبية اشد حالات الفساد في العراق
حجم النص
بقلم: عمار ياسر العامري يعتبر الفساد من اشد الإخطار على بناء الدولة, كونه عدو غير ملحوظ, ولا يمكن التصدي له وجه لوجه, إنما يحتاج لفنون تواكب التطور في الإمكانيات المستخدمة لإشاعة الفساد في المؤسسات الرسمية وشبة الرسمية, وحتى في السلوكيات والأخلاق العامة للإفراد والمجتمع. فان العراق يعيش أقسى مرحلة في تاريخه من صراعه مع الفساد, إذ أن هذه الآفة ليس وليدة الساعة أو خلقتها الظروف الحالية, أنما هي حالة تراكمية لترسبات الفساد السابقة, نتيجة السياسات الحكومية في العقود الماضية, فرغم إشاعة ثقافة الإسلام المجتمعية في العراق, وصفاء النفوس ودماثة أخلاق حتى غير المسلمين, ألان إن الأنظمة السابقة خلقت حالات من لا شعورية في ارتكاب الجرائم السلوكية لدى الفرد العراقي, بحيث بات الشخص يرتكب مخالفات قانونية, ولكن يشرعنها تحت مبدأ القرآن الكريم "الأقربون أولى بالمعروف" متجاهلا الضوابط والآليات التي يجب التعامل بها وفق الإحكام الدينية, فالإسلام يقول "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ" إذن لابد أن تكون هناك أولويات بتقديم الشخص لأي مكان أو تأخيره, بما يصطلح عليه "الرجل المناسب في المكان المناسب". ولكن عندما سيطر الفساد والمفسدين على تشريع القوانين وتوزيع الاستحقاقات, لم يمنح "كل ذي حق حقه", ولم يعمل بالواجبات الشرعية والقانونية والأخلاقية, أنما أصبحت المؤسسات تدار وفق المحاصصة الحزبية أو الفئوية, أو ما يسمى "المحسوبية والمنسوبية" فالتعيين والاختيار صارا فقط للأقربين, وأصبح ما ليس لهم فيه حق ملك صرف, مبتعدين عن القيم الإسلامية, أن كانوا إسلاما حقاً, وعن الأعراف الإنسانية إن لم يفقدوا إنسانيتهم, الأمر الذي ينظر له كأنما ضيعة خاصة, بحيث إن القوانين التي تسن أو تشرع لخدمة المجتمع والفائدة الناس, باتت توضع لخدمة فئات محددة وجهات معينة , وتصاغ على مقاسات خاصة, وتصنف الدرجات الأولى والثانية للأولاد والإخوان والقيادات الحزبية, أما الدرجات الأخرى للأقارب والأصدقاء والمعارف, ويستثنى من ليس له حزب أو مختلف عن التوجيهات الخاصة والعلاقات العائلية. الأمر الذي جعل الجميع يغرق في متاهات الفساد, بدون الاعتراف بأن هذه التصرفات خاطئة, ومحرم شرعاً, حيث شاعت ظاهرة "وضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب له", وتقريب ذوي القربى بحجة الاعتماد الشخصي عليهم, وإبعاد غير المعروفين عن العمل, وأيضا في هذه الحالة يبدو أن انعدام الثقة وعدم الاطمئنان, هو من عزز هذه التصرفات الخاطئة, وربما التفكير السلبي في السرقة والاختلاس أو غسيل الأموال أو اخذ ما يسمى بـــ"الكومنشنات", هي من شجعت على تقريب الأقارب للوقوف بوجه الآخرين, متناسين أن القانون الوضعي ربما يغفل عن معاقبتهم, ولكن القانون الإلهي لا مفر منه, حيث عقوبة الله ستأتي عاجلاً أم أجلاً.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى