حجم النص
بقلم:احمد الجنديل في كل صباح يتعالى الصراخ، وتأخذ الأوداج بالانتفاخ، وتتمدد الألسن بطريقة مدهشة، والجميع لا شغل له، ولا شاغل لديه سوى الشعب. نشرات الأخبار تعلن كلّ صباح، وقبل صياح الديكة، مقتطفات من خطابات الولاة، وفرسان التضحية الشعبية، وهم يتباكون على مصير شعوبهم. اجتماعات متلاحقة، ومؤتمرات مكثفة، وبرامج ترتدي ثوب الجدية القصوى، جميعها تتحدث عن الشعب الواحد، والجميع يختتم أعماله بالتوصيات التي من شأنها رفع مستوى الشعوب إلى الارتقاء الأمثل. مليارات يديرها عملاء، وجواسيس، ومؤسسات متخصصة بالإنفاق، وأخرى بالتمويل، وماكينات إعلامية تدور على مدار الساعة، مهمتها طبخ الخطاب السياسي وتقديمه شهياً ساخناً إلى الشعب. سجون، ومعتقلات، وتعذيب، وإقصاء، وتهميش، واغتيالات، وتهجير، تبدأ بالشعب، وتنتهي بالشعب، من اجل النهوض بالشعب، ودفعه إلى الأمام. أموال مهربة، وعقارات مسروقة، وعبوات ناسفة، ومسدسات كاتمة للصوت، وسيارات مفخخة، جميعها تفتك بأرواح الشعب، تحت شعار حمايته وازدهاره. حروب طائفية يديرها رجال السياسة، أكلت الأخضر واليابس، وحصدت الرؤوس، وخلفت وراءها جيشاً من الأيتام والأرامل، من أجل أن يتنعم الشعب بالحياة الحرّة الكريمة. ومع كلّ فصل من فصول هذه اللعبة السمجة، والاستعراضات الساذجة، يتلقى الشعب صفعة تدفعه إلى كهوف الفقر والمرض والجهل، ومع استمرار هذه المسيرة العاهرة من منبعها وحتى مصبها، تسحق الشعوب تحت عجلات الفساد، والنهب، والسلب، وتسير نحو الحضيض. ومع تبادل الأدوار، أدمن الحكام العزف على مستقبل الشعب ومصيره، وأدمن الشعب على حياة الانكسار والتبعية. وبدلاً من الإيمان، بأنّ السياسة هي مهنة خلق (الدوافع والحوافز) التي من شأنها انتشال الشعب من مستنقع الظلم والتهميش، إلا أنّ الساسة أصروا على النهج الذي يضمن لهم امتيازاتهم الرخيصة، وأن يظلّ الشعب فاقداً للخيط الرابط بين ما يحدث، وبين مصالحه الحقيقية. مبروك لكل الحاكمين على تحقيق أحلامهم الوردية في إذلال الشعب، ومبروك للشعب الذي ارتضى أن يكون بيادق خرساء على موائد المقامرين والمتغطرسين والفاسدين، سائلين المولى القدير، أن يسدد خطى الجميع من أجل تحقيق أهداف الشعب. إلى اللقاء.
أقرأ ايضاً
- اختلاف أسماء المدن والشوارع بين الرسمية والشعبية وطريقة معالجتها
- كيف تكشف الخلايا النائمة للأحزاب على مواقع التواصل الاجتماعي؟!
- الموازنة في الأرجوحة والشعب "طلعت روحه" !