حجم النص
كتب الباحث في شؤون الارهاب علي الطالقاني مقالا دعا فيه الى ايجاد عوامل وقاية ضد التنظيمات الارهابية التي قال عنها تأتي عبر ايجاد حل ليس بالضرورة أن يكون عسكريا، والانتباه لعدم تكرار الخطأ مرة ثانية في مواجهة التنظيمات الارهابية بطرق تقليدية. واضاف الكاتب هناك حاجة لتوضيح الجوانب التي تم اهمالها، حيث لم تراعَ امورا عدة كان ينبغي مناقشتها بشكل دقيق في التصدي لداعش، حيث يجب ايقاف تدفق المقاتلين، ومتابعة حركة الأموال بطريقة تمتاز بالدقة والمرونة والشفافية، ودراسة العوامل الاجتماعية والاقتصادية، ونشر ثقافة التعايش، والتعريف بالدين الحقيقي للإسلام الخالي من العنف، والايمان بحقوق الاخرين سياسيا واقتصاديا، وايجاد جيش مدرب ومنظم، وعلاقات خارجية متينة للبلد... وينبغي ان يركز المسؤولون العراقيون مستقبلا على ان يكون هناك بدائل للحرب على التنظيمات الارهابية. وكشف الطالقاني عن مساحات تواجد العناصر التابعة لـ "داعش" وعن نوايا التحالف الدولي في توجيه ضربات حقيقية لانهاء عناصر التنظيم، فقد قال ما زالت الموصل والفلوجة ومناطق حزام بغداد ومدن أخرى تعيش على وقع الحرب فيما تزايدت الشكوك حول نوايا التحالف الدولي لدحر داعش وخصوصا بعد التخمينات التي تخص الوقت المحدد للقضاء على التنظيم أولا، وثانيا هناك اجراءات منقوصة تتعلق بالحرب على داعش من بينها الافتقار الى استراتيجية كاملة تستهدف جذور الارهاب، كذلك تسود مخاوف تجاه سياسة واشنطن من اتباع سياسة الارض المحروقة وإحراق القرية بغرض إنشائها من جديد. وتحدث الطالقاني عن طبيعة الصراعات التي تقف خلف التنظيمات الارهابية التي قال عنها انها ادوات كون جعلها وسيلة ضغط سياسية على الحكومات من اجل تقديم تنازلات سياسية لمصلحة دول معينة. الموقف السعودي الايراني واعتبر الكاتب ان التهديد الكبير الذي يواجهه العراق قائما من خلال مشكلة النزاع الايراني السعودي الذي لاينفك ويؤثر في السياسة العراقية، فالسعودية بنظامها المدعوم من قبل الحركة الوهابية والعكس صحيح قد لا يدفع ذلك بمكافحة الارهاب بشكل حقيقي لان العلاقة بين الطرفين متلازمة وتاريخية ولا يمكن التعويل عليها بشكل كاف. اذا قال الكاتب ان الحكومة الشيعية في العراق بالنسبة للنظام السعودي وجها آخر لإيران وسياستها في المنطقة فالنظام السعودي يعتبرها مجرد حكومة ايرانية، حيث رفضت السعودية في وقت سابق ارسال سفير للعراق محرّضة الدول الخليجية على اتباع نهجها. حين كانت تطمح بان تحصل ايران على نكسة من خلال قيادة حملة لإسقاط بشار الأسد عبر دعمها للمتطرفين الذي يعملون على تغذية العداء السني الشيعي ماضية في دعم السنة وتحريضهم على قتل الشيعة وتهجيرهم. وأضاف الطالقاني ان إيران بدورها تعترض على قيام السعودية بحملة لإسقاط نظام بشار الاسد مصرّحة في أكثر من مناسبة عن عدم موافقتها على ذلك، كذلك اعترضت على شن التحالف الدولي غارات ضد داعش التي وصفتها بالخروج عن القانون، وان التنظيم ما هو الا نتاج الاستراتيجية الأمريكية متهمة اياها بتعزيز الإرهاب في المنطقة. الموقف القطري وبخصوص قطر كشف الكاتب عن دورها وسياستها في المنطقة وموقفها من الحركات المتطرفة التي قال ان دورها مشبوه ويلفه الغموض فإنها لم تعالج قضايا الاموال التي يعتمد عليها تنظيم داعش الذي يهيمن على موارد مالية كبيرة غير خاضعة لسيطرة أي سلطة أو منظمة. حيث يكسب التنظيم يوميا 3 ملايين دولار عبر الجريمة المنظمة وبيع النفط وسرقت البنوك، فقد كشف مسؤول في صندوق الدعم الدولي حين اجرى لقاءات مع مسؤولين قطريين في متابعة حركة الاموال التي دافع عنها القطريين حينما قالو انها قد اوقفت لكن فيما بعد اكتشف ذلك المسؤول ان التصريحات مغايرة للواقع تماما، فضلا عن ان قطر تتمتع بدهاء في ملف المفاوضات بين الجهات المتطرفة والجهات المتضررة كما حدث ذلك بخصوص مفاوضاتها ولعبها دور الوسيط ووعودها للحكومة اللبنانية، حول جهودها من اجل الافراج عن العسكريين المخطوفين، وهو الأمر الذي وضعها في ريبة بعد صفقات إطلاق رهائن عدة من قبل مع تنظيمات ارهابية. الموقف التركي أما بخصوص تركيا فقد قال الكاتب، برغم انضمام تركيا للتحالف الدولي في حربه على داعش فهي الأخرى متّهمة بتسهيل دخول اعداد كبيرة من العناصر المقاتلة إلى سوريا والعراق وأنها تأوي مجاميع إرهابية. مستشهدا وتأييدا لذلك بما كتبه مختصون في المجال منهم ريتشارد كيرباج، المراسل الامني الذي كتب مقالا في صحيفة صنداي تايمز بعنوان "جهاديون من بريطانيا غير قادرين على العودة من تركيا بعد الفرار من داعش". اذ يقول كيرباج إن نحو مئة جهادي بريطاني انشقوا عن داعش تقطعت بهم السبل في تركيا لأنهم يخشون السجن اذا عادوا الى بريطانيا. واشار الى ذلك من قبل نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى دور تركيا في دعم الارهاب وتراجع بعدها عن تصريحه ربما لاسباب آنية تتعلق بتفاعل تركيا مع التحالف الدولي لضرب داعش. حيث يرى محللون ان الصراع في العراق هو حلقة من سلسلة انتكاسات السياسة الخارجية والداخلية التي لعبتها تركيا. وفي وقت سابق نشرت صحيفة نييورك تايمز صورة لاردوغان برفقة رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو أثناء خروجهما من الصلاة وكتبت تحتها أن داعش ينشط في المنطقة التي يوجد فيها المسجد لاستقطاب إرهابيين. وكشفت الصحيفة أن عملاء استخبارات امريكيين اسسوا مكتبا على الجانب التركي من الحدود مع سورية من أجل تشكيل مجاميع ارهابية تحت عنوان "المعارضة المعتدلة" لاستخدامهم كقوات تحارب تنظيم دولة العراق والشام من أجل عدم زج جنود امريكيين في القتال ضد داعش. الانعكاسات على السياسة العراقية وحول الانعكاسات والارتدادات على السياسة العراقية قال الطالقاني لا تزال الحكومة العراقية تعمل تحت هذا الضغط حيث سيصعب عليها التخلص بسهولة من ذلك فالوضع الفوضوي في إدارة البلد قد يولد مستقبلا اقبالا دوليا على ان يكون العراق مسرحا لحرب بالوكالة بين قوى اقليمية ودولية للصراعات والمفاوضات. مضيفا، لكنها وبمساندة التحالف الدولي تراهن على انهاء ملف داعش فإن الدعم الدولي الحالي يمثل لها انتصارا استراتيجيا للسياسة العراقية الجديدة. وهو السيناريو الذي يتخوف البعض من تكراره في العراق خصوصا بعد ان تكرر القول من قبل الرئيس أوباما على عدم وجود حاجة الى جنود امريكيين في الاراضي العراقية لمواجهة داعش أمر خلق شعورا بان واشنطن قد تمهد لتواجدهم فعلياً. هذا فضلا عن تواجد أكثر من 1600 جندي امريكي حاليا على الارض.. وحول دور واشنطن بهذه الحرب قال الكاتب ان الرئيس الامريكي اوباما بدوره مستميت في دفاعه عن سياسته التي يرى من خلالها انها الاصلح لقيادة العالم حيث يرى ان القيادة الأميركية هي الثابت الوحيد في عالم متقلب، وهو الأمر الذي دفع إدارته بالقول انها تمتلك رؤية جديدة للحرب ضد داعش في سوريا والعراق وربط اوباما الملفين ببعضهما عبر عدة محاور أهمها أن واشنطن بحاجة الى 15 الف جندي لمقاتلة داعش في سوريا بالاضافة الى قوات "المعارضة"، فيما تتوسع يوما بعد آخر مساحات العمليات العسكرية من قبل سلاح الجو الدولي في سوريا.. وعن المعارضة السياسية لدور الرئيس اوباما قال الطالقاني ان منافسوا اوباما من الجمهوريين يرون ان إدارته ساهمت في تراجع مكانة الولايات المتحدة في العالم وانها لم تعد ذلك القائد العالمي المحترم. ويعتقد الكاتب ان استهداف التنظيم بشكل غير مدروس قد يدفع بهجرة بعض الجماعات من وإلى العراق من اجل مواصلة القتال. فمن العناصر الأخرى التي تم اهمالها من قبل التحالف الدولي في حربه على داعش هو عدم وجود تنسيق بين القوات العراقية والتحالف، وبالتالي قد يوقع اصابات بين صفوف القوات الأمنية العراقية من جانب وفقدان سيطرة هذه القوات على المناطق من خلال تواجدها لأنّها مسرح للعمليات العسكريّة الدوليّة. فالتكتيك الذي يستخدمه التنظيم في حربه يعتمد على المباغتة واستخدام اساليب وحشية قد تغير قواعد اللعبة في بعض الاحيان. ومؤخرا استخدم تنظيم داعش مادة الكلور السامة في قصفه لمناطق معينة، كما سعى التنظيم لتوسيع مناطق تواجده بين الانبار ومناطق حزام بغداد وكذلك المناطق الحدودية مع سوريا وصولا الى جبال حمرين. وربما يتبع التنظيم تكتيكا جديدا في حال تعرضه لضغوط أمنية بحيث يتحول من قوة عسكرية إلى مجموعة خلايا إرهابية تلعب دورا سياسيا وعسكريا محدودا. وختم الطالقاني مقاله بتشخيص عدة عوامل ساهمت بخلق الأزمة منها غياب المسؤولية من قبل أهالي المدن التي تشكو من تنظيم داعش حيث لم يعد ذلك الحماس الذي شهدناه خلال الاعوام 2005 الى 2010 من مفاوضات بين القبائل وبعض المتطرفين من اجل انهاء الأزمة، وبناء على ذلك تشكلت مجاميع الصحوة التي أُهملت فيما بعد من قبل الحكومة. حيث ان التجربة لم تفلح حتى مع وجود الصحوات التي كانت تتميز بطابع من المعرفة بكيفية معالجة ملف المتطرفين والتي قاتلت التنظيم في الاراضي السنيّة فهي أضعف من أفراد التنظيم من حيث التجهيز وموقعها المدافع وقلة خبرتها في القتال. وفيما بعد بقت المسؤولية ملقاة على عاتق الحكومة العراقية فقط، وهو الامر الذي دفع بمجاميع مسلحة من الشيعة ان تدافع عن هذه المناطق من أجل طرد داعش التي اتهمت فيما بعد بالطائفية لكنها رغم ذلك ساهمت بشكل كبير في ايقاف مدّ التنظيم الى بغداد وباقي المحافظات والوقت بنفسه لم تنهِ المعركة لأسباب لوجستية وسياسية. علي الطالقاني، كاتب صحفي وباحث متخصص بشؤون الارهاب
أقرأ ايضاً
- خبير نفطي: الإنتاج العراقي في أمان و"أوبك" تتحكم رغم الأزمات الإقليمية
- الاستثمار النيابية "تفند" تصريحات السوداني بشأن بناء المدن السكنية: لا تتوفر تكاليفها
- السوداني يعلن قرب تشكيل مديرية تُعنى بشؤون الجالية العراقية في العالم