- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بعض الجوانب المشرقة من حياة أمير المؤمنين / الجزء الأول
حجم النص
بقلم: عبود مزهر الكرخي مقال بحثي على عدة أجزاء يتناول الجوانب المشرقة لحياة سيدي ومولاي الأمام علي(ع) كلنا يعرف إن حياة سيدي ومولاي أمير المؤمنين الأمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) هي حياة زاخرة بالعطاء والقيم السامية والمثل العليا والتي كانت بحق حياة مليئة بالمعاني العظيمة الخالدة والتي لم تكن حياتها في مثلها أحد لا في الأولين ولا في الآخرين بعد نبينا الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) والذي كان الأستاذ والمعلم الأول في حياته والذي تربى على يد أعظم خلق الله وخاتم الأنبياء حبيب الله سيدنا أبي الزهراء محمد(ص) ولهذا كانت تربيته هي تربية ربانية أختاره الله لهذه المهمة الجليلة ليكون وصي رسول رب العالمين وليكون سيد الوصيين وأمام المتقين والذي بها اختصه الله وحباها به وخلقه هو ونبينا الأكرم محمد(ص) قبل خلق الكون. ولقد روى أهل السنة كما روى الشيعة إن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وعلياً (عليه السلام).كانا نوراً واحداً قبل إن يخلق الله آدم بأربعة الآف عام. عن سلمان حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): {كنت أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام, فلما خلق آدم قسم ذلك النور جزئين: فجزء أنا وجزء علي}.(1) وفي رواية: { خلقت أنا وعلي من نور واحد }.(2) هذا, وإذا قرأت القرآن الكريم وجدت ان القرآن الكريم كان في لوح محفوظ قبل نزوله (البروج: 21, 22), وأنه ((فِي كِتَابٍ مَّكنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرُونَ)).(3) والمطهرون هم أهل بيت العصمة (عليهم السلام) بحسب آية التطهير(4)، وقد اطلعت على وجودهم النوراني قبل ولادتهم وخلقهم, فلا جَرَم بعد هذا ان يكونوا جميعاً - أي المعصومين - ممن علم بالقرآن قبل نزوله, وقد روى أهل السنة في حديث صحيح عندما سأل النبي (صلى الله عليه وآله): متى كنت نبياً فقال (صلى الله عليه وآله): ((كنت نبيّاً وآدم بين الروح والجسد)).(5) ولهذا فان نبينا (صلى الله عليه وآله) أول من أجاب في عالم الذر عندما خلق الله البشر وامتحنهم، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: ((إن بعض قريش قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله): بأي شيء سبقت الأنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال: إني كنت أول من أقر بربي وأول من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين و: أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى، وكنت أنا أول نبي قال بلى فسبقتهم بالإقرار بالله)).(6) ولهذا فان الله خلق الله تعالى خلق نور النبي (صلى الله عليه وآله) قبل خلق الخلق، عن علي (عليه السلام):((إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد (صلى الله عليه وآله) قبل أن خلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار وقبل أن خلق آدم ونوحاً وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى... وخلق الله عز وجل معه اثني عشر حجاباً: حجاب القدرة، وحجاب العظمة، وحجاب المنة، وحجاب الرحمة، وحجاب السعادة وحجاب الكرامة، وحجاب المنزلة، وحجاب الهداية، وحجاب النبوة، وحجاب الرفعة، وحجاب الهيبة، وحجاب الشفاعة. ثم حبس نور محمد (صلى الله عليه وآله) في حجاب القدرة اثني عشر ألف سنة وهو يقول: سبحان ربي الأعلى، وفي حجاب العظمة أحد عشر ألف سنة وهو يقول: سبحان عالم السر، وفي حجاب المنة عشرة آلاف سنة وهو يقول: سبحان من هو قائم لا يلهو..الخ.)).(7) ومن هنا كان في حديث الكساء المعروف والذي هو مسنود من قبل كافة الفرق إذ يقول ونقلاً عن أم سلمة {..فَلَمَّا إكتَمَلنا جَمِيعاً تَحتَ الكِساءِ أَخَذَ أَبي رَسُولُ اللهِ بِطَرَفَيِ الكِساءِ وَ أَومَأَ بِيَدِهِ اليُمنى إِلىَ السَّماءِ و قالَ: أَللّهُمَّ إِنَّ هؤُلاءِ أَهلُ بَيتِي و خَاصَّتِي وَ حَامَّتي، لَحمُهُم لَحمِي وَ دَمُهُم دَمِي، يُؤلِمُني ما يُؤلِمُهُم وَ يُحزِنُني ما يُحزِنُهُم، أَنَا حَربٌ لِمَن حارَبَهُم وَ سِلمٌ لِمَن سالَمَهُم وَ عَدوٌّ لِمَن عاداهُم وَ مُحِبٌّ لِمَن أَحَبَّهُم، إنًّهُم مِنّي وَ أَنا مِنهُم فَاجعَل صَلَواتِكَ وَ بَرَكاتِكَ وَ رَحمَتكَ و غُفرانَكَ وَ رِضوانَكَ عَلَيَّ وَ عَلَيهِم وَ اَذهِب عَنهُمُ الرَّجسَ وَ طَهِّرهُم تَطهِيراً. فَقالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يا مَلائِكَتي وَ يا سُكَّانَ سَماواتي إِنّي ما خَلَقتُ سَماءً مَبنَّيةً وَ لا أرضاً مَدحيَّةً وَ لا قَمَراً مُنيراً وَ لا شَمساً مُضيِئةً وَ لا فَلَكاً يَدُورُ وَ لا بَحراً يَجري وَ لا فُلكاً يَسري إِلاّ في مَحَبَّةِ هؤُلاءِ الخَمسَةِ الَّذينَ هُم تَحتَ الكِساء، فَقالَ الأَمِينُ جِبرائِيلُ: يا رَبِّ وَ مَنْ تَحتَ الكِساءِ ؟ فَقالَ عَزَّ وَجَلَّ: هُم أَهلُ بَيتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعدِنُ الرِّسالَةِ هُم فاطِمَةُ وَ أَبُوها، وَ بَعلُها وَ بَنوها، فَقالَ جِبرائِيلُ: يا رَبِّ أَتَأذَنُ لي أَن أَهبِطَ إلىَ الأَرضِ لأِكُونَ مَعَهُم سادِساً ؟ فَقالَ اللهُ: نَعَم قَد أَذِنتُ لَكَ }.(8) ولهذا فان الله خلق الكون وعالم الذر كله لأجل هؤلاء الخمسة (صلوات الله عليهم وسلم) ونلاحظ السلوك المتعمد في الإعراض عن ذكر مقامات النبي (صلى الله عليه وآله) موروث من طلقاء قريش الذين كانوا زمن النبي (صلى الله عليه وآله) يسمون خيار الصحابة (عُبَّاد محمد)! ويتهمونهم بالغلو فيه لأنهم يؤمنون بمقاماته (صلى الله عليه وآله) ، ويتعبدون بأوامره ونصوصه! ولذلك أعلنوا بعد وفاته (صلى الله عليه وآله): من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات! وقد ورثهم في عصرنا بدوٌ متعصبون لقريش وبني أمية، فقالوا (محمد طارش ومات) أي مبعوث أوصل رسالة وانتهى وهو الآن لا ينفع! بل قال عالمهم (عصاي هذه أنفع من محمد)! وحرموا زيارة قبره (صلى الله عليه وآله) !وحكموا على المسلمين بالغلو والشرك لمجرد خطابهم للنبي (صلى الله عليه وآله) وقولهم:((يا رسول الله إشفع لنا عند الله))! وهذه كلها نحن لا نؤمن بها بل هي لا تطابق العقل والمنطق ومن هنا جاءت شخصية أمير المؤمنين الذي كان النور الثاني بعد محمد والذي وصفه في آية المباهلة بنفس محمد(ص) عندما قال {أنفسنا وأنفسكم}.(9) وبالتالي لتصبح الأنوار المحمدية والعلوية واحدة لا تتجزأ عند الله سبحانه تعالى وعند المسلمين ولتصبح هذه الشخصية الخالدة هي من كان لها الدور الكبير في الحفاظ على بيضة الإسلام ووضع الأمة الإسلامية على المحجة البيضاء والتي نتيجة لذلك كان هناك الكثير من البغض والكره لهذه الشخصية السامية والتي حاول الكثير من المبغضين والحاقدين طمس أثارها وفضائلها السامية ولكن غربال الغش والتزوير لا يستطيع حجب الحقيقة لألق ونور الحضرة العلوية والتي فاقت أنوارها علوم الأولين والآخرين وفي كل العالم بعد شخصية الحضرة النبوية الشريفة والتي ولحد الآن يتحدث عنها العالم بكل احترام وإجلال. فهذا تقرير للأمم المتحدة في العام 2002 يصدر تقريراً باللغة الانكليزية تكريماً لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليه السلام) بمائة وستين صفحة أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الخاص بحقوق الإنسان وتحسين البيئة والمعيشة والتعليم حيث تم فيه اتخاذ الإمام علي(ع) من قبل المجتمع الدولي شخصية متميزة ومثلاً اعلي في إشاعة العدالة والرأي الأخر واحترام حقوق الناس جميعاً , مسلمين وغير مسلمين, وتطوير المعرفة والعلوم وتأسيس الدولة على أسس التسامح والخير والتعددية وعدم خنق الحريات العامة. وقد تضمن التقرير مقتطفات من وصايا أمير المؤمنين(عليه السلام) الموجودة في نهج البلاغة التي يوصي بها عماله وقادة جنده حيث ذكر التقرير إن هذه الوصايا الرائعة تعد مفخرة لنشر العدالة وتطوير المعرفة واحترام حقوق الإنسان. وشدد التقرير الدولي على إن تأخذ الدول العربية بهذه الوصايا في برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، لأنها (ما تزال بعيدة عن عالم الديمقراطية ومنع تمثيل السكان وعدم مشاركة المرأة في شؤون الحياة وبعيدة عن التطور وأساليب المعرفة). والملاحظ إن التقرير المذكور قد وزع على جميع دول الأمم المتحدة حيث أشتمل على منهجية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) في السياسة والحكم وإدارة البلاد والمشورة بين الحاكم والمحكوم ومحاربة الفساد الإداري والمالي وتحقيق مصالح الناس وعدم الاعتداء على حقوقهم المشروعة. ورغم هذا وذاك، فقد أضحى عليٌ عليهالسلام مناراً أبدياً وراية خالدة ترفعها البشرية على اختلاف ألوانها وأديانها، لأنه إمام الإنسانية الذي يقول: « الناس صنفان: أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ».(10) ونلاحظ أن هذا التقرير يشير إلى مدى تخلف الأمة العربية والإسلامية من ناحية الديمقراطية والمرأة والذي أشار ذلك الأمام علي(ع) إلى كل ذلك في رسالته إلى عامله في مصر مالك الأشتر(رض) وقبل أكثر من 1400 سنة التي لم يشير إلى أي شخصية من الصحابة والتي عاصرت نبينا وسيدنا محمد(ص)والتي لو أردنا أن نكتب ما قالوه عن الأمام علي(ع) لأفردنا كتب ومجلدات لأجل ذلك ولكن إن كان لنا في العمر بقية سوف نورد في مقالنا البحثي بعض ما قالوه بحق الأمام أمير المؤمنين(ع) من قبل الغرب وكل العالم في ختام مقالنا إن شاء الله. ولطول مقالنا البحثي سوف نستمر في أكمال هذه القبسات النورانية ليعسوب الدين وأمام المتقين سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) ونكمل هذه الرحلة الجميلة في عالم الرفعة والسمو لهذه الشخصية الخالدة أن شاء الله إن كان لنا في العمر بقية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصادر: 1 ـ رواه احمد ابن حنبل في فضائل الصحابة:2/262. 2 ـ (نقله الجوزي في تذكرة الخواص: 45). 3 ـ (الواقعة:77-78). 4 ـ (الأحزاب: 33) 5 ـ انظر مسند أحمد 4: 66, المستدرك على الصحيحين 2: 609. 6 ـ بصائر الدرجات/83 7 ـ كما في الخصال/481 ومعاني الأخبار/306. 8 ـ الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين (كتاب معرفة الصحابة: 3/146، و قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري و لم يخرجاه / طبعة: بيروت / لبنان. وجاء بروايات متعددة وصحيح مسلم: 4 / 1883، حديث: 2424، طبعة: بيروت / لبنان ومسند احمد بن حنبل: 6 / 292، طبعة: بيروت / لبنان. 9 ـ [ آل عمران: 61}. 10 ـ مقال للدكتور قاسم خضير عباس باحث قانوني ومفكر إسلامي.جريدة البينة الجديدة ذي العدد(1005) بتاريخ 1 / أذار /2010.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- ماذا بعد لبنان / 2