حجم النص
كشف مصدر رفيع في وزارة الخارجية العراقية, لـ"السياسة", أن رئيس الوزراء نوري المالكي, طلب من المسؤولين الكويتيين خلال زيارة سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك لبغداد في يونيو الماضي, التوسط لبناء علاقات قوية مع المملكة السعودية, وتحقيق تفاهمات بشأن بعض الملفات الخلافية التي تتعلق بطريقة الحكم في العراق, وأسلوب التعامل مع المكون السني والملف السوري والموقف من السياسات الايرانية.
وقال المصدر الديبلوماسي العراقي, إن المالكي ابلغ المسؤولين الكويتيين انه يثمن الموقف السياسي السعودي الرافض لإقامة اقليم سني في المحافظات العراقية الغربية حفاظاً على وحدة العراق, مضيفاً أن القادة الشيعة العراقيين لديهم قناعة في الوقت الحاضر ان العلاقات القوية مع السعودية كفيلة بوقف تنامي النفوذ الايراني الذي اخذ بالتصاعد بعد الانسحاب الاميركي الكامل نهاية العام 2011, كما ان تداعيات الازمة السورية دفعت الأمور أكثر باتجاه التعقيد, وفي المحصلة فإن القادة الشيعة العراقيين لم يعد يستطيعون الحد من انفلات هذا النفوذ الايراني الذي بدأ يتصاعد بشكل جنوني وبالتالي فقدت الحكومة العراقية اي أمل بالسيطرة عليه ومن هنا تأتي اهمية العلاقة القوية مع الرياض.
واشار المصدر الى ان بعض القادة الشيعة العراقيين بينهم مقربون من المالكي, كانوا يتحدثون بصراحة غير معهودة عن ان علاقات قوية مع المملكة العربية السعودية, ستؤدي الى "وقف الجنون الايراني داخل العراق" وبالتالي تبلورت قناعات لدى هؤلاء القادة ان القيادة الايرانية التي كان تأثيرها أكبر من كل التوقعات في الفترة القريبة الماضية على سلوك المالكي, تسببت في حدوث كل هذه الارباكات في العلاقات الشيعية - السنية والعلاقات الشيعية - الكردية وفي تصاعد العنف وتوريط بعض الجماعات العراقية الشيعية في القتال الى جانب قوات بشار الاسد في سورية, ما فاقم من تردي الوضع الامني في العراق.
و نقلت صحيفة السياسة الكويتية عن المصدر العراقي, فإن النظام الايراني كان دائماً يحذر حكومة المالكي من عواقب تطبيع العلاقات العراقية - السعودية, لأن مسؤولي مجلس الأمن القومي الايراني القريبين من المرشد الاعلى علي خامنئي كانوا يعتبرون أن اي علاقات متقدمة بين بغداد والرياض, ستكون حتماً او انها ستؤثر بشكل سلبي على قوة العلاقات العراقية - الايرانية, ولذلك فإن هذه النظرة الايرانية اربكت المالكي الى حد كبير, لأنها خيرته بين ايران وبين السعودية في وقت كان القادة الشيعة العراقيين يريدون إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول الاقليمية وهناك خط داخل التحالف الشيعي كان يؤيد بقوة اقامة تقارب مع السعودية اقوى من التقارب مع ايران.
واكد المصدر لنفس الصحيفة ان المشكلات الراهنة التي تعصف بالوضع العراقي, سيما التصعيد في اعمال العنف والاقتراب اكثر من الحرب الطائفية, ارغمت القادة الشيعة العراقيين وفي مقدمهم المالكي, على ضرورة مراجعة العلاقات مع السعودية وبالتالي يمكن لتطور هذه العلاقات ان يسهم في تحسين الوضع الامني وتراجع العنف وتعزيز عملية المصالحة الوطنية, لافتاً الى ان الرياض كانت تحرص على تشكيل حكومة عراقية قوية لجميع المكونات وتمتين الوحدة السياسية بين الشيعة والسنة, غير ان طهران كانت تعمل باتجاه آخر وتحض المالكي على توتير العلاقات مع المكون السني والتعاطي معه بشدة, لضمان هيمنة لطائفة بعينها على الحكم في العراق وبالتالي خلص الكثير من القادة الشيعة في بغداد الى ان الموقف السعودي كان اكثر حكمة وبعد نظر وحرصا على المصلحة العراقية من ايران, ولو ان الحكومة العراقية برئاسة المالكي تعاطت بنوايا سليمة مع هذا الموقف السعودي لاختلف الاوضاع الامنية عما عليه اليوم واتجهت الى المزيد من الاستقرار.
ووفق المسؤل العراقي, فإنه "على مستوى الملف السوري, فإن المسؤولين السعوديين نقلوا في اكثر من مرة رأيهم في ان تعلب الحكومة العراقية التي عارضت نظام الديكتاتور صدام حسين في السابق, دوراً مماثلاً في معارضة حكم الديكتاتور الاسد في سورية, وبالتالي كانت تريد من المالكي اكثر من النأي بالعراق عن الازمة السورية ودعم الثورة السورية بعيداً عن اي حسابات طائفية واي ضغوط ايرانية, كما ان الرياض نقلت استياءها عبر مسؤولين كويتيين الى المالكي بأن بعض المقربين منه يكيلون الاتهامات ضد السعودية, بأنها تدعم الجماعات التكفيرية في سورية, وهذا تحليل غير صحيح لأن الرياض كانت ترى ان هذا الخطاب يخرج من بغداد بتنسيق وتدبير من القيادة الايرانية لتشويه السياسة السعودية في المنطقة".
وقال المصدر ان "السعودية شعرت في الاسابيع القليلة السابقة ان طهران تمارس المزيد من التدخل والتأثير على الحكومة العراقية ووزارة العدل, لإجهاض المساعي الرامية لتسوية ملف السجناء السعوديين في السجون العراقية وانهاء ملف المحكومين بالإعدام", مشدداً على ان لدى الرياض معلومات بأن ملف العلاقات العراقية - السعودية خاضع لحسابات وتوصيات مجلس الأمن الاعلى في ايران, بدلاً ان يكون خاضع لأي جهة معنية في بغداد.
واستناداً الى المصدر العراقي الرفيع, فإن القيادة الايرانية بدت متخوفة من ان التفاهمات العراقية - الكويتية بشأن إخراج العراق من طائلة الفصل السابع, من قرارات مجلس الأمن الدولي, والذي تم بالفعل بموجب قرار من المجلس نهاية يونيو الماضي, وهو الشهر الذي أجرى فيه رئيس الوزراء الكويتي محادثات مع المالكي, أن تكون هذه التفاهمات بين الدولتين تضمنت اتفاقاً لتطبيع العلاقات العراقية - السعودية برعاية كويتية وهو ما يهدد السياسة الايرانية التي فرضت ارادتها على هذا الملف طوال العشرة سنوات السابقة.
أقرأ ايضاً
- منها زيادة كلف مشاريع متلكئة في كربلاء.. تعرف على قرارات الحكومة العراقية الجديدة
- بارزاني يطالب الحكومة العراقية بإنصاف وتعويض ضحايا النظام السابق بشكل "عادل"
- نيجيرفان بارزاني: نريد معالجة جميع المشاكل مع إيران ونبدأ مرحلة جديدة من العلاقات