حجم النص
بقلم مصطفى سعدون
قد يبدو العنوان غريبا نوعا ما ، وقد يعتبره البعض تهكمياً على جزء مهم من تأريخ العراق "العشائر" ، لكن على العكس تماماً فاللعشائر هيبتها واحترامهما ، رغم رؤيتي لبعض القضايا العشائرية بأنها رجعية واضطهادية ، ولاينكر احداُ بعض المواقف التي سطرتها العشائر العراقية على مر تأريخ العراق ، لكنني هنا بصدد الاشارة الى الفضائيات العراقية كمتتبع ومواطن عراقي يجد ان معظم الفضائيات مهتمة وتعمل جاهدة من اجل الخروج ببرنامج يومي او اسبوعي يسطر لنا اسماء وجهاء وكبار هذه العشيرة او تلك ، وكأن البرنامج يُعرض لسياح اجانب او من جاءنا من خارج الحدود ، متناسين ان العراقيين جميعهم ولدوا وسط اجواء عشائرية رغم التمدن الذي يعيشونه الا انهم جزء لا يتجزأ من العشيرة .
تهتم فضائياتنا ببرامج عشائرية وبمسميات كثيرة وعديدة ، لكن فحوى البرنامج هي واحدة ، والروتين من برنامج لاخر يتكرر ، وطريقة الاخراج والاعداد ذاتها في جميع البرامج ، الامر الذي يطرح سؤالاً "لماذا تهتم فضائياتنا ببرامج عشائرية وتترك الاهتمام بنوع اهم من تلك البرامج؟ ولماذا تغيب البرامج التوعوية والتثقيفية عن تلك الفضائيات؟.
ان الاهتمام ببرامج عشائرية يؤكد لنا مدى توجهنا نحو النزعة العشائرية والقبلية التي ألغت القانون واصبحت فوقه في وقتنا الحاضر ، والتي ساهمت كثيراُ في تغليب المصالح الشخصية على المصالح الوطنية العامة ، وحتى لا اتهم احد جزافاً فإن اصحاب السياسية يعولون كثيراُ على شيوخ العشائر في نجاحهم بالانتخابات ، اكثر من تعويلهم على انجازاتهم ان وجدت، وهذا ما يدلل ان رأي شيخ العشيرة في الانتخابات سيعمم على جميع افراد عشيرته الذين يصل عددهم الى عشرات المئات او الألوف.اما كان الاجدر بفضائياتنا ان تعد وتخرج لنا برنامجاً يهتم بالقانون والتوعية في كيفية احترامه وكيفية الحفاظ على بيئتنا وكيفية احترام الرأي الاخر وكيفية تفعيل روح المواطنة ، والاهتمام بتطوير الذات العراقية، او الاهتمام ببرنامج اكثر اهمية ، وهي حقوق المرأة ونبذ العنف ضدها ، وتعزيز موقفها في الاسرة من طرح الافكار واعطاء الرأي ، او الاهتمام ببرامج خاصة بالاطفال من خلال نصائح وارشادات تقدم لهم من مختصين في علم النفس في كيفية الحفاظ على الاماكن العامة وكيفية شق طريقهم لبناء مجتمع واعي واكثر تحضراً.
ان اعلامنا العراقي يغيب الحالات السلبية لدى العشائر تحديداً فيما يخص "النهوة" و"الفصول" التي تتجاوز سيادة القانون وتًحل بجلسة عدد من الشيوخ ، وكثيراً ما ضاعت حقوق ناس واستلبت حقوق اخرين ، بسبب الخواطر فيما بين هؤلاء الشيوخ ، ويركز على الولائم والعزائم وعدد افراد هذه العشيرة او تلك ، لذلك هي امنية او دعوة ليس الا ان تنتبه فضائياتنا الى برامجها والتوجه نحو برامج تظهر نتائجها الايجابية على المستويين القريب والبعيد ، لا ان تبقى ابواقاً لافكار لانفع منها.
[email protected]