- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تكلفة إسقاط القذافي... دين يثقل كاهل الليبيين
تحدثت مصادر رسمية من ان الحرب على ليبيا لإسقاط نظام الرئيس المخلوع معمر القذافي قد بلغت ملياري دولار ، وهناك من يقول ان التكلفة تجاوزت هذا الرقم بكثير ووصلت الى أكثر من أربعة مليارات وقد تحملت دول الخليج أكثر من نصفها وخاصة قطر والإمارات العربية والعربية السعودية والكويت..!
ويرى معظم المراقبين للشأن الليبي ان النصف الأخر تنتظر العديد من الدول التي ساهمت في حسم الحرب على ليبيا والتي انتهت بقتل الزعيم الليبي معمر القذافي والمقربين منه من خلال الأفضلية التي ستحصل عليها في الصفقات الخاصة بإعمار وتطوير ليبيا لاسيما الفوز بعقود النفط والغاز ، ومن ابرز الدول التي ساهمت بتسديد الفاتورة الليبية هي ثلاث دول رئيسية هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بينما ساهمت دول أخرى مثل اسبانيا وإيطاليا بمصاريف اخرى.
وتؤكد اغلب التقارير الواردة ان هذه الحرب قد كلفت ميزانيتها العديد من الدول المذكورة ، حيث ان كل حرب تعد محرقة للملايين والمليارات فقد شهدت الساحة الليبية المئات الآلاف من الطلعات الجوية والبحرية وعدد كبير من الأقمار الصناعية والجواسيس ورجال المخابرات والقنوات الإعلامية وساعات البث الحي على الأقمار الصناعية والمراسلين وآلاف الصواريخ والعتاد وقنابل ذكية.
ويرى البعض ان ذلك سينعكس حتما على دولة ليبيا اذ انها ستتكبد كل تلك النفقات كما هو الحال في العراق ابان إسقاط نظام صدام حسين ، والغريب في الامر ان تصريحات قادة الناتو كانت عكس هذا الكلام تماما حيث قالوا أن الحرب على ليبيا هي الأقل تكلفة في تاريخ حروب الناتو ..!
فقد نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في احدى مقالاتها (أن التدخل العسكري فى ليبيا سيكون أقل كلفة مما هو متوقع فى الولايات المتحدة ، حيث إن تدمير للدفاعات الجوية الليبية امرا سهل للغاية ، بالإضافة إلى مساهمة الحلفاء فى قسم كبير من الهجمات الجوية ، ساهما على الأرجح فى الحد من النفقات المتوقعة فى العملية العسكرية فى ليبيا، بحيث لن تتجاوز مئات ملايين الدولارات.).
فهل كان ذلك الإعلان هو لتقبل الامر من جانب المجلس الانتقالي الليبي او لتضليل الرأي العام او لتضليل شعوبهم التي ستمنعهم حتما من خوض غمار تلك الحرب ، بينما تجد احد الخبراء المصريين يتوقع أن تكون تكلفة الضربات الحربية التي يقوم بها حلف "النيتو" على أهداف عسكرية وإستراتيجية لنظام القذافي مرتفعة جداً قد تصل إلى عدة مليارات ، وايضا نجد تصريح منطقي للواء والخبير العسكري المصري "سامح سيف اليزل" (حتى هذه اللحظة مازلنا أمام إعلان حلف الناتو أنه يقوم بتمويل هذه حرب أملاً في عمل علاقات تجارية والحصول على تعاقدات تجارية كبيرة في مرحلة البناء وأيضاً مقابل حصول دول حلف الناتو على حصص من البترول الليبي .. وذكر في معرض حديثه أن تكلفة هذه الحرب باهظة جداً، فساعة الطيران وحدها تبلغ 40 ألف دولار هذا بخلاف الأسلحة والمعدات نفسها التي تحملها الطائرات ، ولو حسبنا عدد ساعات الطيران منذ بدء الحرب على ليبيا سنجد أننا أمام رقم مذهلاً).
ولعب الشأن الأمريكي المساند لفرنسا في هذه الحرب ، فالضربة العسكرية للتحالف ضد ليبيا فتحت أبواب الجدل على مصراعيه في الولايات المتحدة بشأن تكلفة العملية العسكرية على ليبيا مع حليفتها الأولى فرنسا ، حيث أكدت وزارة الدفاع الأميركية من جهتها ، أن الولايات المتحدة أنفقت خمسمائة مليون دولار خلال شهر (الفترة التي قادت فيها العمليات مع بريطانيا وفرنسا قبل تسليم القيادة لحلف شمالي الأطلسي في 20 آذار الماضي). لكن «البنتاغون» توقع أن تستقر التكلفة عند أربعين مليوناً شهرياًَ، بعد خفض عدد القوات الأميركية في ظل قيادة الحلف للعمليات ، ومن اللافت أن جزءاً كبيراً من تكاليف الحرب يذهب ثمناً لصواريخ وقنابل واستخدام طائرات مقاتلة ، فقد أشار «البنتاغون» إلى أن 60 في المئة من الأموال أنفقت على صواريخ وقنابل ، كذلك تطلق القوات الأميركية القنابل «الذكية» التي يصل وزن الواحدة منها ألفي باوند، وتعرف باسم ذخائر الهجوم المباشر المشترك ، وتكلّف كل واحدة من هذه القنابل المضادة للدبابات ثلاثين ألف دولار ، وقد ألقت الطائرات الأميركية منها 455 واحدة حتى منتصف أيار الماضي .. وبعد ان توقف القصف الفرنسي على ليبيا الذي استمر لاشهر عديدة ، والتي شاركت بمئات المهمات الحربية التي تنفذها على مدار أربعة وعشرين ساعة ، وفرنسا هي المساهم الرئيسي في عمليات حلف الأطلسي (النيتو) صحيح انها لم تخسر في مهمتها هذه أي طائرة او حتى مقاتل واحد ، ولكن الفاتورة النهائية للعملية العسكرية الأطلسية كانت ثقيلة للغاية ، ولو استعرضنا تكاليف الحرب التي قادتها فرنسا فنجد ان الطائرات الفرنسية لم تطلق قنابلها بصورة تلقائية نظرا لغياب الأهداف أو لتجنب خسائر بين المدنيين ، ومع ذلك فان ثمن الذخائر هي التي تشكل الرقم الأكبر في فاتورة العملية : 150 مليون يورو وكذلك القنابل الموجهة بالليزر أو بنظام الملاحة العالمي ، (GUB 12، GUB 49، و A2AS) ، والمستعملة من قبل السلاح الجوي و الطيران البحري تكلف من الفي إلى مائة الف يورو للقطعة الواحدة ، وعلى سبيل المثال إطلاق صاروخ كروز من البحر يساوي ثمانمائة وخمسون الف يورو.
والتساؤل المشروع هو هل ستؤدي السلطات الجديدة في ليبيا مصاريف الحرب لدول الحلف الأطلسي؟ وزير الدفاع الفرنسي صرح أن 'فرنسا لبت نداء الإغاثة ولا تنتظر تعويضا'، مركزا على المستقبل الواعد للعلاقات الاقتصادية والسياسية بين فرنسا وليبيا قائلا 'الاقتصاد الفرنسي سيكون الرابح'. وعمليا، فقد زار كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية بيير لولوش بنغازي يوم 13 أكتوبر الجاري مع وفد ضم ممثلين عن 80 شركة فرنسية ترغب في المشاركة في إعمار وتطوير ليبيا ، كما ان هنالك عدد من الدول التي ترغب في عقد صفقات تجارية واقتصادية ونفطية مع الحكومة الجديدة في ليبيا ،، ويعتمد اقتصاد ليبيا على قطاع النفط بشكلا رئيس وهو ويدار مركزيا من قبل الحكومة السابقة ، لو رجعنا قبل اعوام لوجدنا ان الاقتصاد الليبي قد تأثر سلبيا بفترة العقوبات الدولية في فترة الحصار خلال التسعينات ، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا العام 2005 (67 مليار دولار أمريكي) ، وقد عملت الحكومة الليبية السابقة إلى تفعيل الإصلاحات الاقتصادية بعد رفع العقوبات الدولية سنة 2003 والأميركية سنة 2004 عنها ،، كما يشكل النفط نحو 94% من عائدات ليبيا من النقد الأجنبي و60% من العائدات الحكومية و30% من الناتج المحلي الإجمالي ، وليبيا تنتج 1.6 مليون برميل يوميا من النفط وتعتزم زيادة إنتاجها إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا اعتبارا من سنة 2010 ، أي بمعدل إنتاج النفط 2 مليون برميل/يوم، وذلك من احتياطي مؤكد قدره: 41.5 مليار برميل ، وبمعدل إنتاج الغاز: 11,300,000,000 م³)=399×10000000000 قدم3/يوم، وذلك من احتياطي مؤكد قدره: مليار قدم3 .. كما يعتمد الاقتصاد الليبي على الحديد والصلب والأسمنت ومواد البناء والصودا الكاوية وأسمدة اليوريا والصناعات البتروكيماويات الأخرى ، وايضا في الجانب الزراعي يعتمد اقتصادها على الشعيروالقمح والطماطم وبطاطس وزيتون و تمور والخضراوات والفواكه واللحوم.
وعلى العموم وفي كل الأحوال ، سيتضح في الوقت القريب الرقم النهائي لتكلفة الحرب على الجماهيرية العظمى لاسقاط القذافي ، فالدول الكبرى من مصلحتها زيادة الفواتير لتقبض من المعارضة ، في ما بعد، أضعاف المبالغ التي دفعتها وستدفعها في حربها على لاسقاط نظام القذافي.
أقرأ ايضاً
- القوامة الزوجية.. مراجعة في المفهوم والسياق ومحاولات الإسقاط
- جريمة عقوق الوالدين "قول كريم بسيف التجريم"
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود