- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
كهرباء العراق...الحاضر الغائب
تشغل معاناة الكهرباء في حياة العراقيين حيزا ًكبيرا ً حتى أن البعض منهم بدأ ينشد لها الأغاني و يكتب عنها القصائد. و للتغلب على قهر الكهرباء يطلق العراقييون مئات النكات التي توضح مشاكل حقيقية و أمور تستحق النظر من قبل من هم في موقع المسؤولية. و تعكس هذه النكات مستوى التردي الذي وصل إليه الحال في هذا الملف الخدمي الاساسي في عراق اليوم. حتى أن بعض العراقيين نظر إلى إعلان وزارة الكهرباء سابقا ً أنها سوف تقوم بقطع التيار الكهربائي عن كل المتخلفين عن تسديد قوائم الكهرباء على أنه نكتة. كيف لا و هم لم يعرفوا سابقا ً إلا (الّلالة) و (المهفّة) . و يقترح بعض اللغويين العراقيين إدخال هاتين المفردتين إلى معجم اللغة على أن يبدل اسم هذا المعجم من (لسان العرب) إلى (لسان العراقيين).
و يبدو أن تأثير هذه الأزمة قد امتد إلى أن وصل إلى تفكير بعض السّاسة في العراق. فهناك أزمة في العقول النيّرة التي تخرج العراق من هذا النفق الحالك و المظلم. و قد لا تحل الأمور على الرغم من كل المولدات التي تملأ المنطقة الخضراء .
و على الرغم من ً كل تلك التظاهرات التي تخرج هنا و هناك و يطلق عليها (انتفاضة الكهرباء) فالرؤية معدومة لدى بعض المسؤولين. الطريف في الأمر أن العراقيين يجدون في هذه التظاهرات ما يفتقدونه في الأيام العادية. فالماء الذي ينهمر عليهم من خراطيم قوات الأمن يبرد حرارة أجسامهم المشتعلة في فصل الصيف و العصي الكهربائية تعرفهم طعم الكهرباء الحقيقي.
و يبقى فقط أن يستجيب من هم في موقع المسؤولية إلى طلبات الناس حتى يشعروا بإنسانيتهم و تبرد حرارة قلوبهم و أرواحهم. و يتشاءم بعض العراقيين من اسم الكهرباء لأنها تعني الانقطاع و المنع بالنسبة لهم ، فقالوا (ما اسميك كهرباء يقطعونك ، ما اسميك حصه يأخرونك ، اسميك مفخخة بكل مكان يخلونك ).
و الحلقة المفرغة بين كل من وزارتي النفط و الكهرباء باتت أمرا ً معروفا ً كمعضلة البيضة و الدجاجة. فوزارة النفط حسب زعمها لم تكن قادرة ً على زيادة طاقتها الانتاجية بدعوى نقص الكهرباء و وزارة الكهرباء لم تستطع توليد المزيد من الكهرباء لنقص الطاقة النفطية. أما اليوم فالوضع أسوأ خاصة بعد أن تم دمج كلا الوزراتين في ما يعرف بوزارة الطاقة ، فقد انعدمت هذه الطاقة نهائيا ً.
و لا تقتصر أزمة الكهرباء على المواطن العادي فهي تصيب جميع قطاعات الاقتصاد العراقي. و هنا لم ينس َ العراقييون أن يضيفوا إلى هذا الأمر بعضا ً من الدعابة التي تغطي على مرارة الموقف. فهم يتحدثون عن شراكة بين كل من اليابان و مصر و العراق لصناعة فيلم سينمائي ضخم عن سفينة التايتانيك الشهيرة. أما اليابان فقررت صناعة السفينة ، في حين قررت مصر تقديم الموارد البشرية و الممثلين إلا أن العراق قرر مساعدتهم بمشهد قطع التيار الكهربائي.
أقرأ ايضاً
- ازمة الكهرباء تتواصل وحديث تصديرها يعود الى الواجهة
- الماء والكهرباء والوجه الكليح !
- سيارة كهربائية لمواطنين أعْيَتْهُم الكهرباء !