ابحث في الموقع

الإيرادات تذوب في بحر الرواتب: العراق أمام حلين أحلاهما مر

الإيرادات تذوب في بحر الرواتب: العراق أمام حلين أحلاهما مر
الإيرادات تذوب في بحر الرواتب: العراق أمام حلين أحلاهما مر

يعاني العراق اليوم من أزمة مالية خانقة، إذ تذوب إيراداته النفطية في بحر الرواتب والمخصصات دون أن تترك مجالا للتنمية أو الخدمات. وبحسب خبراء الاقتصاد، فإن أكثر من 99% من عوائد تصدير النفط الخام تذهب مباشرة لتغطية الرواتب والتعويضات، ما يضع الحكومة أمام خيارات صعبة ومريرة.

غياب تنويع الموارد وتراجع الزراعة والصناعة، جعلا الاقتصاد رهينة النفط، مهددا الاستقرار المالي والاجتماعي مع كل هزة في الأسواق العالمية.

الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، حذر من اعتماد العراق شبه الكلي على إيرادات النفط لتغطية الرواتب، وذلك لتقويض قدرته على التطوير الاقتصادي وتقديم الخدمات الأساسية، وفيما أكد أن الإيرادات النفطية تذهب جميعا إلى تغطية الرواتب، بحسب أرقام وزارة المالية، رأى أن ذلك سيترك الحكومة أمام خيارات مريرة ومحدودة.

وقال المرسومي في منشور عبر حسابه على منصة فيسبوك، إن “45 تريليون من واردات النفط تساوي الـ 45 ترليون دينار المخصصة لرواتب الموظفين، ذلك وفق الحسابات المالية التي نشرتها وزارة المالية على موقعها الالكتروني للنصف الأول من عام 2025”.

وأوضح المرسومي، أن “تعويضات الموظفين = 30.025 ترليون دينار، والمنح والأجور والرواتب = 2.467 ترليون دينار، الرواتب التقاعدية = 9.304 ترليون دينار، رواتب المعينين المتفرغين = 367 مليار دولار، شبكة الحماية الاجتماعية = 2.783 ترليون دينار، إحمالي الرواتب المدفوعة = 44.946 ترليون دينار، إيرادات تصدير النفط الخام = 45.283 ترليون دينار، ونسبة تغطية صادرات النفط الخام إلى إجمالي الرواتب = 99.2%. ما يعني كل إيرادات صادرات النفط الخام تقريبا (بعد خصم نفقات شركات التراخيص ونفقات الاتفاقية الصينية) ذهبت لتغطية الرواتب فقط”.

وعد المرسومي الوضع “خطيرا”، فضلا عن أنه “يقوض إمكانات التطور الاقتصادي وتوفير الخدمات الأساسية للسكان”، مقترحا “حلولا لمعالجة تداعيات الوضع القائم”.

ورأى الخبير الاقتصادي، أنه “ليس هناك سوى حلين أحلاهما مر: إما العمل على زيادة الإيرادات العامة بشقيها الإيرادات النفطية وغير النفطية، أو إصلاح نظام الرواتب وإعادة هيكلته من خلال معالجة موضوعة الرواتب الخاصة والمزدوجة ومواجهة الفساد وضبط المالية العامة وترشيد النفقات”، محذرا من أنه “بخلافهما ستجد الحكومة القادمة أمام خيارات مريرة أخرى، منها تخفيض سعر صرف الدينار مقابل الدولار أو إعادة النظر بالدعم الحكومي، وكلها قرارات سيدفع كلفتها الاقتصادية والاجتماعية أصحاب الدخول الثابتة وجمهور الفقراء”.

ويعد استمرار الدولة العراقية بالاعتماد على النفط كمصدر وحيد للموازنة العامة، أمرا خطرا في مواجهة الأزمات العالمية التي تحدث بين الحين والآخر لتأثر النفط بها، مما يجعل البلاد تتجه في كل مرة لتغطية العجز عبر الاستدانة من الخارج او الداخل وهو بذلك يشير إلى عدم القدرة على إدارة أموال الدولة بشكل فعال، والعجز عن إيجاد حلول تمويلية بديلة، بحسب مختصين.

ووفقا للمالية العراقية، فإن 91% من إيرادات العام الماضي جاءت من النفط،127 تريليون و536 مليار و400 مليون و812 ألف دينار، فيما بلغت الإيرادات غير النفطية 13 تريليون و237 مليار و705 ملايين و728 ألف دينار.

وكان المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أكد في تصريح سابق، وجود “هيمنة تاريخية للريع النفطي في مكونات موارد الموازنة العامة السنوية في البلاد، إذ مازالت عوائد النفط تشكّل قرابة 91 بالمئة من إجمالي الإيرادات الفعلية السنوية في الموازنات الحكومية لقاء 19 بالمئة للإيرادات غير النفطية، والسبب يعود إلى غلبة الاقتصاد الأحادي النفطي في تكوين الناتج المحلي الإجمالي للعراق الذي يتراوح بين 50- 45 بالمئة من الناتج الإجمالي السنوي، في حين نجد أن تأثيرات إنفاق العوائد النفطية على دورة الحياة الاقتصادية تمتد إلى أكثر من 85 بالمئة من فاعلية النشاط الاقتصادي الكلي؛ الأهلي والعام في العراق”.

يأتي ذلك في ظل التوجه الحكومة بالتريث في إعداد جداول موازنة 2025، والتركيز بدلا من ذلك على موازنة 2026، رغم المخالفة القانونية والاثار السلبية له على الإقتصاد فضلا عن تعميق إرباك الوزارات وتعطيل المشاريع الخدمية، خاصة مع استمرار الغموض في الحسابات الختامية والضغوط السياسية والاقتصادية المتزايدة مع اقتراب موعد الانتخابات.

 

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!