ابحث في الموقع

الحزام الأخضر يتلاشى.. شح المياه والفساد يجهضان مشروع بغداد البيئي

الحزام الأخضر يتلاشى.. شح المياه والفساد يجهضان مشروع بغداد البيئي
الحزام الأخضر يتلاشى.. شح المياه والفساد يجهضان مشروع بغداد البيئي

تتصدر بغداد قائمة المدن الأكثر تلوثا في العالم، بعدما حاصرتها العواصف الترابية والغبار خلال السنوات الماضية، في ظل تصحر متسارع ونقص حاد في المساحات الخضراء. ورغم أن مشروع “الحزام الأخضر” طُرح مرارا كحل للحد من هذه الكارثة البيئية، إلا أن غياب الجدية الحكومية وشح المياه أبقياه مجرد وعود عاجزة عن التنفيذ.

مختصون في الشأن البيئي، أكدوا استحالة تطبيق الحزام الأخضر حول العاصمة بغداد. وقال الخبير في الشأن البيئي وعضو مرصد “العراق الأخضر”، عمر عبد اللطيف في حوار متلفز، إن “موضوع الحزام الأخضر حول العاصمة بغداد شائك ومعقد”، مبينا أن “التغيرات البيئية والمناخية تجري بشكل سريع في حين تحركات الجهات المسؤولة تجري بشكل بطيء وهذا يصعب جدا من إمكانية تطبيقه”.

وأضاف، أن “مشروع الحزام الأخضر كان من المفترض أن يرى النور قبل خمسة عشر عاما، غير أن سلسلة من العقبات من بينها امتلاك الأراضي وإهمال الأشجار التي زرعت، فضلا عن شبهات الفساد عطلت التنفيذ”، مرجحا أن “هذا المشروع لن يرى النور بسبب الجفاف وقلة المياه وعدم الاهتمام بالأشجار”.

وأكد، أن “بغداد أصبحت مدينة غير صالحة للعيش، بس التلوث الذي أصابها، وتحولها الى مدينة كونكريتية بسبب المجمعات السكنية و قلة المناطق الخضراء، وارتفاع التلوث بسبب المولدات والسيارات ومعامل الطابوق والإسفلت غير المطابقة للشروط البيئية، فضلا عن استخدامها الوقود السيء”.

وشهد العراق موجة حر تجاوزت درجات الحرارة المعدلات المعتادة، إذ سجلت بغداد والبصرة أكثر من 55 درجة مئوية، ما أدى إلى ضغوط كبيرة على توفير الكهرباء والمياه، فيما تشير التقديرات المختصين إلى انخفاض ملموس في نصيب الفرد من المياه، فيما حذرت وزارة الموارد المائية في بيان سابق، من أن العام الحالي هو الأخطر منذ ثلاثينيات القرن الماضي. حيث انخفضت الإيرادات المائية بنسبة 73% مقارنة بالعام الماضي في حوضي دجلة والفرات، بحسب مختصين

ويعاني العراق من نقص حاد في المساحات الخضراء، حيث تُقدر المساحة الخضراء لكل فرد بـ 0.2 دونم فقط، وهو ما يقل بكثير عن المعدل العالمي البالغ 12 دونما، الأمر الذي فاقم نسبة التلوث في البلاد، حتى أصبح يتصدر دول العالم بذلك.

وكشف موقع “نمبيو” الذي يُعنى بحياة الناس لدول العالم، مطلع العام الجاري، أن كل مواطن عراقي يحتاج الى 75 شجرة لانتاج ما يكفي من الأوكسجين.

وأدى تزايد النشاط العمراني، وتغيرات المناخ وارتفاع درجات الحرارة، فضلا عن قلة الأمطار وشح المياه، إلى اختفاء الأراضي الزراعية في العراق، ما انعكس سلبا على البيئة وزاد من التلوث في البلاد.

وتقدر الخسائر المالية بسبب العواصف التي تهب على العراق بمليون دولار يوميا، بسبب الأضرار التي تسببها. ويتصدر قطاع الصحة أكثر القطاعات تضررا بسبب ما تصرفه الوزارة على مرضى الجهاز التنفسي، ناهيك عن المرضى الذين يفضلون البقاء في المنازل وشراء أجهزة التنفس على التوجه إلى المراكز الصحية والمستشفيات لمعالجتهم، بحسب المرصد الأخضر.

وأعلن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، في مطلع العام 2025، بأن العراق فقد نحو 30% من الأراضي الزراعية المنتجة، بسبب التغيرات المناخية خلال السنوات الثلاثين الاخيرة.

يشار إلى أن العاصمة بغداد كانت محاطة ببساتين نخيل كبيرة، وخاصة قي منطقة الدورة جنوبا، لكن جرى تجريفها منذ سنوات. بالإضافة إلى أن أغلب مدن العراق تعاني في الوقت الحالي من فقدان الأراضي الخضراء لأسباب عدة، من بينها تحويلها الى أراض سكنية، أو هجرها بسبب الجفاف ونزوح الفلاحين إلى المدن.

وكان موقع “IQAir” المتخصص بمراقبة جودة الهواء العالمية، أفاد في 12 تشرين الأول 2024، بأن العاصمة العراقية بغداد تصدرت قائمة المدن الأكثر تلوثا في العالم، مبينا أن مستويات التلوث ببغداد قد تجاوزت مدن مثل لاهور في باكستان، القاهرة في مصر، ودلهي في الهند، التي تشتهر بارتفاع نسب التلوث فيها.

ويضرب التغير المناخي العراق بقوة خلال الأعوام القليلة الماضية وبصورة غير معهودة، حيث يعد خامس الدول الأكثر تضررا من التغيرات المناخية العالمية، وفق وزارة البيئة العراقية والأمم المتحدة.

ويفقد العراق سنويا 100 ألف دونم، جراء التصحر، كما أن أزمة المياه تسببت بانخفاض الأراضي الزراعية إلى 50 في المائة وفق تصريحات رسمية.

وبناء على تقديرات منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” التابعة للأمم المتحدة، فقد باتت مساحات الغابات في العراق لا تشكل سوى 8250 كيلومترا مربعا، أي ما نسبته 2% من إجمالي مساحة البلاد.

وكان المختص في إدارة الأزمات، علي الفريجي، أكد في وقت سابق، أن “العراق يواجه كارثة بارتفاع قياسي لمعدلات التلوث، وأخطر أنواعه هو تلوث البنى التحتية، والهواء أيضا الذي أصبح تلوثه يعادل 11 ضعفا مما كان عليه في السنوات السابقة”، مبينا أن “الإجراءات الوقائية عشوائية جدا من قبل مؤسسات الدولة كافة، وهذا الإهمال هو ما تسبب في عدم تبني استراتيجية ملزمة لأداء المؤسسات العامة والخاصة لمواجهة هذا الخطر”.

يذكر أن مبادرات إنشاء الحزام الأخضر، بدأت في سبعينيات القرن الماضي، كجزء من حملة قامت بها الدول العربية وبمساعدة منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في مرحلتها الأولى، يعمل كمصد للرمال الصحراوية التي تجتاح المدن والأراضي الزراعية، فضلاً عن عمله للحد من الرياح الصحراوية نحو المدن، لكن المشروع توقف بسبب الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، ومن ثم حرب الخليج، والخلاف العراقي الخليجي.

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!