من الشارع العام الرابط بين مركز محافظة المثنى في مدينة السماوة وقضاء الوركاء دخلنا مسافة تزيد على عشر كيلومترات بطريق ترابي وعر وممتلئ بالمطبات لنصل الى منزل الطفل "زينب" البسيط وتسكن فيه مع عائلتها محدودة الدخل والتي اصيبت بمرض سرطاني كادت تفقد حياتها فيه، لولا مستشفيات العتبة الحسينية التي عالجتها مجانا لتعيد لها العافية والبسمة.
حرارة وتقرح
وبهموم الاب الحريص على ابنائه تحدث والدها "احمد نغيمش" عن مرضها ومعاناتها وقلق عائلتها ثم علاجها لوكالة نون الخرية قائلا ان" ابنتي "زينب" تجاوز سنها الحادية عشرة بستة اشهر حاليا، ونحن من سكنة منطقة حي الزهراء الزراعية القريبة على السماوة مركز محافظة المثنى، وبدأت اعراض المرض لديها قبل سنتين عندما بدأت الحرارة ترتفع في جسدها وتتقرح شفتيها لاول مرة، وذهبنا بها الى احد المستشفيات الحكومية في المحافظة وبعد اجراء التحاليل المختبرية اكدوا انها تشكو من فقر الدم، وبعد عودتنا الى البيت ساءت حالتها، فذهبنا بها الى طبيب متخصص في عيادته الشخصية، واحالها لاجراء تحاليل وارسلنا الى مختبرات متخصصة في محافظة ذي قار، وظهرت نتائج التحاليل فاخبرني طبيب التحاليل المختص بضرورة العودة الى الطبيب الذي ارسلنا اليه لان حالتها تحتاج الى علاج دون تأخير، وشدد علي بضرورة الاسراع بعلاجها اكثر مما مضى ولم يزيد من التفاصيل شيئا، ويبدو انه لا يريد ان يصدمني بما تعاني ابنتي من مرض، وبعد عودتنا الى الطبيب الذي ارسلنا الى ذي قار واطلاعه على نتائج التحاليل، ابلغني ان علي مراجعة طبيب متخصص بامراض الدم وزراعة نخاع العظم لان اصابة ابنتي خطرة".
مراجعة المتخصصين
بعد ان اشار طبيب الاطفال على الاب بمراجعة المتخصصين بأمراض الدم بحث عنهم في محافظته ولكن نصيحة جاءت فعمل بها يقول عنها ان" مراجعتي كانت لاحدى الطبيبات المتخصصات بأمراض الدم فأخبرتني ان ابنتي مصابة بمرض سرطان الدم "اللوكيميا" وهو مرض خطر اذا لم يعالج وقد يسبب تخثر في الدم او نزيف والنسبة في التحاليل وصلت الى (90) بالمئة، وأبلغتني بضرورة مراجعة مستشفيات العتبة الحسينية في كربلاء او البصرة، فكانت وجهتنا الى مدينة كربلاء المقدسة لما فيها من مستشفيات متطورة ومراقد مقدسة هم باب الرحمة لعباد الله، وراجعت مستشفى المجتبى لامراض الدم وزراعة نخاع العظم التابع لهيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية المقدسة، واستقبلني الدكتور "عبد العزيز وناس" و الدكتورة "بشرى" في العيادة الاستشارية وكان استقبالهم الرائع لنا بوابة هدوء النفس والاطمئنان على ابنتي، ولان وضعها حرج وتحليل النخاع يتطلب يومين لتظهر نتائجه، فقاموا باعطائها الدم والصفائح التي ظهرت نسبتها منخفضة جدا، وبسبب وضعها الصحي الذي تراجع بشكل سيء ادخلت الى ردهة العناية المركزة لمدة خمسة ايام، وبعد ان وجدوا ان وضعها اصبح حرج جدا وصار عندها تخثر ونزف على شبكية العين وتلف في الذاكرة ولم تعد ترى، واجتمع الاطباء المتخصصين لرسم خطة علاجها كون حالتها هي الاصعب بين جميع الاطفال المرضى، فحدد لها بروتوكول علاجي تعطى بموجبه جرعات العلاج الكيمياوي، ومكثنا ثلاثين يوما اجرى بعدها تقييم حالتها عبر اجراء تحاليل للنخاع، وصار برنامج علاجها خمسة ايام في المستشفى ويومين خارجه واستمرت هذه المرحلة لمدة شهرين، ثم اصبح علاجها اسبوع في المستشفى واسبوعين تمكث في البيت واستمر الحال لمدة ثمانية اشهر، وتكفل المستشفى خلالها بعلاجها من جميع الامراض حيث احيلت الى طبيب عيون متخصص لعلاج حالة فقدان النظر، وطبيب جراح متخصص لعلاج ورم في قدمها، وطبيب جراح متخصص بالجملة العصبية لعلاج حالة تخثر الدم عندها".
بين الحياة والموت
عندما اخذت ابنتي الى كربلاء كان اليأس يتملكني لانها اراها تسير نحو الموت بعد تردي حالتها الصحية هكذا يصف والد "زينب" حالة ابنتها ويضيف" وبعد تلك المدة من العلاج بدأت تستعيد عافيتها وأظهرت الفحوصات والتحاليل استجابة الجسم لجميع مراحل العلاج، ولا تحتاج الى علاجات مكثفة مثل عدد من الصبيات المريضات في المستشفى، وهذا ما عرفته من عائلات كانت تعالج ابنائها في المستشفى واصبح بيننا تعارف وصداقة، وبعدها خضعت ابنتي الى برنامج المتابعة الدورية وجدول علاج نأتي بموجبه كل اسبوعين للمستشفى، وبسبب سكني في محافظة اخرى جعلوا المراجعة كل شهر بعد ان اجري فحص (CBC) لتقييم المناعة ونسبة الدم واعطونا علاج لها يكفيها لمدة اربع اسابيع، وحاليا نذهب الى مستشفى المجتبى كل (28) يوما لتقييم حالتها واي اعراض تحصل لها ولدينا تواصل مباشر عبر تطبيق "الواتساب" مع الطبيبة المتخصصة والاستشارة الطبية حاضرة ليلا ونهارا، وبدأت رحلة علاجها في المستشفى في العاشر من شهر كانون الاول من العام الماضي (2024)، والى الآن مضى على علاج ابنتي (9) اشهر وحاليا حالتها مستقرة تحت المراقبة وتتناول جرعة وقائية (MTX)، ولم تستوجب حالتها اجراء عملية زراعة نخاع العظم، وكل العلاج خلال المدة الماضية كان مجاني على حساب العتبة الحسينية المقدسة، وشعرنا بانفسنا مواطنين مهمين عندما وجدنا التعامل الانساني وتعامل الممرضات العاملات في المستشفى انساني ما جعلها تصبح صديقة لهن، وهي حاليا في الصف الخامس الابتدائي ومتفوقة في دراستها وتحصل دائما على اعلى الدرجات وبفضل علاجها في مستشفيات العتبة الحسينية المقدسة عادت الى مقاعد الدراسة من جديد".
قاسم الحلفي ــ المثنى
تصوير ــ عمار الخالدي




التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!