ابحث في الموقع

رسوم ترامب تضع العراق أمام خيارين لا ثالث لهما: التقارب أو التصعيد

رسوم ترامب تضع العراق أمام خيارين لا ثالث لهما: التقارب أو التصعيد
رسوم ترامب تضع العراق أمام خيارين لا ثالث لهما: التقارب أو التصعيد

يستمر الحديث في العراق حول تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على العراق بنسبة 30% على جميع الصادرات العراقية إلى الولايات المتحدة، باستثناء النفط الخام.

وبين سياسيون ومختصون في الشأن الاقتصادي، الأسباب الكامنة وراء هذا القرار، وتداعياته المحتملة على الاقتصاد العراقي، مؤكدين أن العراق أمام خيارين إما التقارب أو التصعيد.

وقال القيادي في تحالف الإعمار والتنمية، عبد الهادي السعداوي في حوار متلفز، اليوم الخميس، إن “العراق لا يمتلك صادرات في داخل الولايات المتحدة الأمريكية”، مبينا أن “رسالة ترامب لرئيس الوزراء محمد السوداني كانت واضحة، وهي: إما فتح مصانع أمريكية داخل العراق أو الرسوم”.

وأضاف، أن “فرض الرسوم لن يؤثر على العراق بشيء، لعدم اعتماد البلاد على أمريكا بالصادرات والاستيرادات”، موضحا أن “ذلك سيؤثر بنسبة ضئيلة قد تصل إلى 1 بالمئة”.

وتابع السعداوي، أن “ترامب يريد العراق أن يصبح مثل دول الخليج التي تصدر أموالها وخيراتها لهم”، مؤكدا أن “حكمة السوداني تختلف من حيث المبدأ عما يريده ترامب”.

من جهته، رأى الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، أن “السبب الرئيسي لهذه التعرفة يعود إلى اعتقاد الولايات المتحدة بوجود خلل في الميزان التجاري مع العراق، حيث تُظهر الأرقام فائضا تجاريا لصالح العراق بقيمة حوالي 2 مليار دولار”، مبينا أن “صادرات النفط العراقي إلى أمريكا تبلغ نحو 4 مليارات دولار سنويا، بينما تستورد العراق بضائع أمريكية بقيمة تتراوح بين 2 إلى 3 مليارات دولار”.

وأضاف “أما السبب الثاني هو فرض العراق رسوما جمركية إضافية على بعض السلع الأمريكية ضمن برنامج حماية المنتجات المحلية، مما اعتبرته الولايات المتحدة تعرفة موجهة ضد بضائعها”، لافتا إلى أنه “بناء على هذين السببين رأت الولايات المتحدة أن التجارة مع العراق تسبب عجزا في ميزان مدفوعاتها، مما دفعها لفرض هذه التعرفة”.

وأوضح، أن “هذا القرار يُعتبر غير منطقي لسببين: أولاً، تحليل معمق لميزان المدفوعات يكشف فائضا لصالح الولايات المتحدة عند احتساب الصادرات غير المباشرة، مثل السيارات الأمريكية التي تُصدَّر إلى دول مجاورة ثم تُعاد إلى العراق، وثانيا: استيراد العراق للإلكترونيات (مثل هواتف Apple) والخدمات، مثل برمجيات Microsoft وإعلانات Meta، التي تُحسب مبيعاتها لدول أخرى في المنطقة تستحوذ على مبيعات هذه الخدمات لمنطقة الشرق الاوسط”.

وأكد، أن “هذه السلع والخدمات، التي قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات سنويا، تُظهر أن الميزان التجاري يميل لصالح الولايات المتحدة بوضوح، ومن حيث التأثير، فإن القرار لن يكون له أثر كبير على العراق، لأن النفط الخام، الذي يشكل الجزء الأكبر من صادرات العراق إلى أمريكا (حوالي 5% من إجمالي صادراته النفطية)، مستثنى من التعرفة”، مبينا أنه “حتى لو شُمل النفط، فإن التأثير على الاقتصاد العراقي سيكون محدودا”.

ووجد الخبير الاقتصادي، أن “العراق أمام خيارين، الأول وهو خيار التقارب يتطلب ردا دبلوماسيا بإرسال رسالة رسمية من أعلى مستوى في الحكومة العراقية توضح حجم الواردات المباشرة وغير المباشرة من الولايات المتحدة، مؤكدة أن الميزان التجاري يميل لصالح أمريكا وتبين مقدار خطأ الاحتساب وضرورة رفع هذه التعرفة الكمركية اعتمادا على تفصيل استيرادات السلع والخدمات الامريكية المباشرة وغير المباشرة، وطلب العمل المشترك بين البلدين لتحويل جميع استيرادات العراق من السلع والخدمات بطريقة مباشرة دون الحاجة الى المرور بدول أخرى من خلال لجان مشتركة بين البلدين”.

وتابع “الخيار الثاني وهو التصعيد، عبر فرض رسوم على الخدمات والسلع الأمريكية مثل السيارات والإلكترونيات، الذي قد يكون له تأثير سيادي رمزي فقط، لكنه سيضر العراق أكثر من الولايات المتحدة وقد يؤدي إلى قيود أمريكية إضافية”.

ورأى العبيدي، أن “الخيار الأول هو الأنسب، لأن تجاهل القرار أو التصعيد قد يؤدي إلى تداعيات مستقبلية سلبية على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وربما إلى عقبات أخرى في المستقبل القريب وخصوصا أن هناك فتورا في العلاقة الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق خلال الفترة السابقة، ويحتاج العراق إلى إعادة تطوير هذه العلاقة لتجنب مشاكل اقتصادية مستقبلية”.

وفرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمس الأربعاء، رسوما جمركية على العراق بنسبة 30 بالمئة، اعتبارا من آب المقبل، فيما رهن استمرارها بالعلاقة التجارية بين البلدين.

ورأى أستاذ الاقتصاد الدولي، نوار السعدي، أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على العراق، سيكون لها تأثير مركب على الاقتصاد الداخلي، وفيما توقع أن تكون هذه الخطوة بداية لإعادة رسم العلاقة التجارية بين واشنطن وبغداد.

ويواجه العراق تهديدا بتفاقم العجز المالي على المدى المتوسط، إثر تراجع إيرادات النفط بسبب انخفاض الأسعار، فضلا عن تزايد معوقات التمويل، في الوقت الذي ارتفع فيه تقدير سعر الخام اللازم لتحقيق التعادل في الميزانية ما يزيد عن 55%، بحسب صندوق النقد الدولي.

وبحسب تقديرات الصندوق، فإن عائدات النفط مرشحة للتراجع من 99.2 مليار دولار في 2024 إلى 84.2 مليار دولار في 2025 ثم إلى 79.2 ملياراً في 2026، متأثرة بانخفاض الأسعار التي تراجعت من متوسط عند 80.6 دولار للبرميل في العام الماضي، إلى 65.9 دولار للبرميل في العام الجاري، و62 دولارا للبرميل في العام المقبل.

وأشار إلى أنه “هناك حاجة إلى تصحيح مالي كبير للحد من المخاطر المالية الكلية، واحتواء مخاطر السيولة، واستقرار الدين على المدى المتوسط. وعلى المدى القصير جدًا، ينبغي على السلطات مراجعة خطط الإنفاق الجاري والرأسمالي لعام 2025، والحد من جميع النفقات غير الأساسية أو تأجيلها”.

وكان المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أكد في تصريح سابق، أن “هناك هيمنة تاريخية للريع النفطي في مكونات موارد الموازنة العامة السنوية في البلاد، إذ مازالت عوائد النفط تشكّل قرابة 91 بالمئة من إجمالي الإيرادات الفعلية السنوية في الموازنات الحكومية لقاء 19 بالمئة للإيرادات غير النفطية، والسبب يعود إلى غلبة الاقتصاد الأحادي النفطي في تكوين الناتج المحلي الإجمالي للعراق الذي يتراوح بين 50- 45 بالمئة من الناتج الإجمالي السنوي، في حين نجد أن تأثيرات إنفاق العوائد النفطية على دورة الحياة الاقتصادية تمتد إلى أكثر من 85 بالمئة من فاعلية النشاط الاقتصادي الكلي؛ الأهلي والعام في العراق”.

ويعتمد العراق بنسبة كبيرة على بيع النفط الخام في تأمين إيراداته السنوية ودفع الرواتب وبقية المستحقات الأخرى، فيما يواجه قطاع الزراعة الذي كان يمثل أحد روافد الإيرادات في السابق، تدهورا كبيرا، ومنذ عام 2022، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!