
تسبب إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على جميع واردات السيارات وقطع الغيار إلى الولايات المتحدة، باهتزاز وصدمة في قطاع صناعة السيارات الأمريكي والأسواق العالمية، فيما أثار انتقادات وتهديدات بالرد من المتضررين.
وأكد ترامب من البيت الأبيض أن الرسوم ستفرض "على كل السيارات غير المصنعة في الولايات المتحدة" مضيفا أنها ستدخل حيز التنفيذ "في الثاني من نيسان وسنبدأ جمعها في الثالث منه".
وأوضح "سنجعل الدول التي تنشط تجارياً في بلدنا وتأخذ ثرواتنا، تدفع"، بينما قال أحد مستشاريه "يضاف ذلك إلى الرسوم الجمركية المفروضة أساساً حول هذه السلع".
ويرى خبراء، أن القرار يشكل ضربة قوية جديدة لقطاع صناعة السيارات الذي سبق أن هزته إعلانات سابقة في هذا المجال.
وتضاف تلك الرسوم إلى أخرى فرضتها الولايات المتحدة بالفعل على واردات الصلب والألمنيوم وعلى السلع المستوردة من المكسيك وكندا والصين.
وتسببت رسوم ترامب الجمركية وتهديداته المرتبطة بفرضها منذ بدء ولايته الثانية في حالة من الضبابية لدى الشركات وأثارت اضطراباً في الأسواق العالمية.
كما هدد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي وكندا إذا عمل كلاهما معا "لإلحاق ضرر اقتصادي بالولايات المتحدة".
وكتب ترامب في منشور على موقع "تروث سوشيال": "إذا عمل الاتحاد الأوروبي مع كندا لإلحاق ضرر اقتصادي بالولايات المتحدة الأمريكية، فسنفرض رسوما جمركية كبيرة، أكبر بكثير من المخطط لها حالياً، على كليهما من أجل حماية أفضل صديق لهذين البلدين على الإطلاق".
تنديد وانتقادات
ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الخطوة بأنها "سيئة للشركات، وأسوأ بالنسبة للمستهلكين".
وكتبت في تغريدة "أعرب عن أسفي الشديد لقرار الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية على صادرات السيارات من الاتحاد الأوروبي؛ سيواصل الاتحاد الأوروبي السعي إلى حلول تفاوضية، مع الحفاظ على مصالحه الاقتصادية".
وطالب وزير الاقتصاد الألماني في الحكومة المنتهية ولايتها، روبرت هابيك، الاتحاد الأوروبي، برد حاسم، وكتب على منصة "إكس": "يجب أن يكون واضحاً أننا لن نستسلم للولايات المتحدة. القوة والثقة بالنفس مطلوبتان".
وأضاف محذرا "يعد خبراً سيئاً بالنسبة لمصنعي السيارات الألمان، وللاقتصاد الألماني، وللاتحاد الأوروبي، وكذلك أيضاً للولايات المتحدة".
وندد رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، بـ"هجوم مباشر على العمال" الكنديين مؤكداً "سندافع عنهم وسندافع عن صناعاتنا وسندافع عن بلادنا".
وفي فرنسا، قال وزير المالية الفرنسي، إيريك لومبار، إن إعلان ترامب يمثل "أنباءً سيئة للغاية"، مضيفاً أن الحل الوحيد حالياً هو أن يرفع الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية.
من جانبها، قالت وزيرة المالية البريطانية، ريتشل ريفز، إن بريطانيا لا ترغب في تصعيد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وتعمل بشكل مكثف مع واشنطن للحصول على إعفاء من الرسوم الجمركية.
أما الصين، فخرج الناطق باسم الخارجية، غيو جيا كون، ليشدد على "لا رابح في حرب تجارية أو حرب جمركية. لا يتحقق النمو والازدهار لأي دولة من خلال فرض رسوم جمركية".
وفي اليابان التي تشكل السيارات حوالي ربع صادراتها إلى الولايات المتحدة، حذر رئيس الوزراء من أنه يدرس فرض إجراءات رد.
صدمة في سوق السيارات
وتأثرت أسهم صناعة السيارات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة وآسيا بشدة. نزل مؤشر الأسهم الأوروبي الرئيسي إلى أدنى مستوى في أسبوعين اليوم الخميس نتيجة تراجع أسهم شركات صناعة السيارات.
وتشير بيانات من شركة الأبحاث، جلوبال داتا، بأن ما يقرب من نصف السيارات التي بيعت في الولايات المتحدة العام الماضي كانت مستوردة.
وقد حذّرت جمعية شركات صناعة السيارات في الولايات المتحدة من "ضرورة" ألا تؤدي الرسوم الجمركية إلى "ارتفاع الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين".
وقالت المنظمة في بيان "من الحيوي أن تطبق هذه الرسوم بطريقة تتجنب حصول ارتفاع في الأسعار للمستهلكين وتحافظ على تنافسية القطاع في أميركا الشمالية".
"عواقب وخيمة" على صناعة السيارات الألمانية
وحذر الاتحاد الألماني لشركات صناعة السيارات من العواقب الاقتصادية الهائلة للرسوم الجمركية الأمريكية، وقالت رئيسة الاتحاد، هيلدجارد مولر، إن الرسوم الجمركية ستمثل عبئاً كبيراً على الشركات وسلاسل التوريد العالمية المتشابكة بشكل وثيق مع صناعة السيارات، مضيفة أنه سيكون لهذه الإجراءات عواقب سلبية على المستهلكين، أيضاً في أمريكا الشمالية. وقالت مولر: "العواقب ستكون وخيمة على النمو والازدهار لدى كافة الأطراف".
وبحسب الاتحاد، تتوقع 86% من شركات صناعة السيارات المتوسطة أن الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على عدد كبير من الدول والمناطق ستؤثر عليها أيضاً.
ووفقاً لبيانات الاتحاد، تعد الولايات المتحدة عنصراً مهماً في شبكة إنتاج صناعة السيارات الألمانية، حيث أنتجت الشركات الألمانية أكثر من 844 ألف مركبة هناك في عام 2024. وتم تصدير حوالي نصفها إلى جميع أنحاء العالم.
وتعد الولايات المتحدة أهم سوق مبيعات لصناعة السيارات الألمانية، بحسب أحدث بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني.
أقرأ ايضاً
- تركيا وBKK.. هل يغادران العراق بعد مبادرة السلام؟
- "التناقض" يتسيد البيانات الرسمية تجاه الضغوط الأمريكية
- أزمة وشيكة.. نحو 20 مليون عراقي يقتربون من سوق العمل