
في عملية أمنية محورية تم التخطيط لها بعناية على مدار أشهر، نجحت الأجهزة الأمنية العراقية في القضاء على أحد القيادات البارزة في عصابات داعش الإرهابي المدعو عبد الله مكي مصلح الرفيعي، والمكنى أبو خديجة.
ووفقاً للناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، فإن الإرهابي هو الرجل الثاني في داعش والذي كان يشكل تهديداً مستمراً للأمن الوطني.
وقال النعمان في تصريح لـ"الصباح": إن الإرهابي المستهدف كان يشغل دوراً محورياً في التنظيم الإرهابي، حيث عمل كحلقة وصل بين خلايا التنظيم المتبقية في العراق وخارجها. وأضاف أن هذا الإرهابي كان يتمتع بقدرة على التملص من محاولات استهدافه السابقة، لكن التنسيق العالي بين جهاز المخابرات الوطني وجهاز مكافحة الإرهاب أفضى إلى تضييق الخناق عليه، مما مهد لتنفيذ العملية بنجاح. كما أشار النعمان إلى دور التحالف الدولي في تبادل المعلومات الاستخباراتية التي ساعدت في تحديد مكان الإرهابي
بدقة.
وأوضح النعمان أن العملية الأخيرة تأتي في سياق سلسلة من العمليات الناجحة، مثل عملية "وثبة الأسود" التي جرت في آب الماضي وأسفرت عن مقتل أكثر من 14 من كبار قادة التنظيم في صحراء الأنبار. هذه العمليات، بحسب النعمان، أسهمت في جمع معلومات استخباراتية حساسة، مما ساعد في تحديد مكان الإرهابي المستهدف، مضيفاً أن ضربات جوية دقيقة أعقبتها عملية إنزال جوي من قبل جهاز مكافحة الإرهاب أسفرت عن القبض على 7 إرهابيين آخرين، إضافة إلى امرأتين كانتا تشكلان حلقة وصل لهذا الإرهابي مع خلايا أخرى. كما تم اعتقال 5 إرهابيين آخرين على يد جهاز أمن إقليم كردستان.
وأشار النعمان إلى أن التحالف الدولي أسهم بشكل كبير في توفير المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، التي ساعدت في تحديد مكان تواجد هذا الإرهابي. كما لعب جهاز أمن إقليم كردستان دوراً محورياً في اعتقال عناصر التنظيم الإرهابي، في حين قامت القوات العراقية بتنفيذ عملية إنزال جوي ناجحة، مما يعكس التنسيق العالي بين الأجهزة الأمنية المختلفة.
وأكد النعمان أن الإرهابي المستهدف كان يشرف على توفير الدعم اللوجستي للتنظيم الإرهابي، بما في ذلك تأمين الطعام والموارد، وكذلك تنسيق نقل الرسائل بين قيادات التنظيم، مؤكداً أنه "مع القضاء على هذا الإرهابي واعتقال أتباعه، فقدت خلايا التنظيم القدرة على التواصل والتنظيم، مما يسهم بشكل كبير في تقليص قدراتهم العملياتية".
واختتم الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة حديثه قائلاً: "إن هذه العملية تمثل نجاحاً كبيراً للأجهزة الأمنية، وتُظهر التزام العراق بمكافحة الإرهاب وحماية أمنه الوطني. كما تُعد هذه العملية خطوة كبيرة نحو تعزيز الاستقرار في المنطقة، وتعكس التعاون المثمر بين الأجهزة الأمنية العراقية والتحالف الدولي". من جانبه، يرى الخبير الأمني فاضل أبو رغيف أن أهمية مقتل الإرهابي أبو خديجة تأتي من عدة اعتبارات، أبرزها المناصب القيادية التي شغلها، والتي تكشف عن قدراته التنظيمية والأمنية في صفوف داعش الإرهابي.
وأضاف في حديثه لـ"الصباح" أن الإرهابي أبو خديجة كان يعد أصغر شخص يتم تعيينه أميراً لمفرزة أمنية في داعش، وكان ذلك في سن الواحد والعشرين، حين أسند إليه هذا المنصب في مناطق ديالى وصلاح الدين"، مضيفاً "بمرور الوقت، تدرج أبو خديجة في المناصب القيادية في التنظيم. في عام 2014، تولى منصب ما يسمى "الأمير الأمني" للواء الثالث التابع لفرقة القادسية في ولاية ديالى، ثم تمت ترقيته ليصبح الأمير الأمني العام لفرقة القادسية التي تشمل ولايات ديالى وكركوك. وفي عام 2018، تم تعيينه والياً لولاية ديالى، وهو من أعلى المناصب التي شغلها في مقتبل عمره. كما تولى بعد ذلك منصب مسؤول فرع الشرقية الذي كان يشرف على ديالى وبغداد وشمال بغداد.
وأفاد بأنه بعد مقتل القيادي البارز حجي تيسير (معتز نومان الجبوري) في سوريا، تم تكليفه بمنصب والي العراق في 2020، قبل أن يصبح أمير مكتب بلاد الرافدين المسؤول عن جميع الولايات في التنظيم. ثم اختير نائباً للخليفة ومسؤولاً عن اللجنة المفوضة التي تشرف على تنصيب الولاة والأمراء والشرعيين".
يشير الخبير الأمني فاضل أبو رغيف إلى أن ملاحقة أبو خديجة كانت مستمرة على مدار سنوات، إلى أن تم استهدافه في 13 أذار 2025 في صحراء جنوب الرطبة، تم تنفيذها بصاروخ موجه من طائرة بعد أن تم تحديد موقعه بدقة عبر التنسيق الاستخباراتي بين جهاز المخابرات الوطني والتحالف الدولي.
وأكد أبو رغيف أن مقتل أبو خديجة يمثل ضربة قاسية لتنظيم داعش الإرهابي، الذي يعاني الآن من ضعف كبير في بنيته وقدراته، إذ إنه لا يمتلك القدرة على تنفيذ ردات فعل انتقامية مماثلة لما كان يفعله في السنوات السابقة، منوهاً بأن التنظيم يعاني من نقص حاد في الإمكانيات اللوجستية والقدرة على التنقل، مما يجعله عاجزاً عن تنفيذ عمليات معقدة.
في غضون ذلك، ذكر الخبير العسكري والأمني معتز محيي الدين، أن الإرهابي المدعو أبو خديجة كان من أبرز المرشحين لخلافة زعيم التنظيم السابق أبي الحسين القرشي الهاشمي، حيث تولى مناصب قيادية عدة، منها أمير مكتب بلاد الرافدين، كما شغل سابقاً منصب والي العراق داخل التنظيم الإرهابي. وأوضح محيي الدين في حديثه لـ"الصباح" أن القضاء على الإرهابي أبو خديجة يعني تحييد القيادات الرئيسية في الصفين الأول والثاني لهذا التنظيم الإرهابي، مما يفتح الباب أمام جيل جديد أقل خبرة لكنه ليس بالضرورة أقل شراسة. كما تؤكد تقارير أممية أن داعش لا يزال يحتفظ باحتياطات مالية كبيرة تقدر بحوالي 10 ملايين دولار، يمكن أن يستخدمها لإعادة ترتيب صفوفه، مستغلاً حالة عدم الاستقرار في سوريا.
أقرأ ايضاً
- تفاصيل اعتقال قاتل الصحفي ليث بعد ملاحقته في البصرة
- بغداد تطالب واشنطن بإعادة النظر بقرار تعليق الدعم للمنظمات الدولية العاملة في العراق
- بعمليات اعدام جماعي.. مقتل 1383 مدنياً بأحداث الساحل السوري