رغم الحديث المتكرر عن تعديل قانون الانتخابات، إلا أن لجان نيابية ونواب عن كتل عدة، أكدوا أن أي طرح للتعديل لم يجري داخل قبة السلطة التشريعية حتى الآن، ولم يصل أي نص قانوني بهذا الشأن، فيما بينوا أن التعديل لو حصل، بحاجة لتوافق سياسي، إلا أنه بالمحصلة سيكون سلبيا لكتل معينة ومفيدا لأخرى.
وكان رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، من أبرز الداعمين لتعديل قانون الانتخابات، وطالب بأن يعود للدوائر المتعددة، لكنه في 30 كانون الأول 2024، اكتفى بالتأكيد على أن تعديل القانون سيطرح في البرلمان بعد انتهاء عطلته التشريعية (التي انتهت قبل أيام)، دون أن يبين أي موقف تجاه طبيعة الدوائر التي يطالب بها.
ويقول عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، إن “الحديث عن نية مجلس النواب تعديل قانون الانتخابات لا يتعدى كونه تصريحات فردية وليس له وجود داخل المجلس أو اللجنة القانونية النيابية لغاية الآن”.
ويضيف عنوز، أن “اللجنة لم يصل لها أي مقترح حول ذلك، وبحال وجود قرار سياسي أو اتجاه للتعديل، فبالتأكيد سيمر عبر اللجنة القانونية أولا، ثم يتم رفعه لرئاسة البرلمان ليوضع على جدول الأعمال”، مبينا أن “الاتجاه نحو تعديل القانون يعني عودته إلى نظام الدوائر المتعددة بدل الدائرة الواحدة بنظام سانت ليغو الذي تم تطبيقه في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة”.
ويؤكد النائب، أن “بعض الكتل السياسية لديها الرغبة بهذا الأمر، ولكن تعددية الدوائر يجب أن تكون عادلة وفقا لنتائج التعداد السكاني كي تكون منصفة لتمثيل المحافظات”.
وكان نواب قد أقروا بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة منذ أشهر دون التصويت عليها.
وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003، الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.
ورغم اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.
إلى ذلك، تبين النائب عن ائتلاف دولة القانون، انتصار الغريباوي، أن “نظام الدائرة الواحدة في الانتخابات، قد خدم الكتل الكبيرة فقط في الانتخابات الأخيرة، ولهذا شعرت الكتل الصغيرة والنواب المستقلين بوجود ظلم وقع عليهم ما يستدعي التعديل لمصلحة الجميع”.
وتوضح أن “توافق المكونات سياسيا أمر مهم للمضي بتعديل أي قانون، وهو ما يتم العمل عليه حاليا للتوصل إلى صيغة مرضية للجميع”، مؤكدة أن “كل تعديل يجري على قانون الانتخابات سنجد طرفا متضرر وآخر مستفيد، لاختلاف التوجهات وحجم الأحزاب جماهيريا ومناطقيا، ولهذا الأمر برمته مرهون بإمكانية حصول الاتفاق على التعديل والصيغة ثم طرحه للنقاش والتصويت في المجلس”.
وتلفت إلى أن “الانتخابات المقبلة لم يتبق لها شيء، ولذلك يجب الإسراع في حسم الأمر واستكمال جميع الخطوات”، مضيفة أن “تمديد عمل مفوضية الانتخابات يمثل خطوة مهمة لاستقرار المرحلة المقبلة، والتجهيز للانتخابات لما لمجلس المفوضين الحالي من تجربة مهمة في إدارة العملية، وهذا الأمر سيسهل إجراء الانتخابات في وقتها وتطبيق أي تعديلات يمكن أن تجرى على القانون بسهولة”.
وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.
وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 مارس 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.
من جانبه، يرى النائب المستقل، جواد اليساري، أن “الانتخابات النيابية لم يتبق لها سوى أقل من سنة، ومجلس المفوضين انتهت مدة عمله في 6 كانون الثاني 2024 وكان يفترض حسم أمر تمديد الفترة قبل الوصول لنهايته والدخول في الجدليات الدائمة حول أي قانون أو مواضيع مهمة”.
ويتابع اليساري، أن “الجلسة الاستثنائية التي كان يجب أن تعقد يوم الأحد تأجلت لعدم حضور النواب من مختلف الكتل السياسية خاصة الكبيرة وهو ما أوضح وجود اعتراضات ونقاط مأخوذة على عمل مجلس المفوضين، لكن الكتل السياسية في جلسة يوم أمس، تداركت الموقف واتفقت على التمديد لمجلس المفوضين لغرض استقرار المرحلة المقبلة والتهيئة للانتخابات”.
ويلفت النائب المستقل إلى أن “ما يتم الحديث عنه حول إمكانية تعديل قانون الانتخابات لم يصبح على أرض الواقع لغاية الآن”، مؤكدا أن “النقاشات لاتزال محصورة في مجالات ضيقة جدا ولم تفتح للمناقشة في المجلس بشكل عام أو عقد اجتماعات شاملة للكتل السياسية”.
يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من آذار 2023 بحضور 218 نائبا على قانون “التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018”.
وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.
وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.
من جانبه، يبين الخبير القانوني مصدق عادل، أن “مفوضية الانتخابات تعتبر وفق المادة 102 من الدستور هيئة مستقلة تخضع لرقابة البرلمان وينظم عملها بقانون، ولذلك فمجلس المفوضين ليس له الحق بالاستمرار بأداء مهامه الوظيفية لأنه يعلم علم اليقين أن من يمدد ولايته هو البرلمان”.
ويتابع عادل، أن “عمل المفوضية لا علاقة له بالرؤى السياسية، لأن المادة 91 من الدستور حددت اختصاصات مجلس القضاء والمادة 61 حددت اختصاصات البرلمان بتشريع القوانين وتعديلها، ولهذا فإرسال مجلس المفوضين كتابا إلى مجلس القضاء الأعلى كان إجراء غير موفق، وعلى جميع السلطات الالتزام بالآلية التي حددتها المادة 47 من الدستور التي تتعلق بالفصل بين السلطات”.
يذكر أن مجلس النواب، صوت في جلسته ليوم أمس الإثنين، على تمديد عمل مفوضية الانتخابات بعد أن أنتهت مدتها الدستورية، وذلك بعد أن أصدر مجلس القضاء الأعلى، قرارا بتمديد عمل المفوضية، قبل ذلك بأيام.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- موازنة 2025.. هل يؤخر "نفط الإقليم" تمرير جداولها؟
- بالتنسيق مع مكتب السيد السيستاني:العتبة الحسينية تستحدث وتأهل مراكز جديدة لايواء النازحين السوريين في لبنان
- فرص التعديل الوزاري تتضاءل.. والتوافق يعطل وعود السوداني