- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
دور القضاء في حماية الديمقراطية
بقلم: د. علي الشيباني
لعل الكثير يتصور أنّ الديمقراطية بوصفها نظام حكم تمتاز به الدول المتطورة في مجال الحريات وحقوق الإنسان يمكن حمايتها فقط من خلال الدساتير التي تضعها مثل هذا الدول بالشكل الذي يمكن شعوبها من التخلص من كل ماله علاقة بالديكتاتورية، حيث من خلال النصوص الدستورية يمكن وضع القواعد والضوابط التي تمثل ضمانات جادة للتداول السلمي للسلطة من خلال المؤسسات الرسمية التي تتولى مثل هذه المهام. وفي العراق بوصفه من الأنظمة التي توصف بأنها ديمقراطية بعد أن تخلص من حكم ديكتاتوري بغيض تعد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات هي الجهة المخولة دستوريا لإدارة شؤون الانتخابات '1' فضلاً عن أن لها قانون خاص بها هو قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (31) لسنة 2019 المعدل والذي رسم لها واجباتها وصلاحياتها وكيفية ممارسة هذه الصلاحيات ومن له الحق في اختيار اعضاء هذه المفوضية وفق ما رسمته المادة (3) من قانون المفوضية العليا حيث أن مجلس القضاء الأعلى هو الجهة المسؤولة عن ترشيح أعضاء المفوضية من القضاة وغيرهم بحسب ما رسمته المادة (3) آنفة الذكر.
وحيث أن مدة عمل المفوضين فيها هي خمسة سنوات بموجب قانون التعديل الثاني لقانون رقم (31) لسنة 2019 حيث عينت موعد بدء أعمال اعضاء المفوضية من تاريخ 7/ 1/ 2020 وتنتهي بتاريخ 6/ 1/ 2025، وحيث أن قانون تعديل قانون المفوضية العليا للانتخابات أعطى لمجلس المفوضين الحق بطلب بتمديد عمل أعضاء المفوضية بموجب طلب يقدم أصوليا الى مجلس النواب العراقي وبعد حصول موافقة المجلس بالأغلبية المطلقة يتم تمديد عمل مجلس المفوضين.
وفي ظل الظروف الحالية وحيث أن مدة عمل مجلس المفوضية قد انتهت فعلياً مما يعني صعوبة اجراء انتخابات نيابية في موعدها المحدد بسبب عدم وجود الجهة المسؤولة عن ادارة شؤون الانتخابات التي انتهت مدة عمل أعضائها المحددة بخمس سنين، وحيث ان مجلس النواب لم يصدر أي قرار بخصوص تمديد عمل مجلس المفوضية رغم تقديم طلب رسمي بذلك لا بالسلب ولا بالإيجاب مما يجعلنا أمام اشكالية حقيقية قد تؤدي بنظام الحكم أن ينحرف عن مساره الديمقراطي الذي رسمه الدستور العراقي'2'.
مما يوجب على القضاء العراقي ممثلا بمجلس القضاء الأعلى ولاعتبارين أساسيين أولهما بوصفه الجهة المسؤولة قانونا عن ترشيح اعضاء مجلس المفوضية بموجب القانون رقم (31) لسنة 2019 وثانيهما كون القضاء له الولاية العامة في كل شيء لذا وحيث أن مجلس مفوضية الانتخابات تقدم بطلب رسمي إلى مجلس القضاء الأعلى بهدف اصدار قرار يضمن استمرار عمل مجلس المفوضين وفق ما يراه مناسباً.
وهنا نجد ان القضاء العراقي تدخل بشكل إيجابي بموجب صلاحياته الممنوحة له للحفاظ على مسار الديمقراطية ودعمها من خلال قرار أقل ما يمكن وصفه به من أنه قرار شجاع حيث قرر مجلس القضاء الأعلى في جلسته المنعقدة بتاريخ 8 /1 / 2025 بتمديد ولاية عمل مجلس المفوضين لسنتين بالشكل الذي يضمن عمل المجلس من جهة وحرصا على مسار الديمقراطية من خلال اجراء انتخابات مجلس النواب العراقي وفق المواعيد الدستورية المحددة من جهة ثانية.
وبالتالي وبعد كل ذلك بات من الواضح أن من أهم الضمانات الأساسية للديمقراطية هو القضاء المستقل القادر دون أن يقتصر الأمر على النصوص الدستورية.
المراجع:
1- الدستور العراقي لعام 2005 (م/102).
2- القاضي الدكتور فائق زيدان ( دور القضاء في استمرار عمل المؤسسات القضائية).
أقرأ ايضاً
- دور المرجعية الدينية الإيجابي في توجيه المواطنين بالعراق
- الأطر القانونية لحماية البيئة من التلوث في التشريع العراقي
- حماية البيانات الشخصيَّة