بسبب أزمة الدولار المزمنة وسيطرة المصارف الأهلية، يخوض برلمانيون حراكا لاستجواب وإقالة محافظ البنك المركزي علي العلاق، وفي خضم التساؤلات عن جدوى هذه الخطوة، يرى اقتصاديون ورجال أعمال أن الإطاحة بالعلاق لن تغير شيئا من الواقع الاقتصادي وتذبذب سعر الصرف، وفيما وجد البعض أن سياسة البنك "تستنزف الرصيد الدولاري"، أشاد آخر بهذه السياسة، كونها حافظت على مستوى معين من سعر الصرف.
وكان عضو اللجنة المالية النيابية محمد نوري، كشف يوم الأحد الماضي، عن تحرك داخل اللجنة ومجلس النواب، لاستجواب محافظ البنك المركزي، علي العلاق، وذلك بسبب عدم السيطرة على استقرار سعر الدولار، وهيمنة المصارف الأهلية على نافذة بيع العملة، مشيرا إلى تحرك آخر من خلال كتب ومخاطبات رسمية لتغيير العلاق "لتجاوزه السن القانونية واستمراره بالمنصب، في حين تجب إحالته إلى التقاعد".
ويقول الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي، إن "تغيير رؤساء المؤسسات السيادية الكبيرة كالبنك المركزي العراقي بشخصيات أخرى قد يحمل بعض التحسين في جودة عملية صنع القرار العام، لكنه لن يؤثر بشكل ملموس في عمليات صنع وتوجيه السياسات النقدية والاستثمارية والتخطيط وغيرها من المهام الرئيسة للبنك المركزي، فهذه من مهام مجلس إدارة البنك".
ويستبعد الهاشمي، "أي تحسن ملموس بأسعار صرف الدولار، بسبب استبدال المحافظ، بل من خلال إجراءات وقرارات تتبناها الحكومة والقوى السياسية التي تقف وراء الكثير من مصاديق الخلل في أسعار الصرف وإضعاف قيمة الدينار أمام الدولار".
أما فيما يتعلق بتأثير البنك المركزي على الدولار، يشير الخبير الاقتصادي، إلى أن "سياسة البنك تعتمد على ضخّ وتحويل قدر ممكن من الدولار لغرض ضبط أسعار الصرف، وهذه تعتبر وسيلة مستنزفة للرصيد الدولاري تجعل من عملية دعم قيمة الدينار مكلفة للغاية".
يشار إلى أن مجلس القضاء الأعلى في العراق، قد أيد بتاريخ 19 آب الماضي، ما توصل إليه مجلس الدولة بشأن إحالة محافظ البنك المركزي علي العلاق على التقاعد بعد بلوغه السن القانونية، وقال القضاء إنه تمت دراسة ذات الموضوع من قبل لجنة الدراسات في رئاسة هيئة الإشراف القضائي، وقد تم التوصل إلى نفس رأي مجلس الدولة.
وكان مجلس النواب قد أرسل كتابا إلى مجلس القضاء الأعلى يستفسر فيه عن رأي القضاء بشأن جواز استمرار محافظ البنك في الخدمة بعد بلوغه السن القانونية للإحالة على التقاعد، كما جاء في المخاطبات بين مجلس الدولة والبرلمان، أن المشرع قد نص صراحة على أن الإحالة على التقاعد عند بلوغ السن القانونية إحالة حتمية بحكم القانون ما لم يستثن بنص خاص، ولا يوجد نص خاص يستثني محافظ البنك المركزي من أحكام الإحالة الحتمية للتقاعد لبلوغه السن القانونية.
من جهته، يعتقد الباحث في الشأن الاقتصادي، همام الشماع، أن "مشكلة الدولار ليست مشكلة شخص ستنتهي بزواله، فالإتيان بمحافظ جديد للبنك المركزي لن يغير شيئا إذا لم تتغير الظروف التي تؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف".
ويضيف الشماع، أن "أي شخصية توضع في مكان العلاق لن تغير شيئا، فهناك ضغوط وإرادات أسهمت في زيادة الطلب على الدولار في السوق المحلية والخارجية، لظروف وغايات سياسية وليست اقتصادية، وقع العلاق تحت تأثيرها".
ويشير إلى أن "العراق تحت تأثير دوامة من الفساد التي لا يستطيع أي شخص أن يقاومها، فهناك تيارات وضغوط سياسية أكبر حتى من رئيس الوزراء وليس محافظ البنك المركزي فقط".
وتدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي في الفترات الماضية بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام "سويفت" المالي الدولي.
وقد أصدر البنك المركزي حزما وإجراءات للسيطرة على بيع الدولار وضمان عدم تهريبه إلى الخارج، وقلل في بداية الأزمة من مبيعات مزاد العملة، ومن ثم عاود مؤخرا الارتفاع لمستواه السابق والبالغ نحو 300 مليون دولار يوميا.
إلى ذلك، يؤكد رجل الأعمال حسن الخفاجي، أن "ما يغيب عن تفكير الكثير من السياسيين معالجة أساس المشكلة والذهاب إلى حلول ترقيعية كتغيير الأسماء والشخصيات، فالدولار غير مستقر بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، وليس العراق فحسب".
وعن سياسة البنك المركزي، يجد الخفاجي "أنها جيدة نسبيا وحافظت على حد معقول من مستوى سعر الصرف، قياسا بنسب التضخم المالي الموجودة في المنطقة"، مشيرا إلى أن "الأسواق العراقية أفضل بكثير من بعض أسواق البلدان المجاورة كتركيا وإيران وسوريا ولبنان".
وكشفت تقارير سابقة عن استمرار عمليات تهريب العملة، على الرغم من الضوابط على المصارف، وتتم عبر حقائب تنقل برا إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية، وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، ويطلق عليها متخصصون بـ"الحوالات السود".
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟
- مع اقتراب موعده.. هل تعرقل المادة 140إجراء التعداد السكاني؟
- رئاسة المشهداني.. هل تمهد لعودة الزعامات الكلاسيكية؟