علي حسين
منذ ايام والصحافة البريطانية مشغولة البال بجريمة وزيرة الداخلية "سويلا بريفرمان" التي يقال إنها، تواجه مشكلة بعد أن غرمتها الشرطة مبلغاً من المال لأنها تجاوزت السرعة المسموحة، ولم تنته القضية عند هذا الحد فقد طلبت الوزيرة ومن باب "الميانة" من مستشاريها تعليمها قواعد السير، وكان المطلوب منها أن تدخل دورة مع مجموعة من السائقين، هذه الجريمة ستبدو حتما مضحكة في بلاد الرافدين، حيث من حق الوزير أن يدهس المواطنين بسهولة، ويمارس حمايته هواية إطلاق الرصاص لفتح السير.
لم تنته القضية عند اعتذار الوزيرة التي اعترفت بأنها أخطأت، فقد لاحقت "الفضيحة" رئيس الوزراء البريطاني وهو يشارك في قمة السبعة في طوكيو بعد ان حاصرته الصحافة لتسأله عن الإجراء الذي سيتخذه بحق الوزيرة المخالفة. في الوقت نفسه طالبت المعارضة العمالية بفتح تحقيق في القضية قائلة إن الوزيرة خالفت قواعد القانون الوزاري ما قد يؤدى إلى مغادرتها الحكومة.
هل ستعتبرني كاتباً بطراناً وأنا أنقل لجنابك ما يجري في بلدان تحترم القانون وتعامل الوزير باعتباره مواطناً لا يضع "ريشة على رأسه"؟.
ما يعتقده الإعلام البريطاني أنه كارثة وجريمة، لا يستحق عندنا حتى عناء المناقشة بعد ان قام النائب يوسف الكلابي بإشعال أجواء البرلمان لأن دورية من الأجهزة الأمنية قالت لموكبه "الكريم" إن تظليل السيارات ممنوع حسب تعليمات وزارة الداخلية التي يفترض انها تطبق على الجميع، وظهر النائب الكلابي من على شاشات الفضائيات يصرخ من داخل قبة البرلمان معلنا ان النائب اعلى سلطة في العراق، وصرخ محمد الحلبوسي مطالباً بمعاقبة الدورية التي اعترضت سيارات السيد النائب. فما دمنا نعيش أجواء الديمقراطية العظيمة، ماذا يعني أن يكون النائب مواطناً عادياً، فهذه جريمة لا تغتفر، كيف يمكن أن يعامل النائب يوسف الكلابي مثلما يعامل ملايين المواطنين؟.
لا تسأل عن الخراب وغياب الخدمات والفقر وانتشار البطالة في مدن العراق، يرفض ساستنا الكرام حديث الخيبة والفشل، فهم مصرّون على أن يملأوا الشاشات بخُطب ومعارك ناريّة من اجل مصالحهم الشخصية. في صبيحة كل يوم مطلوب منك أيها العراقي "المسكين" أن تضحك على حالك، وتردد مع أبي العلاء: ضَحِكنا، وكان الضّحكُ منّا سفاهةً.
تاريخ الضحك مليء بالطرائف والأكاذيب، لكن أغلظها ستظل بالتأكيد تصريحات ساسة ومسؤولين يتصرفون مع أخبار الخراب، وكأنها تجري في كوكب آخر.
وأذكر جيداً عندما هبّت رياح الإصلاح على برلماننا "العتيد"، وما تبعها من خطابات وأهازيج انتهت إلى اتفاقات، توهم خلالها المواطن البسيط بأن الأمور قد حسمت لصالحه، غير أنه ثبت للجميع أن "المتغطي بالبرلمان عريان" كما يقول المثل المصري.