- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شرح دعاء يوم الواحد والعشرون من شهر رمضان المبارك
بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي
(اللّهُمَّ اجْعَلْ لي فيهِ إلى مَرضاتكَ دَليلاً، ولا تَجعَلْ لِلشَّيْطانِ فيهِ عَلَيَّ سَبيلاً، وَاجْعَلِ الجَنَّةَ لي مَنْزِلاً وَمَقيلاً).
- انطلاقاً من هذا الدعاء سنتكلم في ثلاثة محاور:
- الأول: رضا الله وكيف نحصل عليه؟. إن لتحصيل رضا الله أسباب وهي:
١- العمل بطاعة الله عزوجل وطاعة رسوله والأوصياء عليهم السلام، والعمل بهذا الطريق أقصر الطرق في الوصول إلى رضا الله عزوجل. فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (ولا تنال مرضاته إلا بطاعته)، ومن الواضح أن الطاعة تشمل الفراض الإلهية والإجتناب عن المعاصي ويضاف إلى ذلك طاعة نبيه وطاعة أوصيائه. ففي رواية عن أبي عبد الله (عليهالسلام) أنه قال: (واعلموا أن أحداً من خلق الله لم يصب رضا الله إلا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة أمره من آل محمد صلوات الله عليهم. ومعصيتهم من معصية الله). لذا ورد أيضاً عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) أنه قال: (انّ الله يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها). فإذا لم يتحقق هذا الطريق لا تجدي نفعاً بقية الطرق.
٢ - العمل الصالح. العمل الصالح له دور في تحقيق رضا الله عزوجل، وذلك على القاعدة القرأنية: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ). وهذا معناه أن نضع نصب أعيننا في كل عمل نقوم به أن يخضع لرضا الله عز وجل.
٣ - كثرة الإستغفار والصدقة. فعن الإمام الجواد (عليه السلام) أنه قال: (وَثَلَاثٌ يُبَلِّغْنَ بِالْعَبْدِ رِضْوَانَ اللَّهِ- كَثْرَةُ الِاسْتِغْفَارِ وَخَفْضُ الْجَانِبِ وَكَثْرَةُ الصَّدَقَةِ).
وأن مرضاة الله عز وجل لا يمكن أن يصل إليها العبد إلا بدليل، فما هو الدليل؟.
الدليل: لغة هو الذي يدل على الشيء ويرشد إليه ويهدي إليه، وعلى هذا لا بد من وجود أدلاء يدلون العباد ويرشدونهم إلى رضا الله عزوجل، و عندما نبحث في منظومتنا المعرفية نرى فيها أن الأدلاء هم أشخاص اجتباهم الله عزوجل قد أخذوا بأيدي الناس يدلونهم على المعارف الإلهية والأحكام الشرعية ومعالم الدين وكل سبل الهداية التي توجب رضا الله عزوجل، وهولاء بذلوا في سبيل ذلك النفس والنفيس كما يشهد القرآن في ذلك: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ). أي أن هنالك أفراداً من النوع البشري قد خصهم الله واجتباهم وامتازوا بخصائص استثنائية، امتازوا فيها عن بقية البشر و كانوا هم الدليل إلى الله و هؤلاء هم آل محمد (صلوات الله عليهم). و قد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام): (الإمام: الماء العذب على الظمأ، والنور الدال على الهدى، والمنجي من الردى). فهم عليهم السلام حملوا راية التوحيد وضحوا من أجلها لا يرضون إلا بما يرضي الله به لا برضا غيره، وكانوا (عليهم السلام) غايتهم هو رضا الله عز وجل، من هنا كان الوجوب على الأمة الإقتداء بهم ووجوب مودتهم لأنهم برضاهم يحصل رضا الله عز وجل ومن فيض ولايتهم تستقيم حياة الفرد والأمة. فقد ورد عن الامام الحسين (عليه السلام): (رِضَى اللهِ رِضَانَا أَهْلَ الْبَيْتِ). لذا نقول أن الأدلاء هم أهل البيت عليهم السلام ولا يحصل الرضا إلا برضاهم (عليهم السلام).
- الثاني: قطع سبيل الشيطان. (ولا تَجعَلْ لِلشَّيْطانِ فيهِ عَلَيَّ سَبيلاً). بعد أن طلب العبد من الله عز وجل إيصاله إلى رضاه بواسطة الأدلاء وهذا الدليل بمثابة المقتضي لتحقيق الشيء ومع وجود المقتضي لابد من رفع المانع عن هذا الطريق، والمانع من الوصول إلى رضا الله عزوجل من خلال هذا الطريق هو الشيطان فأنه يستخدم كل الأساليب الإغوائية والإنحرافية وطرق الإبعاد عن الحق والهدى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا). فلا بد من مواجهة أساليب الشيطان من خلال:
١ - ذكر الله عز وجل: (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ). وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ).
٢ - تقوى الله عز وجل: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ). فلا بد من قطع الطريق عن الشيطان بتقوى الله والإلتجاء إلى الله عزوجل.
- الثالث: الجزاء الأوفى: (وَاجْعَلِ الجَنَّةَ لي مَنْزِلاً وَمَقيلاً).
المؤمن يطلب من الله عزوجل أن يجعل الجنة منزلاً ومؤى له، وأن تكون نهاية المطاف في حياته الأبدية في رضوان ألله والنعيم بعد أن مر في رحلة المعاناة في حياته الدنيا من الأتعاب والنصب والهموم ونكد الحياة فيكون أمله في محطته الأخيرة هو الجنة، و هذا الحصول على هذه الدرجة والمنزلة لا يحصل جزافاً ولا يعطى مجاناً، بل لابد ان يكون بتحقيق رضا الله وقطع سبل الشيطان واتباع أهل البيت عليهم السلام، وأن يكونوا هم القدوة الحسنة بالإقتداء بهم والمتابعة لهم قولاً وعملاً.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر