- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
النموذج العراقي الحاضر في مؤتمر الديمقراطية
بقلم: سمير داود حنوش
يُخطئ البعض حين يُراهن على السياسة والموقف في بلد مُستباح السيادة ومنتهك الإرادة، بل يكون غارقاً في الوهم من يعتقد أن الشعارات تطابق الأفعال في وطن لم يعد يملك مصيره أو قراره بعد أن سقط في بئر الضياع وأروقة السفارات.
كثيراً ما صدّعوا الرؤوس بشعارات المقاومة ووجوب طرد المحتل من الأراضي العراقية حتى إن جرائم التطبيع مع إسرائيل كانت حاضرة في لائحة الإتهام لكل من تُسوّل له نفسه التعرض لهم.
مارسوها ضد البعض من رؤساء الوزراء السابقين وبعض الشخصيات، وحتى إتهموا دولاً بمصافحة المحتل، لكن الأيام تتداول بين الناس ليجدوا أنفسهم في دوائر الإتهام التي طالت الآخرين.
مؤتمر القمة الديمقراطية الذي شارك فيه محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي، وهو الزعيم العربي الوحيد الذي حضر من بين الزعماء العرب حيث كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاضراً فيه، تزداد الغرابة والفضول عندما يعلم المرء أن الرجل الذي خرج من بيئة تدّعي المقاومة ومناهضة الإحتلال يُجالس نتنياهو في القاعة ذاتها.
قبل بضعة أشهر أصدر البرلمان العراقي قانوناً بتجريم التطبيع مع إسرائيل إلا أن هذا القرار قد يظل حبراً على ورق في ظل الحكومة التي وافقت على تشكيلها واشنطن بشروط مفروضة وموقّع عليها من قبل السياسيين العراقيين لنيل موافقة السفارة الأميركية.
مؤتمر القمة للديمقراطية الذي دُعي له أكثر من 115 رئيساً وزعيماً من العالم، يكون من أهدافه إستخدام التكنولوجيا لصالح الديمقراطية وليس ضدها كما هو مُعلن برعاية أميركية وليس دولية كما يروج له البعض، حين تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بإنفاق مبلغ 690 مليون دولار لتغطية وتعزيز برامج الديمقراطية في أنحاء العالم، وربما كانت دعوة العراق للمؤتمر لشرح تجربته "الديمقراطية" للعالم.
توصيف العراق إسرائيل (الدولة) كما بدأت تلوح في أدبيات السلطة الحديثة التي إستلمت زمام الحكم مؤخراً ربما تؤشر بعنوان كبير إتجاهات الخطوة القادمة للسياسة العراقية، حين سمعنا توصيف إسرائيل بالدولة عن لسان ساسة لبنان.
هل هي من باب مجاملة الرئيس الأميركي جو بايدن؟ ربما نعم، فما زالت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي في بغداد هي المندوب السامي الذي يفرض الإرادة ووجوب التنفيذ لديمقراطية أميركا الزائفة التي ألبست ثوبها الفضفاض والمُهلهل للعراقيين، حين تتبجّح بها إدارة بايدن ومن سبقه من سلف البيت الابيض، لكن المخفي أنها كانت رسائل تهديد ووعيد لكل من يُفكر الخروج عن الطريق الأميركي أو يحاول أن يكون نداً لهم، لذلك لم يكن صعباً على الكثير من الزعامات وأصحاب القرار فِهم وإستيعاب تلك الرسالة ورفض الحضور وإظهار عدم المبالاة لها، خصوصاً مع ذلك التغيير في الإستراتيجيات والأقطاب التي بدأت تتعدد.
سياسة التجهيل وخلط الأوراق التي تمارسها السلطة التي شاركت في المؤتمر لتضييع الحقيقة وخلق الفوضى في الفِهم كان من الأفضل أن يكون الخط مستقيماً للوصول أسرع وأسهل بدل تلك الخطوط المتعرجة والملتوية التي تجعل الطريق طويلاً وصعباً، وبإمكان أي مواطن مهما بلغت بساطة تفكيره أن يُخبرنا أن العراق يجري الإعداد له للتطبيع مع إسرائيل كشرط لنيل الرضا الأميركي.
هي سياسة العصا الأميركية وجزرة الديمقراطية العراقية التي تريدها واشنطن لفرض نظريتها المشوهة (الفوضى الخلّاقة) بالقوة، ربما يكون هو التطبيع الناعم الذي يجري التمهيد له حين وافقت حكومة الإطار التنسيقي على شروطه مقابل تشكيلها.
بالمحصلة لا تستغرب أيها العقل من كل ما يحدث من صدمات وأحداث فالقادم من الأيام يحمل الكثير مما لا يُتوقع، ولكن فصول المسرحية تأتي بالتتابع، ألم يقولوا "إن غداً لناظره قريب".
أقرأ ايضاً
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي
- تفاوت العقوبة بين من يمارس القمار ومن يتولى إدارة صالاته في التشريع العراقي