بقلم: صفاء العبد
ليس كما في كلّ مرّة.. ففي نهائي أي بطولة من بطولات كرة القدم لا يمكن لأي حديث أن يعلو فوق حديث الفوز وكيفيّة تحقيقة من هذا الطرف أو ذاك .. فالكلّ يبحث عن التتويج وليس غيره، إلا في "خليجي 25" هذه النسخة التي سجّلت انعطافة تاريخيّة غير مسبوقة على مستوى النجاح الذي نقل البطولة من حافّة الهاوية والسقوط الى أعلى قِمَم الإبداع والتألّق لتصبح البصرة الحبيبة هي المُنقِذ الفعلي لبطولة توقّع لها الكثيرون أنها سائرة لا محال نحو التلاشي والاندثار ..
لن نتحدّث هنا على طريقة من يأكل ويقول لنفسه "عوافي" وإنما أردنا فقط أن نؤشّر لما جاء على لسان الجميع وفي مقدّمتهم رئيس الاتحاد الخليجي لكرة القدم الشيخ حمد بن خليفة الذي قال بكل وضوح أن العراق انتشل الدورة من موت مُحقّق وهو ما كان يمكن أن يحدث فعلاً حيث جاءت البطولة بنسختها الحالية، وكأنّها البلسم الذي داوى جراح هذا التجمّع الإخوي ليعود كما كان في سنوات ألقه، بل وأكثر من ذلك لأن ما شهدته البصرة هو أمر غير مسبوق أبداً في تاريخ بطولة الخليج العربي منذ انطلاقتها قبل أكثر من نصف قرن ..
ومع أن الحديث عن نجاح هذه النسخة من البطولة كان قد بدأ مع بداية منافساتها وعلى لسان الجميع وبإجماع قلّ نظيره، ألا أن الوصول الى خاتمتها وسط هذا الحشد المحتفي بالأشقّاء بطريقة تُلهب المشاعر وتَدمَع معها العيون فرحاً إنما يؤشّر واحدة من أجمل القيم النبيلة التي يُمكن أن تُسجّل في تاريخ البطولة لأنها تحكي قصّة لقاء طال انتظاره بين أشقاء أثبتت الأيام أن ليس بالإمكان أبداً الفصل بين ثنايا قلوبهم، تلك القلوب التي تقوم على الألفة وصدق المحبّة ولهفة الاشتياق ..
تلكم هي الحقيقة التي أبهرت الجميع فجعلها اصحاب القلوب البيضاء عنواناً لـ "خليجي 25" بينما راحت تلك القلوب السوداء لتفتّش خاسئة في صناديقها الكريهة عمّا يُعكِّر صفو هذه الأجواء من خلال إثارة بعض الطروحات التي لا يمكن إلا أن تزيدنا تمسّكاً والتزاماً وبكلّ المودّة ..
تحية إجلال لبصرتنا العزيزة ولأبناء هذه الأيقونة التي أدهشت الجميع .. تحيّة حُبّ لكلّ الأشقاء الذين سيعودون الى ديارهم مُحمّلين بأجمل الذكريات .. وتحيّة تقدير كبير لكلّ من أسهم في إرساء وإخراج وإنجاح هذا التجمّع الرياضي الإخوي الذي لا يُضاهيه مثيل ماضياً وحاضراً .. وأمل في أن تكون هذه النسخة من البطولة فأل خير للعرب، كلّ العرب، بعد أن تأكّد الجميع أن لا انفصام يمكن أن يدوم بين أبناء العُمومة ومنهم أبناء خليجنا العربي الذي قال عنه السيّاب "المُلتقى بك والعراق على يديّ هو اللقاء"..
** رُبّما كان لبعض الزملاء رأي آخر.. لكنّنا قُلناها منذ الجولة الأولى أن من افتتح "خليجي 25" هو من سيختمها في نهائي مُكرّر ومُرشّح لأن يكون حافلاً بالقوّة والإثارة .. فمنتخبنا وشقيقه العُماني أثبتا جدارتهما وهو ما جعلهما يشقّان طريقهما نحو النهائي الذي نأمل في أن يأتي مُنسجماً مع كلّ هذا التميّز الذي جعل من هذه النسخة من البطولة الأحلى والأجمل بكلّ عناوين النجاح والإبداع..
لا نريد الكأس بقدر ما نريد مباراة ترتقي الى المستوى الذي يليق بما نتمنّاه لبطولة ستبقى خالدة في عقولنا وقلوبنا الى أمدٍ بعيدٍ.