بقلم: إياد الصالحي
سواء حقّق أسود الرافدين طموحهم في بطولة خليجي 25 ونالوا كأسها الغائبة منذ 35 عاماً، أم أخفقوا في الدور النهائي، هذا الأمر مُرتبط بمدى قدرة اللاعبين على حسم أمورهم في الوقت المُحدّد لهم، وضمن مرحلة التحضير المنجزة، لكن ما يهمُّنا هنا هو كيف نُثمّن الدور الجماهيري لأبناء البصرة في إنجاح البطولة؟
أكثر من 450 ألف مشجّع غصّت بهم مدرّجات ملعبي البصرة الدولي والميناء الأولمبي، عدد صادِم لجميع ضيوف البطولة 25 الجارية حالياً لما يمثّلهُ من رقم مهول لم تشهده بطولات كأس الخليج، كما أنه يلفتُ الانظار لإجمالي حضور 12 مباراة في دور المجموعات لكأس الخليج 25 للفترة من 6 الى 16 كانون الثاني 2023 أي خلال عشرة أيام، مقارنة بالعدد الإجمالي لـ 2.45 مليون مشجّع حضروا 48 مباراة خلال دور المجموعات لكأس العالم في قطر للفترة من 20 تشرين الثاني الى 2 كانون الأول 2022 أي خلال 13 يوماً.
الاتحاد الدولي لكرة القدم مطالب بتوثيق العدد الكلّي للحضور الجماهيري في دور المجموعات لخليجي 25 كون ما تحقّق في دور المجموعات المونديالي يمثّل جماهير 32 دولة مشاركة فضلاً عن محبّي المنتخبات العالمية من القارّات الست، بينما حضور جمهور خليجي 25 غالبيّته من أبناء البصرة وبقيّة المدن العراقيّة والعواصم الخليجيّة، وهو دلالة قاطعة على شغف الجمهور البصري والعراقي بكرة القدم وإنجاز رقمي تفتخر به الكرة العراقية طوال التاريخ.
وتثميناً لدور الجمهور البصري في إنجاح بطولة كأس الخليج 25 وما بادر من مواقف إنسانية رائعة تناقلتها ألسنة الضيوف في مجالس إعلاميّة وإجتماعيّة، وما يعكسه حضوره من حقيقة الظُلم الكبير الذي عانتهُ ملاعب العراق جرّاء استمرار فرض الحظر الدولي عليها، نقترح أمام محافظة البصرة إطلاق مسابقة لإنشاء نُصب تذكاري في مركز المحافظة يتوسّط ساحة كبيرة ويُعبّر عن تلاحم الجمهور مع قيمة البطولة، ويُذْكَر في لوحة تحت النُصب العدد الكلّي للمشجّعين واسم ملعبي البطولة، ومناسبة الإنشاء تعبيراً عن رمزيّته في تلاحم أبناء المدينة مع المشاريع الوطنية كبطولة خليجي 25 ومساهمتهم في فرض انطباع إيجابي عن طيبة الناس وكرمهم وثقافتهم وطقوسهم ومحافظتهم على التراث ومعالم البصرة التاريخيّة.
يقيناً إن الفائز الحقيقي في البطولة الخليجيّة هو الجمهور البصري الوفي بتشجيعه النظيف لجميع المنتخبات، وعكسه صوراً جميلة عن تآخيه مع الزائرين، وهتافاته الموحّدة التي رفعت مستوى المنافسة، وأذهل بعض الإعلاميين الذين طالبوا اتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم بإصدار قرار تثبيت البطولات القادمة رسميّاً في البصرة لحيازتها على جميع وسائل النجاح والإبهار والتميّز على صعيد الاستثمار الرياضي والشعبي بدعم كبير من الحكومة العراقية والأجهزة المساندة لها تنظيميّاً وفي مقدّمتها مؤسّسات وزارتي الداخلية والدفاع.
هنيئاً لأهلنا في البصرة المُنجز المجتمعي الفاخر برقم قياسي يُلفت الانتباه مُقارنة مع الرقم المونديالي من حيث الأيام وعدد المباريات وفئات الجمهور وتعدّد الملاعب وغيرها من أوجه المُفاضلة التي بلا شكّ تُرجّح كفّة قطر، وفي الوقت نفسه تُبارك للبصرة الرقم الخليجي الاستثنائي برغم الظروف الصعبة التي واجهتها على مدى العقدين الماضيين من دون أن تضعف إرادة رجالها النُجباء بحراستها وحماية مصالحها وإظهارها كأجمل مُمثّلة للعراق في عيون الأشقاء والأصدقاء.