- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تسعير النفط الروسي.. سابقة خطيرة تهدد الدول المنتجة للنفط
بقلم: د. بلال الخليفة
ان الحرب الروسية الأوكرانية انتجت ازمة اقتصادية عالمية كبيرة وخصوصا على الدول المستهلكة للنفط المعتمدة على النفط والغاز الروسي وبالخصوص على أوروبا.
راهن الغرب واروبا على العقوبات الاقتصادية التي فرضوها على روسيا واعتقدوا ان تجربة الاتحاد السوفييتي وأفغانستان سيتكرر بنسخة روسيا وأوكرانيا، فبادرت أمريكا والناتو بفرض عقوبات واهم تلك العقوبات هي التي طالت قطاع الطاقة مثل النفط والغاز الروسي، بعد 21 فبراير 2022، لقد راهن الغرب على الوقت، وراهن بوتين على الوقت أيضا.
وبعد يوم واحد أي في 22 فبراير أعلن رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون فرض عقوبات على خمسة بنوك روسية، وهي بنك روسيا وبنك إندستريالني سبريجاتيلني وبنك جنرال وبنك برومسفايزبانك وبنك البحر الأسود، وثلاثة مليارديرات مرتبطين ببوتين، وهم جينادي تيمشينكو وبوريس روتنبرغ وإيغور روتنبرغ. أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس أنه سيوقف عملية التصديق لخط أنابيب نورد ستريم 2. أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن فرض عقوبات على عدة بنوك روسية وعقوبات شاملة على الديون السيادية لروسيا. وهكذا توالت العقوبات تلو العقوبات، وتشكل إمدادات النفط الروسي 26 بالمائة من احتياجات الاتحاد الأوروبي، في حين يشكل الغاز القادم من موسكو 40 بالمائة من واردات التكتل، ويدفع الاتحاد الأوروبي قرابة 400 مليار يورو سنويا لروسيا مقابل ذلك.
وكانت النتيجة هي ان سعر النفط والغاز بدا بالارتفاع ففي يوم 1 من يناير 2022 كان سعر نفط الإشارة برنت هو 77 دولار وفي نهاية يناير من نفس السنة أي بعد أسبوع من الازمة أصبح 91 دولار للبرميل فحقق زيادة مقدارها 19 % تقريبا وكما قلت هذا فقط خلال عشر أيام.
في 3 مارس وصل سعر برميل النفط لخام الإشارة برنت الى حدود 120 دولار وهذا شكل تهديد كبير للاقتصاد الأوربي وخصوصا المحاذية لروسيا لأنها معتمدة بشكل كبير على الغاز والنفط الروسي الواصل اليها بالأنابيب أي بأسعار اقل من بقية النفوط بالعالم لأنه سيتحمل سعر النقل البحري المكلف.
فذهبت أمريكا والناتو الى دراسة اخراج روسيا من نظام سويفت أي التحويلات المالية وبالتالي سيكون بمثابة الحصار على المبيعات النفطية والغازية، وفعلا في 9 ابريل وعند وصول سعر برميل نفط لخام برنت 102 دولار، حيث أعلنت الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي، أن العقوبات شملت فصل ثلاثة مصارف بيلاروسية من نظام "سويفت" للتحويلات المالية.
كانت ردة فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انه قرر بيع الغاز والنفط لأوروبا بالروبل الروسي، وكان هذا القرار مفاجئ ومربك لأوروبا، فبدل من ان يحرج الناتو بوتين، هو من أحرجهم لأنهم لا يستطيعون ان يذهبوا لبدائل النفط والغاز الروسي لأنه مكلف جدا فمثلا الغاز البديل يكون مسال LNG وهو يكون بحدود أربع اضعاف اما النفط البديل فيكون اعلى من الروسي على اقل تقدير بأربعة الى ست دولارات.
وكانت نتيجة القرار الكبير لبوتين ارتفع قيمة الروبل الروسي الى 7%، لذلك ان الغرب كلما اتخذوا من خطوة او عقوبة عادة ما تكون ذات نتيجة سلبية على أوروبا لذلك وفي 10 يونيو وبعد ان وصل سعر برميل خام برنت الى 121 دولار، بدا الاتحاد الأوربي في شكل اخر من العقوبات التي تنال النفط الروسي ولكن هذه المرة عن طريق تحديد سقف لسعر النفط الروسي.
حيث كان الهدف الذي يسعى الية الناتو هو خفض الأسعار العالمية للنفط وبالتالي تقليل الضغوط الكبيرة التي تطال اقتصاد الدول الاوربية التي وصل فيها التضخم الى 10.7 % وارتفاع المحروقات الى اضعاف السعر الذي كان قبل الازمة والهدف الاخر هو تقليل الإيرادات التي تدخل روسيا وبالتالي انهيار النظام فيه.
بقي التداول في هذه الفكرة ومثلما ذكرت من الشهر السادس يونيو والى يوم أمس أي شهر 12 ديسمبر حينما قرر الاتحاد الأوربي بوضع سقف للنفط الروسي وهو 60 دولار والامر الذي عارضة البعض وأيده الاخرين.
1 – اما ردت الفعل الروسية هي ان الرئيس بوتين قرر عدم بيع النفط للدول التي تطبق القرار الأوربي بتحديد السعر.
2 – قال نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، إن روسيا قد تضطر لخفض إنتاجها من الخام، وبالتالي زيادة أخرى جديدة في أسعار النفط.
اما عواقب القرار هي:
1 – هكذا فان التبعات على اقتصادات منطقة اليورو ستكون سلبية، وتشمل الرسوم الإضافية لنقل النفط إلى أوروبا كون النفط الروسي كان سهل المناولة وقتا وشحنا وأقل تكلفة، والذي كان يذهب من البحر الأسود وبحر البلطيق نحو البلدان الأوروبية، والبدائل تترتب عليها ولا شك تكاليف أكبر بكثير من شراء النفط الروسي.
2 – يمكن أن تقدم موسكو على خطوة انتقامية بخفض إنتاجها، ووقف بيع نفطها للدول الواضعة لسقف سعري له.
3 – ستقدم روسيا على خطوة انتقامية أخرى عبر وقف ضخ الغاز كلية عن أوروبا، حيث لا زال الغاز الروسي يتدفق لأوروبا عبر أوكرانيا وأنبوب تيركستريم، ويؤمن نسبة 7.5 من حاجة بلدان الاتحاد الأوروبي من الغاز، والتي تعتمد عليها لعبور فصل الشتاء، وهكذا خطوة ستضع الأوروبيين في موقف بالغ الحراجة، وموسم البرد القارس لا زال في بداياته ويمتد على مدى أشهر تمتد لربيع العام المقبل.
4 – حجر الرحى في هذا القرار هو الهند وأشار الى ذلك هو وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أن برلين تتطلع لتأييد الهند تحديد سقف أسعار النفط الروسي لان الهند هي المورد الرئيسي للنفط الروسي الحالي.
5 – ان القرار الأوربي هو خرق لقوانين السوق الحر، وانتقدت سفارة روسيا في الولايات المتحدة في تعليق على تيليجرام ما قالت إنه "إعادة تشكيل" لمبادئ السوق الحرة وأكدت أن الطلب على نفطها سيستمر رغم هذه الإجراءات.
6 – ان قرار منظمة أوبك بلس يوم أمس بإبقاء سقف الإنتاج على ما هو عليه للفترة القادمة يصب أيضا في صالح الدول المنتجة عموما وروسيا خصوصا وهو بالتالي ضربة أخرى لاوروبا أيضا.
خلاصة الامر ان القرار سيؤثر سلبا على الدول الاوربية وخصوصا المجاورة لروسيا لأنها تعتمد وبشكل كبير على النفط الروسي وان البديل عنه النفط الخليجي او الأمريكي الذي هو أكثر من النفط الروسي بأربعة الى ست دولارات لان النفط الروسي يأتي بالأنابيب والنفط البديل يكون بالنقل البحري المكلف هذا ان لم تتخذ روسيا موقف اخر.
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- من يوقف خروقات هذا الكيان للقانون الدولي؟
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي