بقلم: رعد العراقي
قد أكون ممّن ذُهِل من تصريحات عدنان درجال الأخيرة لوسائل الإعلام والتي لم تُكلّفني للاطلاع على كل تفاصيلها سوى تصفح مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية وهي تبرز بشكل واضح طلب الوزير درجال أن يكون قسم من الحديث (لا يخرُج للإعلام)!
وإن ما يخرج يجب لا يؤثّر علينا خارجياً في وقت تناسى أن هناك أكثر من عشرة أجهزة تسجيل وكاميرات توثّق حديثه وتتسابق على بثّ ونشر أي سبق صحفي وتصريح مُثير لسبب بسيط وهو أنه يتحدّث في مؤتمر صحفي وليس في اجتماع مُغلق!
ما كان يخشى منه درجال وصل لملايين المشاهدين في الداخل والخارج سواء بعلمهِ وقناعتهِ أم بزلّة لسان غير مقصودة! إلا أنها تدّلُ على وجود خلل في ثقافة التصريح والتعامل مع المواقف الحسّاسة التي تتطلّب قدراً كبيراً من السيطرة والضبط بالتعامل مع الكلمات في المكان والوقت المناسب إضافة الى تقدير أهمية ما يطلق من تصريحات من شخصيّة مسؤولة يمكن أن تشكّل أدلّة يتعكّز الآخرون عليها في بناء أي قرار قد يضرُّ بمصلحة كرة القدم العراقية!
ليس من المنطق أن تتزامن تلك التصريحات وخاصة فيما يتعلّق بمصير البلد نتيجة الأزمة السياسية وتخوّف الناس لما ستؤول اليه الأوضاع الداخلية مع تزايد قلق الجمهور الرياضي إزاء خبر اتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم بمواصلة لجنته التفتيشية زيارة الكويت البلد البديل لتنظيم خليجي 25 في حالة تعثّر إقامتها في العراق، ويرى البعض أن تصريح درجال منح الاتحاد الخليجي الذريعة في نقل البطولة عطفاً على مقولة (وشهد شاهد من أهلها ..ومسؤوليها)!
الحقيقة منذ استلام اتحاد الكرة الحالي المسؤولية، ونحن نتأمّل أن تتغيّر فلسفة الإدارة وأسلوب السيطرة على التصريحات والتعامل مع وسائل الإعلام بشيء من الاحترافية، وخاصة بعد الانتقادات التي وجِّهَت للاتحاد السابق واتهامه بفوضى العمل وتسابق مسؤوليه على اطلاق التصريحات غير المُسيطر عليها ممّا سبّب الكثير من الأزمات لنتفاجأ هذه المرّة بذات المُعضِلة التي يبدو أنها أصبحت متوارثة، وأن هناك إصرار على تجاهل المركزية والتخصّص في توزيع المهام مروراً بتهذيب وانتقاء كل ما يصدر عن الاتحاد تجنّبا لأية هفوة أو خروج عن النصّ المُتفق عليه عند الحديث لوسائل الإعلام والجماهير.
حديثنا لا يُشكّل ضغطاً على اتحاد لم يمضِ عليه عام على استلامه المسؤولية ولا يمثّل وجهة نظر تتماشى مع ترقّب سقوطه ودفعه باتجاه محاولة النيل منه لأسباب شخصية أو غيرها بقدر ماهو استباق لأزمات قادمة إذا ما استمرّ تكرار تلك الأخطاء من دون تصحيح وتغيير جذري في كيفية التواصل وطرح المعلومات عبر تفعيل دور المكتب الإعلامي والناطق الرسمي الذي يبدو أنه بات يمسك بأكثر من كرة بيد واحدة بعد أن تعدّدت المهام التي يُكلّف بها بدلاً من تركيز جهوده نحو واجبه الرئيسي المُعلن!
باختصار..عدنان درجال بتاريخه واندفاعه للنجاح وحرصه على قيادة الكرة العراقية لا يمكن التجريح به أو التقليل من دوره، وحين نشير الى وجود خلل في الإدارة أو تسرّع بالتصريحات فهي لا تُشكِّل مثلبة أو انتقاص من شخصيته، بل هي درع وقاية للاسراع في تغيير النهج المُتّبَع بالتفرّد بالرأي والابتعاد عن النصيحة والذهاب نحو احتضان الكفاءات الإدارية التي تقدّم الاستشارة الصحيحة، وتوزيع المهام وتوجيه وتوحيد الخطاب الإعلامي لكافة أعضاء الاتحاد والتركيز على أداء الأعمال لتتحدّث بنفسها بدلاً من الانشغال ببهرجة الأضواء ..وفِخاخ الإعلام!