- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
فاطمة الزهراء والسر المستودع فيها / 2
بقلم : عبود مزهر الكرخي
6 ـ من المعلوم أن الزهراء(عليها السلام)هي العلة التي لوجودها من الأسرار والمضامين التي لا يدركها العقل البشري وهي مصداق للحديث القدسي الشريف الذي جاء به جبريل إلى النبي محمد(صل الله عليه وآله) ليقول له : { يا محمد: لولاك لما خلقتُ الأفلاك، ولولا عليّ لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما } وقد ورد في مثل ذلك في حديث الكساء الشهير } (1).
فهذه الأسرار وهي كما ذكرنا في جزئنا الأول أنها جامعة إلى أسرار النبوة والإمامة، وبالتالي فهي تحمل اسرار الكون وما فيه، وتحمل كل أسرار الأئمة وعلومهم، ليكون انها أنها تحمل اسرار الخلقة وفلسفة الحياة.
وهناك الكثير من الآراء التي ذهبت بالقول أن الأئمة يشاركونها في حمل هذا السر الإلهي المكنون، وخير مصداق على ما نقول هو ما جاء في الزيارة الجامعة " السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ.. "ولكن هذا لن يكون مانعاً لأن تختص الزهراء(عليها السلام) بأسرار تنفرد بها، وخاصية تكون لها وحدها، وهذا الأمر معروف ويقره عامة المسلمين عموماً، وعن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: { يا سلمان من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي، ومن أبغضها فهو في النار، يا سلمان حب فاطمة ينفع في مائة موطن أيسر تلك المواطن الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه، ومن رضيت عنه رضي الله عنه، ومن غضبت عليه فاطمة غضبت عليه، ومن غضبت عليه غضب الله عليه، يا سلمان ويل لمن يظلمها ويظلم ذريتها وشيعتها } (2).
ونقول في ان السر الإلهي الذي استودعه الله سبحانه وتعالى في الصديقة الزهراء(عليها السلام) هو لا يمكن إدراكه والالمام به، وكل ما يقوم به العلماء والباحثين إلا فرضيات واحتمالات تحوم هو السر الإلهي المكنون، ولكن نقول أن الزهراء(عليها السلام) هي المستودع الجامع لهذه الأسرار الإلهية من النبوة والإمامة، وهو يعطي أكبر دليل على علو وسمو مكانتها بين الخلق أجمعين.
7 ـ من ضمن الاحتمالات في مفهوم السر المستودع السر المستودع، هو العلوم الربانية المودعة في فاطمة (عليها السلام) حيث كانت المحدثة من قبل الملائكة، ومن أحد القابها الحادثة المحدثة، ومن المعروف أن الشيعة وعلماؤها يتحدثون عن أنها لها مصحف يعرف بمصحف فاطمة، هذا المصحف قد توارثه أئمتنا المعصومين(عليهم السلام)، فيكون هناك احتمال أن يكون هذا المصحف هو السر المودع في الزهراء(عليها السلام).
والحقيقة أن مصحف فاطمة قد جرى فيه الكثير من اللغط والقاء الشبهات عليه، وقد هذا جرى هذا التشنيع من قبل النواصب حيث يدعون الكذب في ان الشيعة يعتبرون ان مصحف فاطمة هو القرآن بدل القرآن الموجود حالياً والمنزل من الله سبحانه وتعالى. والحقيقة أنه
وهذه ليست المرة الوحيدة التي يشنع فيها على الشيعة ومذهب أهل البيت وسوف لن تكون الاخيرة لأنه مادام هناك النواصب والنفس الأموي والحقد الفين على أهل البيت سوف يستمر مسلسل التشنيع على المذهب وفي كل مفردات المفاهيم الشيعية ومن ضمنها مصحف فاطمة حيث زعموا أنه قرآن غير القرآن الكريم والقصة هذه هي قد ظهرت مع ظهور بنو أمية على المسرح التاريخي وكان من أهم شيء لهذه الشجرة الملعونة هو التعرض لأئمة أهل البيت ومن قبل الأجداد للنواصب عبر التاريخ وهم أنهم قد تقولوا بأن مصحف فاطمة هو قرآنا غير القرآن الكريم وهو تعرض يقيم على مبدأ الحسد والغيرة والغيض على أئمة أهل البيت لما خصهم الله سبحانه وتعالى من منزلة عظيمة وحب من قبل الناس، ومن هنا نجد أن الأئمة(عليهم السلام) ودفعاً لهذه الشبهة الحاقدة والرد على هذه الفرية قد أكدوا وبالغوا على أن مصحف فاطمة ليس قرآناً وليس فيه ما يمت الى القرآن بأي شيء كما يدعي الحاقدون و خصماء أهل البيت. ولكي نقف على الحقيقة سوف نتابع ما يلي
(مصحف فاطمة) في الأحاديث الشريفة
وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عبد الصمد بن بشير، عن فضيل [بن] سكرة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا فضيل أتدري في أي شيء كنت انظر قبيل؟ قال: قلت: لا، قال: ( كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام ليس من ملك يملك الأرض الا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه وما وجدت لولد الحسن فيه شيئا. ولو لاحظنا الحديث لأمام جعفر الصادق فهو يقول كتاب فاطمة ولم يقل مصحف كما يدعي النواصب فأذن هو كتاب او حتى مصحف فيه علوم الأولين والأخرين اخبرتها بها الملائكة لفاطمة بعد موت أبيه(ص) وتم تدوينها من قبل الأمام علي(ع). فكيف أذن يكون هو قرآن بدل القرآن العظيم وليس فيه أي قول لله سبحانه وتعالى ولا فيه اي آيات قرآنية تنسب لهذا المصحف ) (3).
من أقوال كبار علماء الشيعة الإمامية في حقيقة مصحف فاطمة عليها السلام
العلامة العسكري (4)
" وأقام بعض الكتاب أيضا ضجة مفتعلة أخرى على أصحاب مدرسة أهل البيت وقالوا بأن لهم قرآنا آخر اسمه "مصحف فاطمة (ع)" وذلك لان كتاب فاطمة سمي بالمصحف، والقرآن أيضا سمي من قبل بعض المسلمين بالمصحف، مع أن الأحاديث تصرح بان مصحف فاطمة ليس فيه شيء من القرآن، وإنما فيه ما سمعته من أخبار من يحكم الأمة الإسلامية، حتى أن الإمام جعفر الصادق لما ثار محمد وإبراهيم من أبناء الإمام الحسن (ع) على أبي جعفر المنصور قال: " ليس في كتاب أمهم فاطمة اسم هؤلاء في من يملك هذه الأمة"
وفي مدرسة الخلفاء سموا كتاب سيبويه في النحو بالكتاب.
أضف إلى ذلك إن لفظ "المصحف" لم يرد في القرآن ولا الحديث النبوي الشريف.
وورد تسمية القرآن بالكتاب في القرآن في قوله تعالى:
{ ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ }(5).
{ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ }(6).
{ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ }(7).
{ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ }(8).
{ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ }(9).
إلى عشرات آيات أخرى.
مع هذا لو قال أحد أن كتاب سيبويه حجمه ضعف كتاب الله، لم يقصد أن كتاب سيبويه قرآن أكبر من كتاب الله، ولم يعترض على هذه التسمية من أتباع مدرسة أهل البيت أحد.
وأخيرا إن هذه الأقوال يستفيد منها خصوم الإسلام ويتخذون منها وسيلة للطعن في القرآن، بصر الله بعض الكتاب ليكف عن هذا الهذيان.
إن القرآن الذي بأيدي المسلمين اليوم، هو الذي أكمل الله إنزاله على خاتم أنبيائه في أخريات حياته، وجمعه الصحابة بعد وفاته ودونوه واستنسخوه ووزعوه على المسلمين. أوله: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين"، وآخره: "من الجنة والناس"، لم يكن في يوم من الأيام منذ ذلك العصر إلى يومنا هذا قرآن بيد مسلم، يزيد على هذا المتداول كلمة أو ينقص كلمة. لا خلاف في ذلك بينهم.
وإنما الخلاف في تفسير القرآن وتأويله ومتشابهه، وذلك لأنهما مأخوذان من الحديث وقد اختلف المسلمون في شأن حديث رسول الله (ص)....".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ الجنة العاصمة: ١٤٨، مستدرك سفينة البحار: ٣ / ٣٣٤ عن مجمع النورين: ١٤، عن العوالم: 44.
2 ـ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٧ - الصفحة ١١٦. منشورات المكتبة الشيعية. ايضاح دفائن النواصب: 39 فيه: ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين عليا ويل لمن يظلم ذريتها وشيعتها. فاطمة الزهراء (عليها السلام) سرّ الوجود (لـ عادل العلوي). ص 60. منشورات مكتبة الأبحاث العقائدية.
3 ـ كتاب الكافي للشيخ الكليني ج 1 ص 238 – 242.
4 ـ معالم المدرستين - السيد مرتضى العسكري - ج 2 - ص 32 – 34.
5 ـ [ البقرة: 2 ].
6 ـ [ البقرة: 85 ].
7 ـ البقرة: 89 ].
8 ـ [ البقرة: 129 ].
9 ـ البقرة: 151 ].
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2