في لحظة واحدة ودعت عائلة الشيخ حيدر الزيداوي "ابو ليث" اربعة من ابنائها بحادث مروع عندما صعقت الكهرباء هؤلاء الابناء وهم ينشرون سجادة غسلوها تحضيرا للشروع بالخدمة الحسينية واستقبال زوار الإمام الحسين عليه السلام، وفجعت العائلة الحسينية في اليوم الثاني بفراق الطفل الخامس عندما فقدت الام جنينها وهو في الشهر الخامس، الكل كان يتوقع انهيار الاب والام او ارتكابهم لافعال لا ترضي الله ورسوله، الا انهم تماسكوا بكل صلابة وعادوا للخدمة الحسينية بعد ثلاثة ايام واستقبلوا الزائرين في بيتهم، وكلاهما يقول ابنائنا فداء للحسين عليه السلام.
حسينيون منذ الطفولة
بدأ "ابو ليث" الخدمة الحسينية منذ نعومة اظفاره في حي الجمهورية بموكب علي الاكبر عليه السلام منذ عقود، وكان يرافق والده وابوه وجده وعمه في الشعائر الحسينية، وحتى في الايام التي تلت الانتفاضة الشعبانية استمروا بالخدمة رغم مضايقات الاجهزة القمعية للنظام الدكتاتوري المباد، التي كانت تلاحقهم فيختبئون في بيوت البصرة، ويتذكر موقفا كان السبب في تعلق قلبه بشدة بالحسين عليه السلام، عندما تعمد احد جلاوزة البعث على وضع كمية كبيرة من ملح الطعام في قدر يعد فيه الطعام للزائرين لافساده، لكن كرامة الله للحسين عليه السلام حولت الطعام الى الذ ما يكون.
وبعد سقوط النظام قام بتاسيس اربع مواكب للخدمة الحسينية مع اصدقائه واقربائه، وربى اولاده الذكور ليث الطالب في الثاني متوسطة وحسن الطالب في الرابع الابتدائي على الخدمة الحسينية في المواكب من البصرة الى الجبايش في الناصرية والنجف الأشرف واطراف كربلاء المقدسة ثم السير الى المرقدين الطاهرين على الاقدام، اما بناته رقية 17 عام الطالبة في المتوسطة وزينب الطالبة في الصف الثالث الابتدائي فيرافقن امهن في المجالس النسائية، وبعد ان ينهون الخدمة يذهبون الى الامام الحسين واخيه ابي الفضل عليهم السلام شاكرين وحامدين على التوفيق للخدمة الحسينية.
الحادثة المروعة
يروي الزيدي الحادثة بقوله "ان ما حصل لي شيء غريب فزوجتي الحامل بالشهر الخامس لا تستطيع الحركة وحملها فيه مخاطر فقمت بإقفال باب السطح حتى لا تصعد الام، وعند قدوم شهر محرم الحرام قام ابنائي وبناتي من تلقاء انفسهم بالصعود الى السطح وغسيل سجاد يفرش في الموكب ونتيجة محاولتهم نشرها على ستارة البيت ارتطمت باسلاك الضغط العالي وتعرضوا الى صعقة كهربائية اردتهم موتى بالحال فيما اسقطت الام الطفل الخامس الذي كان جنينا في احشائها في اليوم الثاني"، ويضيف خلال حديثه لوكالة نون الخبرية، انه "لمدة ساعة تعرضت الى صدمة مروعة اوقفت عقلي وتفكيري وبدأت هواجس ارتكاب افعال لا ترضي الله تراودني، وبعدها تجاوزت الصدمة وتسلمت جثث اولادي ووضعتها بيدي في التوابيت وخاطبت الإمام علي عليه السلام "يا مولاي هؤلاء اولادي فداء للحسين والزهراء، ولو انجبت مثلهم لفديتهم"، وما زاد من عزيمتي وإصراري على الصبر هو مكالمة وردتني من رجل دين من النجف الاشرف وحينها سألته "هل ما جرى لي من فقد اولادي هو عقاب الهي ام تقصير كبير"؟، فكانت الإجابة التي هزت كياني "وهل كان فقد الحسين لاولاده واخوته وابناء اخيه هو عقاب الهي"، واردف المتكلم "الحسين اعطى كل شيء لله فاعطاه الله كل شيء"، فانت اعطيت اولادك للحسين فانتظر الكرامة والعزة، لذلك تجدني صلبا متماسكا غير جزوع، فباشر بعمله بالخدمة الحسينية بعد ثلاثة ايام من وقوع الحادث لان بيته مقر لمبيت الزائرين القادمين من المحافظات المجاورة، وعاد للعمل في موكبه بعد انطلاق مسيرة الزائرين من البصرة الى كربلاء المقدسة، مؤكدا ان طريق الإمام الحسين عليه السلام يجب ان نقدم فيه التضحيات تلو التضحيات.
مثلي أم البنين
الركن الثاني من هذه العائلة هي ام الاولاد الخمسة، تلك المرأة المستبصرة "أم حسن" التي كان لهول الصدمة عليها تداعيات خطيرة افقدها جنينها الذي في احشائها في اليوم الثاني، ورغم الفقد ومرارة الفراق الذي حولها الى كتلة من الحزن والاسى، الا انها ما زالت صابرة محتسبة تردد باستمرار "السلام على أم البنين"، واستمرت تستقبل ضيفاتها المعزيات بكل جلادة وصبر ووقفت بينهن وهي تقول، كلنا فداء للحسين عليه السلام، لن انثني وسأصبر كما صبرت سيدتي زينب الكبرى عليها السلام واتحمل كما تحملت السيدة ام البنين ولو رزقني الله بخمسة ابناء آخرين لقدمتهم قرابين لابي عبد الله عليه السلام، فما نحن الا خدام للحسين اختارنا الله ليختبر صبرنا ويبلونا ليكون لنا شفعاء من ذريتنا التحقت بقافلة الإمام الحسين عليه السلام وهنيئا لمن التحق بهذه القافلة.
قاسم الحلفي - البصرة
تصوير ـ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)
- عمرها يتجاوز (500) عام :مهنة "رواف الملابس" اندثر سوقها في بغداد وتسير نحو الانقراض (مصور)
- بدأ براية ورجُلين :موكب رايات البصرة الحسيني يسير (22) يوما رافعا (30) راية (مصور)