حجم النص
بقلم:احمد الجنديل
عند اشتداد الخطوب ، وتلاحم الفتن ، واصطكاك المحن ، وشيوع مظاهر السجود والركوع لغير الله ، لابدّ من الكتابة بقلم الرصاص ، والاستغناء عن الأقلام الوردية المذهبّة التي لا تصلح الا لكتابة رسائل العشق والغرام ، في بلد نسي أهله كل ألوان العشق ، وباتوا يلهثون وراء لقمة العيش ، ويحلمون بالأمن والأمان .
وعندما تحمل الوجوه أكثر من لون ، والألسنة أكثر من قول ، والأقدام أكثر من درب ، لابدّ لقلم الرصاص أن يطلق النيران على الذين لا يملكون السيادة على رؤوسهم وألسنتهم وأقدامهم .
الرماديون الذين يوزّعون ألسنتهم بين الخنادق والفنادق ، وينشرون رؤوسهم بين المخابئ والملاجئ ، ويزرعون أقدامهم وسط المسافات ، ليتاجروا في وطن الجريمة المنظمة ،والفوضى الهدامة ، بعدما كان وطن السلام ، ومهبط الأنبياء ، ومهد الحضارات .
الأفاعي التي تستبدل جلدها كلّ يوم ، وتخلع ثوبها كلّ صباح ، وتتغنى بشعارات المثل العليا في مباغي أصحاب السياسة الخرقاء ، لابدّ لقلم الرصاص من توسيع فوهته عليهم ، ولابدّ لمن يحمل صدقه وعشقه للعراق ، أن يجسده من خلال تصديه لهذه الرطانة السياسية المبتذلة التي يراها ويسمعها ، ومن لم يملك قلم الرصاص فعليه أن يكتب بالحبر الثوري ، فان لم يستطع فبالاحتجاج والصراخ ، فان لم يملك كلّ هذا ، فعليه التحلي بالصمت ، ويكرم الجميع بالسكوت .
وعندما يتمادى الصغار ، ليطال انحرافهم وحدة واستقلال وسيادة العراق ، فعلى أقلام الرصاص أن تستبسل بغضب ، وتصوّب بدقـّة ، وتقول بوضوح أكثر ، لاغية بذلك كلّ المواقف الرمادية التي ابتلى بها هذا الوطن العظيم ، فالعراق لا يعرف غير الأبيض والأسود ، أن تكون مع الوطن أو ضدّه ، وفيّا له أو غادرا به ، أمّا الذين أدمنوا على ممارسة الانتهازية ، وركبوا طريق التوفيقية تحت غطاء العقلانية ، الذين يتظاهرون بالوطنية كذبا وزورا نهارا ، ويزنون بها ليلا ، واضعين الخطوط الحمراء هنا وهناك ، لم يدركوا بعد أن جميع خطوطهم الحمراء لا ترتقي إلى جناح بعوضة أو عطاس أرنب صغير.
منذ أن صيّر الله العراق موطنا للأنبياء والأولياء والصديقين والشهداء ، وحباه بكل هذه الرعاية الربانية ، أصبح وطن الجميع دون استثناء ، وهو لسان حال الجميع ، أمّا الذين أخذتهم العّزة بالإثم ، فعليهم أن يعلموا جيدا بان الطحالب لا تصبح أشجارا مثقلة بالثمار ولو سقيتها بالعسل ، والجداول الصغيرة لا تصير بحارا ولو منحتها مياه المحيطات ، والثعالب تبقى ثعالبا ولو امتلأت بالسمنة ،، والعراق يبقى وسيبقى عراقا عصيّا شامخا أبيا رغم كل هذا العدد الكبير من الانتهازيين .
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي